يقودها «والي داعش» في الساحل أبو أيمن العراقي  «غزوة الخير» في «ولاية الخير»: الصراع على النفط
عبد الله سليمان علي عبد الله سليمان علي

يقودها «والي داعش» في الساحل أبو أيمن العراقي «غزوة الخير» في «ولاية الخير»: الصراع على النفط

ليست دير الزور، إنها من اليوم فصاعداً «ولاية الخير» بناءً على قرار أصدره تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) غيّر بموجبه اسم المحافظة من دير الزور إلى «ولاية الخير»، كما فعل منذ أسابيع بالنسبة إلى محافظة الحسكة، حيث غير اسمها أيضاً ليصبح «ولاية البركة».

وإذا كان تغيير اسم الحسكة قد تزامن مع متغيرات كبيرة طرأت على المدينة، سواء لجهة المعركة الضخمة التي شنتها وحدات الحماية الشعبية الكردية في تشرين الثاني الماضي، ضد الفصائل الإسلامية، وتمكنت خلالها من استعادة السيطرة على عشرات القرى في ريف مدينة رأس العين، أو لجهة تبدل الولاءات حيث قام «أمير جبهة النصرة» في الحسكة أبو أحمد الشامي بالانشقاق عن «النصرة» ومبايعة امير «داعش» أبي بكر البغدادي وكذلك فعل «أمير النصرة» في رأس العين أبو عبد الله، كذلك على ما يبدو فإن تغيير اسم مدينة دير الزور يشي بمتغيرات قد لا تقل أهمية عن تلك التي حدثت في الحسكة.
فقد تزامن تغيير اسم دير الزور، مع إطلاق ما تعتبره مصادر مقربة من تنظيم «داعش» بأنه أكبر معركة تشهدها أرض الشام يقوم بها فصيل واحد، والمقصود «غزوة الخير» تيمناً باسم الولاية الجديد، والتي تؤكد المصادر أنها معركة شديدة الأهمية بالنسبة الى «داعش» رغم عدم الاهتمام الإعلامي بها.
وتستدل المصادر، التي تحدثت إلى «السفير»، على أهمية هذه المعركة، علاوة على حشد «داعش» ما يزيد عن ألف «مجاهد» (وهو رقم كبير بالنسبة الى فصيل واحد) مزودين بأسلحة ثقيلة وصواريخ ودبابات ووحدات من الانتحاريين «الانغماسيين»، بأن أحد أبرز قادة هذه المعركة (أو الغزوة كما تسميها المصادر) هو «والي داعش» في الساحل السوري أبو أيمن العراقي، الذي أصبح أشهر من نار على علم بعد قيامه بقتل القيادي في «الجيش الحر» كمال حمامي (أبو بصير)، وزادت شهرته بعد محاولته قتل القائد السابق لـ«كتائب الهجرة إلى الله» أبو رحال والمعركة العنيفة التي شنها منذ أسابيع قليلة على مقرات «الجيش الحر» في ريف اللاذقية.
ويعتبر أبو أيمن العراقي، إضافة إلى منصبه «كوالٍ لداعش» في الساحل السوري، أحد أهم الأركان التي يقوم فيها «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، بل هو من المؤسسين لهذا التنظيم في سوريا، ومن أوائل من أرسلهم أبو بكر البغدادي إلى سوريا مع أبي محمد الجولاني لتأسيس «جبهة النصرة لأهل الشام».
والمعلومات عن أبي أيمن العراقي قليلة، ولكن المعلومات التي حصلت عليها «السفير» من مصدر مقرّب منه، تؤكد أنه كان من أبرز قيادات «الدولة الإسلامية» منذ سنوات عديدة، وأنه تولى في العراق إمرة العديد من «الولايات»، من بينها ولاية خطيرة كان يقتل كل والٍ يعين عليها، إلا أبو أيمن فقد أنهى فترة إمرته عليها من دون أن يقتل، خلافاً للتوقعات، حيث يروي المصدر عن لسان أبي أيمن أنه عندما تم تعيينه على هذه الولاية سمع من يقول: أخيراً أبو أيمن شهيد. كما كشف المصدر لـ«السفير» أن أبا أيمن العراقي محكوم في العراق بثلاثة أحكام غيابية، جميعها تقضي عليه بالإعدام، وهو ما يشير إلى خطورة الرجل من جهة وأهميته في «داعش» من جهة أخرى.
وإذا أخذنا بالاعتبار أن تواجد «داعش» في محافظة دير الزور ليس بالقوة التي تمكنه من حشد ألف «جهادي» لخوض معركة بشكل منفرد من دون الاستعانة بأي فصيل آخر، يكون الأقرب إلى الصحة ما ذكرته المصادر بأن تنظيم «داعش» اضطر إلى إلغاء معركة كانت مقررة في الساحل السوري، إلا أن الخسارة التي منيت بها الفصائل الإسلامية في الفترة الماضية، بدءاً من صدد ومهين إلى قارة ودير عطية والنبك، دفعت «داعش» إلى التفكير بأفضلية معركة دير الزور لتعويض خطوط الإمداد والاتصال التي خسرها في المنطقة الوسطى، وهو ما تطلب منه، نظراً لقلة أعداده في دير الزور، الاستعانة بعناصره في الساحل. كما تشير المعلومات إلى أن أعداداً أخرى جرى حشدها من كل من الرقة وحلب لخوض معركة «غزوة الخير».
ورغم أن الإعلان عن «غزوة الخير» ذكر أنها تستهدف معاقل «النظام الأسدي» في دير الزور، وأهمها كتيبة الصاعقة ومستودعات الأسلحة في عيّاش والإذاعة والجحيف واللواء 137، إلا أن المعطيات المتوافرة تشير إلى أن هذه المعركة لا يمكن فصلها عن سياق التنازع والصراع على آبار النفط، والذي تفاقم في دير الزور خلال الشهر الماضي. ومن المتوقع أن تكون هذه المعركة غطاءً من ناحية، وبوابةً من ناحية ثانية، لتدخل «داعش» في الصراع على النفط بشكل عملي وعلني، بعد أن قضى الفترة الماضية وهو يراقب «جبهة النصرة» التي قامت، من خلال هيمنتها على «الهيئة الشرعية» في دير الزور، بالاستيلاء على أضخم آبار النفط وموارد الطاقة الأخرى كالغاز.
يؤكد ذلك أن «الهيئة الشرعية» التي تهيمن عليها «جبهة النصرة» في المقام الأول و«أحرار الشام» في المقام الثاني، أصدرت بياناً حازماً أهدرت فيه دم كل من يعتدي على آبار النفط. وجاء هذا البيان بعد سيطرة «الهيئة الشرعية» على أهم تلك الآبار وأضخمها، مثل بئر خشام وبئر العمري.
وقد كانت حدثت واقعة لها دلالتها، حيث قام «والي داعش» في دير الزور عامر الرفدان، منذ حوالي ثلاثة أسابيع، باعتراض رتل مسلح تابع لـ«جبهة النصرة» وإيقافه في مكانه لمدة أكثر من ساعتين، مع الاعتداء على أحد أعضاء «الهيئة الشرعية» بالضرب والشتائم. وقد وصف الرفدان «الهيئة الشرعية» بأنها «هيئة شركيّة» لا تطبق شرع الله، ما اعتبر آنذاك إنذاراً لـ«جبهة النصرة» بأنها تجاوزت الخطوط الحمراء في اندفاعتها غير المحدودة للسيطرة على النفط والاستفراد بخيرات «ولاية الخير».
وقد أشارت المصادر إلى أن انتداب أبي أيمن العراقي لهذه «الغزوة»، لا يخلو من مؤشر مهم على إمكانية التصادم مع بعض الفصائل الإسلامية في حال نجاح «الغزوة» وتمكنها من الوصول إلى آبار النفط، لأن أبا أيمن معروف بشخصيته القاسية والقوية، وقد خبرته الفصائل في الساحل، ورأت كيف أنه يقتل قادتها بيده وسلاحه من دون الاستعانة بأحد، ولا الخوف من أحد.

المصدر: السفير

 

معلومات إضافية

المصدر:
السفير