احتدام الصراع بين العمال والفلاحين والحكومة التركية
ترجمة: نور طه ترجمة: نور طه

احتدام الصراع بين العمال والفلاحين والحكومة التركية

لا تزال سياسة خصخصة الشركات العامة في تركيا جاريةً منذ ما يزيد على عقدين من الزمن، وقد وقفت الطبقة العاملة التركية في وجه محاولات الخصخصة هذه وناضلت ضدها لفترة طويلة. هذا وقد تسببت كل من الهجمات على حقوق العمال ومحاولات إفقارهم بقيام رد فعل صارم من الطبقة العاملة التي تشكل حوالي 64% من مجموع قوة العمل في تركيا.

ففي عام 2013، ظهرت إلى السطح قضية خصخصة محطتي توليد الطاقة الحرارية «ياتاغان» في محافظة موغلا و«كاتالاجزي» في مقاطعة زونجولداك، حيث قام عمال هذه المحطات في حينها إلى جانب العاملين في مناجم الفحم التابعة للدولة - والذين كانوا يزوّدون المحطتين بالفحم اللازم لعملها - بسلسلة طويلة من الاحتجاجات لمجابهة موضوع الخصخصة. ويعود سبب اشتراك عمال الفحم في هذه الاحتجاجات إلى التوقعات التي ترجّح تخلّي هذه المحطات – بعد خصخصتها – عن استخدام الفحم المحلّي الذين ينتجونه، الأمر الذي من شأنه تخفيض الطلب عليه وبالتالي انخفاض إنتاجه.
ومن الجدير بالذكر هنا أن حزب العمّال التركي وقف ومنذ البداية إلى جانب نضالات هؤلاء العمال، حيث أطلق الحزب في آب/أيلول من العام الجاري حملة تهدف إلى دعمهم وتأييدهم، كما قامت منظمة حزب العمال في مقاطعة زونجولداك في 28 أيلول بتنظيم مسيرتين مناهضتين للمحاولات الرامية لخصخصة المحطتين المذكورتين.

 


تجميع الأراضي على حساب الفلاحين الصغار


وفي السياق النضالي هذا، لا بدّ من ذكر الركيزة الثانية من ركائز الحركة العمالية التركية، ألا وهي الحركة الفلاحية الصاعدة والمتنامية. فما يزال حوالي 40٪ من سكّان تركيا يقطنون في المناطق الريفية، ولا يملك قسم هام من فلاحي تلك المناطق أية أراضٍ. لا بل إن الكثير منهم ليس لديهم حتى سجل الأراضي التي تقوم منازلهم عليها، حيث يعيش هؤلاء الفلاحون ويعملون في أراضٍ تعود للملّاك الكبار ولا يكاد عملهم هذا يكفيهم قوت يومهم.
هذا وقد برز تطور هام في قضية هؤلاء الفلاحين في عام 2013، حيث تم تمرير قانون ينص على توحيد الأراضي الزراعية، وكان الهدف منه تجميع الأراضي الفلاحية المتفرقة بغية زيادة إنتاجية المناطق الريفية، ولكن طريقة تنفيذ حكومة حزب العدالة والتنمية لهذا القانون أدت إلى تنمية نفوذ الملّاك الكبار وتقويتهم. فقد ادّعى هؤلاء الملّاك بأن الأراضي الفلاحية الصغيرة المراد تجميعها تعود لهم، وحصلوا بالتالي على سجّلاتها عبر استخدام أدلة مزوّرة.

 


حزب العمال التركي في طليعة النضال


ورداً على هذا التصرّف، انتفض الناس في عدة قرى في مناطق مختلفة كديار بكر وأورفا للمطالبة بحقوقهم، وبدأ الفلاحون صراعاً قانونياً ضد تطبيق الإجراءات التي تصب في مصلحة الملّاك. وقد دفع هذا الحراكُ الفلاحيّ إلى إصدار أمر قضائي بوقف تجميع الأراضي نظراً للظلم الذي سيعانيه الفلاحون في حال تنفيذه. هذا وقد أطلق الفلاحون في إطار احتجاجاتهم شعاراتٍ عديدة أهمها شعار «نريد أرضنا» إضافةً لقيامهم بتأسيس جمعية «الفلاحون المُعدَمون». وكخطوة ثانية بعد تأسيس الجمعية، فمن المتوقع أن يُجري الفلاحون الذين لا يمتلكون أراضي جلسة علنية للمطالبة بحقوقهم. وهنا لا بدّ من التنويه إلى الدور الذي لعبه حزب العمال في قضية الدفاع عن الحقوق الفلاحية، حيث بادر الحزب للوقوف جنباً إلى جنب مع الفلاحين المُنتفضين في مختلف المناطق التركية، وساهم بدعمهم على الصُعد كافةً ولا سيما في الإطار القانوني والتنظيمي، دون أن ننسى بالطبع الدور الهام الذي لعبته كل من صحيفة «أيدينليك» وقناة «أولوسال» في قولبة وحشد الرأي العام التركي لنصرة قضية الفلاحين.

 


*عن موقع (حزب العمال) التركي