كلّ شيء متصل ومتشابك
فيجاي بارشاد فيجاي بارشاد

كلّ شيء متصل ومتشابك

كتب فيجاي برشاد مقالاً تناول فيه التشابك والارتباط الحتمي بين القضايا التي تبدو مختلفة في الظاهر. وأبرز ما جاء فيه:

تعريب وإعداد: عروة درويش

كتب غرامشي في عام 1931 رسالة إلى جوليا شوشوت التي كانت تعيش في موسكو، سرد فيها قصّة تذكرها من طفولته في القرية في جزيرة سردينيا. تتحدث القصّة عن طفل نام وكأس الحليب في يده، فاستيقظ فكانت الفأرة قد شربت الحليب. وقد حاولت الفأرة أن تحضر له حليباً بديلاً عن الذي شربته، فذهبت إلى الماعز وطلبت منها بعض الحليب، فوعدتها الماعز بمنحها الحليب إذا ما جاءت لها ببعض العشب. لكنّ المرجة كانت يابسة بفعل الجفاف. ولهذا كان على الفأرة أن تحصل على الماء من البئر، لكنّ البئر كانت مدمرة بفعل الحرب. ولهذا كان على الفأرة الحصول على بعض الحجارة من الجبل لتعيد بناء البئر، ولهذا توجهت بنفسها إلى الجبل. لكنّ الجبل كان قد جُرّد من نباتاته وأشجاره بقطعها ووقف عارياً إلّا من التراب.

شرح الفأر مشكلته للجبل، ووعده بأنّ الطفل عندما يكبر فسيصبح غير بقيّة البشر وسيعيد زراعة النباتات التي قطعت من الجبل. حفّز هذا الوعد الجبل فمنح الفأر الحجارة وعمّر البئر وسقى المرجة وأطعم العنزة العشب. وعندما كبر الطفل زرع النباتات في الجبل، وبدأت الأشجار والنباتات الجديدة تغيّر المناخ وتمنع انجراف التربة، وبهذا عاد النهر للجريان وعادت المرجة خضراء ...الخ.

تظهر لنا قصّة الفأرة والجبل أنّ كلّ شيء متصل بعضه ببعض. وتثبت لنا قصص أخرى ذات العبرة.

كانت سلمى عمر خان، إحدى الناشطات في قضايا التمييز الجنسي في مومباي في الهند. أرادت سلمى بناء ملجأ لـ«المضطهدين جنسياً الأكبر سناً». وهذا قادها بسرعة إلى النظر إلى التمييز على أساس الجنس، ثمّ إلى الفقر والضعف المرتبطان بكبار السن. لا يوجد قضيّة منفصلة عن الأخرى هنا، فالقضايا الفرعية تصبّ في قضايا أخرى كالفقر والهرميّة الاجتماعية بكافة أنواعها.

أدركت التريندادية الشيوعية كلوديا جونز ذلك في عام 1949 عن هذا الارتباط. فالقمع يطال النساء ذوات الأصل الإفريقي في الولايات المتحدة، ويجب النظر إلى هؤلاء النسوة كعاملات وكنساء وكأمريكيات من أصل إفريقي. يجب إدراك خصوصية القمع الذي تتعرضن له كما كتبت جون. فأيّ نقاش عن هؤلاء النسوة بأنّهن سوداوات سوف يفتح الباب بشكل حتمي على الارتباطات الأخرى التي يجب النظر إليها، وإلى الجوانب العديدة المرتبطة بهويّة هؤلاء النسوة.

وكما أشار تقرير «أوكسفام» عن اللامساواة الاقتصادية قبيل مؤتمر دافوس. إنّ ثروة أصحاب المليارات قد ازدادت بنسبة 2.5 مليار دولار أمريكي بشكل يومي. وذلك في ذات الوقت الذي تقلصت فيه ثروة 3.8 مليار إنسان، وهم نصف عدد سكان الكوكب، بنسبة 11%.

وذات التقرير الذي ربط اللامساواة بالفقر، ربط اللامساواة بالتمييز الجنسي. حيث تتحمل النساء عبء تقلّص حصّة الفقراء من الثروة في العقود الماضية. فكما أشار تقرير أوكسفام: «إنّ أعمال الرعاية غير المأجورة التي تقوم بها النساء على طول الكوكب، كانت لتجني لو قامت بها شركة واحدة سنوياً 10 ترليون دولار سنوياً، أي 43 ضعف ما تجنيه شركة آبل».

ولهذا وفي النهاية فإنّ كلّ شيء مرتبط بعضه ببعض بشكل متشابك.