النينجا والخيال شبه الأسطوري
أنتوني كومينز أنتوني كومينز

النينجا والخيال شبه الأسطوري

هل تعرفون المغاوير؟ وهل تعرفون الجواسيس؟ إنّ النينجا، أو الشينوبي «shinobi» اليابانيون هم مغاوير وجواسيس في ذات الوقت. وهم شخصيات معروفة من عالم القتال والتجسس، يحتلّ ذكرها الحدّ الفاصل بين الواقع والخيال.

تعريب: عروة درويش

رغم هذا الوضع نصف الأسطوري، فإنّ النينجا حقيقيون، وهم جزء مكمل لآلة حرب الساموراي التي بدأت من وقت مبكر من العصور الوسطى وحتّى القرن السابع عشر، ويسهل التعرّف عليهم مثل أيّ قسم آخر في الحرب. تظهر الأبحاث بأنّ النينجا كان يتم استخدامهم في أدوار متعددة: وكلاء لتنفيذ بروباغندا معينة وصائدو جواسيس ووحدات مغاوير ومنفذو عمليات أفراد وعملاء شرطة جرمية وماسحو أراضي وكشافون متقدمون وحرس مخيمات وقلاع عسكرية وجواسيس تقليديين بكل تأكيد. كان يتم عزلهم عن بقية الوحدات العسكرية، ويعفون من واجبات الخدمة اليوميّة تبعاً لنشاطاتهم الليليّة.

تملك اليابان تاريخاً طويلاً من استخدام الأقنعة لإخفاء الهوية، وما نظنّ بأنّه «قناع النينجا» قد كان موجوداً في معظم مدن اليابان وبلداتها. كانت تستخدم مثل هذه الأقنعة من قبل المسؤولين الرسميين من أجل تمييزهم عن العامة، والمقامرين عند وصولهم إلى أماكن القمار، والأزواج غير الأوفياء في أحياء المتعة في المدينة.

بأي حال، لم يكن النينجا من بين هؤلاء الذين يضعون الأقنعة. في الحقيقة، ورغم أنّ دليل النينجا بات موجوداً منذ العصور الوسطى وصاعداً، فليس هناك فيها أيّ ذكر للأقنعة. في نسخ الدليل هذه، تشير الأدلة إلى أنّ الأوجه كانت مرئية. تشير التعليمات الواردة في هذا الدليل إلى أنّ على النينجا أن يخفوا وجوههم بكمهم، وتذكر استخدام عصابات رأس بيضاء ليتعرف أعضاء وحدات النينجا على بعضهم في الليل، وكذلك استخدام مشابك شعر يقال بأنّ لها قدرات سحرية.

وتشير الكتابات أيضاً إلى استخدام دروع معدلة لا تظهر صوتاً في الغزوات الليلية. وكان يجب ارتداء ثياب فضفاضة عند التسلل إلى مجمع منازل، وملابس سوداء عندما يكون القمر هلالاً، وثياباً ملونة عندما يكون القمر بدراً، وثياباً عاديّة عند التحرّك بين الحشود بشكل مكشوف بين الحشود. ويجب على العميل أن يعتمد التمويه عندما يتقمص هوية أخرى، مثل هوية تاجر أو رجل دين أو متسول.

الصورة الرائجة للنينجا اليوم هو أنّه كان يرمي الشوريكن «Shuriken» وبالمعروفة بالعاميّة: «النجوم الحديدية» أو «نجوم النينجا»، ولكنّ هذه الأشياء لا صلة لها بالأدوات التاريخية. الشوريكن هو بالفعل سلاح ياباني كان موجوداً في فترة نشاط النينجا، لكنّه غير مذكور ببساطة في الدليل، لا هو ولا السيف الأيقوني ذو النصل المستقيم الذي ينتهي بمقبض مربع. إنّ النصل المستقيم (أو شبه المستقيم لتفادي الجدل) والمقبض المربع كانا موجودان في اليابان، لكن لا ذكر للنينجاتو الشهير أو سيف النينجا.

عوضاً عن ذلك، وكجزء من طبقة الساموراي، استخدم النينجا الأسلحة الرائجة في زمانهم، مع أدوات تسلل خاصة بهم. ويشمل ذلك أدوات النشر والمفاتيح وقالعات الأظافر والحفارات والعواميد المعدنية والكماشات والمجزات وخالعات الأقفال ومثبطات الصوت والأحذية التي لا صوت لها والأضواء الخافتة والمجسات وأدوات قفل الأبواب والغاز المنوم. علاوة على ذلك، صنع النينجا واستخدموا البارود والألغام الأرضية والقنابل اليدوية والمشاعل المضادة للمياه والسهام الحارقة ومعدات القياس ومساعدات العوم والسلالم القابلة للطي والجسور والمشاعل الفردية والرموز السريّة والأختام.

  • روايات النينجا:

أتت بعض أكثر روايات النينجا إثارة للذهول من التايكي «Taiheiki»: تاريخ اليابان في العصور الوسطى. تصف ملحمة القرن الرابع عشر الحرب بين شوغون أشيكاغا تاكوجي من كيوتو في الشمال، وبين الإمبراطور الياباني غو-دايغو في يوشينو في الجنوب.

يعلن الجزء عشرين من التايكي: «في إحدى الليالي، وبينما كان الجو عاصفاً وماطراً، استغلّ مورانو ميزة الطقس وأرسل [أحد النينجا الممتازين – إيتسو مونو نو شينوبي 逸物ノ忍] ليتسلل إلى هاتكايمان ياما ويشعل النار في البناء».

ويتابع المجلد 24: «قاد حاكم شوغونته العسكري: سوزوكي نيودو، مائتي رجل مسلح في غزوة ليلية، ووصل على شيجوميبو، من الجهة التي كان فيها [النينجا النشيط – كوكيو نو شينوبي 究竟ノ忍] يختبئ. هؤلاء الجنود (النينجا) في المجمع السكني لم يبالوا بالحياة أو الموت، ومضوا إلى قمّة البناء. وبعد أن نفذت منهم جميع رماحهم، قاموا بالانتحار (هاراكيري يابورو).

لكن استغرق الأمر حتّى عهد إيدو (1603-1868) حتّى انتشر ذكر النينجا على طول اليابان. يعتبر دليل الغونبو جيوشو، الذي كتب عام 1612 وتمت مراجعته عام 1619، مرجعاً موثوقاً بحق عن الحياة داخل جيش الساموراي في فترة الحرب، حيث تمّ تعريف الشينوبي بشكل واضح، وتمّ اعتبارهم جزءاً من آلة الحرب المعاصرة.

يقع على عاتقنا أن نعرض حقيقة النينجا اليابانيين. فالنينجا ليسوا أولئك العملاء غير المصنفين اجتماعياً الذين يؤدون مهام يأبى الساموراي «الشرفاء» القيام بها. بل هم ساموراي أصيلون يتدربون على الدعاية والتجسس وإحباط التجسس وعلى تكتيكات المغاوير، وكان موقعهم داخل الجيش الياباني واضحاً ومفهوماً بما يكفي.

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني

آخر تعديل على الأحد, 26 أيار 2019 20:40