تجنّب النزاع في شمال-شرقي سورية
International crisis group International crisis group

تجنّب النزاع في شمال-شرقي سورية

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني

 

تعريب: عروة درويش

مالجديد؟

كان قرار ترامب مفاجئاً، لكنّه كان مسبوقاً بتحذير بأنّ وجود القوات كان فقط بسبب المساهمة في حملة هزيمة داعش. قال ترامب بأنّ المهمة قد تمّت، وذلك رغم أنّ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» لا يزال ناشطاً في كل من سورية والعراق.

لماذا الأمر مهم؟

لم تترك الولايات المتحدة الساحة السياسية لانسحابها دون تهيئتها لنزاع جديد. فـ«حلفائها» الذين يقاتلون داعش، وعلى رأسهم بعض مقاتلي التنظيمات الكردية، سيكونون طيعين إمّا لهجوم القوات السورية أو الجارة تركيا. إنّ نشوب مثل هكذا نزاع سوف يكون له عواقب مدمرة وسيزوّد داعش بفرصة لإعادة تجميع نفسها.

مالذي يجب فعله؟

على الولايات المتحدة أن تضغط على تركيا كي لا تهاجم الأكراد الذين تقودهم قوات سورية الديمقراطية قسد. ويجب أن يشجّع هذا الأمر قسد على التوصّل لصفقة مستقرّة مع الحكومة السورية حيث تنسّق روسيا بالتوازي مع ذلك مع قسد والنظام وتركيا. إنّ منح المزيد من الوقت من قبل واشنطن، ومهما كان محدوداً، سيسمح بخروج طبيعي للولايات المتحدة.

  • نظرة عامّة:

في 19 كانون الأول، بعد أيام على حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره التركي رجب طيب أروغان. أعلن المسؤولون الأمريكيون بأنّ الولايات المتحدة بدأت بسحب قواتها العسكرية ومرافقيهم المدنيين من شمال شرق سورية. ترامب أخبر أردوغان عن نيته، لكن بالنسبة لجميع الباقين كانت هذه الأخبار مفاجئة، وبالنسبة للكثيرين خطرة جداً. فإن تمّت هذه الخطوة بشكل مفاجئ فستخاطر بترك الفوضى عقب تحقيقها. فالشريك لواشنطن في محاربة داعش، وعمادهم المقاتلون الأكراد، سيكونون طيعين أمام هجوم القوات السورية، أو الجارة تركيا التي تعتبرهم إرهابيين. كما أنّ نشوب مثل هذا النزاع قد يزود داعش بالمساحة التي تحتاجها لتعيد تجميع نفسها.

لم يكن من الحكمة مطلقاً أن يبقى الوجود العسكري الأمريكي لا نهائياً في شمال شرقي سوريا كما صرّح المسؤولون الأمريكيون سابقاً. لكن إن كان للولايات المتحدة أن تسحب قواتها فيجب أن تضمن أن شركائها قوات سوريا الديمقراطية «قسد» يمكنهم أن ينجو دونها. ومن وجهة النظر هذه فإنّ الولايات المتحدة لم تهيئ الأرضيّة السياسية التي كانت لتسمح بانسحابها بشكل مسؤول.

ومع وصول الولايات المتحدة إلى المراحل الأخيرة في حملتها ضدّ داعش، فعليها أن تضغط على تركيا كي لا تهاجم القوات الكردية وأن تسهّل بالتزامن مع ذلك الوصول لصفقة متوازنة بين قسد والنظام السوري. لن يكون الأمر سهلاً. تمّ تجميد المباحثات التي حصلت في بداية العام بين ممثلين عن شمال شرق سوريا ودمشق بعد رفض النظام الامتثال لمطالب اللامركزية والحكم الذاتي. قد يصبح مركز النظام التفاوضي أقلّ مرونة أكثر بعد إعلان الولايات المتحدة عن مغادرتها، حيث تضمن بأنّ حمايتها العسكرية لها ستنتهي.

لكن رغم ذلك، يجب أن يثير الانسحاب القريب للولايات المتحدة الحاجة الماسّة لعقد اتفاق ما، اتفاق يعيد للدولة السوريّة السيادة على شمال شرق سورية، ويحرّك القوات السورية إلى الحدود مع تركيا مدعومة من روسيا، حيث أنّ حصول هذا سيهدأ المخاوف الأمنية التركية ويمنع شنّها هجوماً على قسد، ويسمح بدرجة معينة من الحكم الذاتي للأكراد. في الأشهر الماضية لم تقم الولايات المتحدة بتشجيع قسد على التوصّل لمثل هكذا اتفاق، وهو الموقف الذي يجب أن يتغيّر الآن. تحتاج قسد إلى المساحة والوقت اللازمين للتفاوض بشكل جدي مع دمشق. سيكون البديل لذلك نزاعاً متفلتاً بين قسد والأتراك والقوات السورية، ليكون له عواقب إنسانيّة مدمرة ويعيد الحياة «لداعش».

  • الهزيمة الدائمة:

إنّ قرار ترامب بسحب القوات العسكرية من سوريا هو آخر تأرجح جامح في سياسة الولايات المتحدة في سوريا خلال فترة رئاسته، حيث قاوم طاقم الأمن القومي للولايات المتحدة بشكل متكرر نزعة الرئيس لتفادي انخراط مفتوح المدّة في الشرق الأوسط. Until Trump’s about-face حصر هؤلاء المسؤولون الوجود العسكري للولايات المتحدة «بالهزيمة الدائمة» لداعش، وهو الأمر الذي يتطلب تبعاً لتعريفهم الواسع تغييراً جوهرياً في النظام السياسي السوري وخروج القوات المؤتمرة بأمر إيران من سوريا. أعاد ترامب الآن تأكيد أقواله، قكتب تغريدة على تويتر صباح 19 كانون الأول يعلن فيها عن الانسـحاب: «لقد هزمنا داعش في سوريا، وهو السبب الوحيد لوجودنا هناك أثناء فترة رئاستي».

انعطف الرئيس ترامب أوّل مرّة بسياساته – دون معرفة وزارة الخارجة أو البنتاغون – أثناء الاتصال الهاتفي مع الرئيس رجب طيب أردوغان في 15 كانون الأول. قامت تركيا خلال الشهر الماضي بتصعيد الضغط على واشنطن بسبب وجود القوات الأمريكية في شمال-شرق سوريا. لقد بات واضحاً لأنقرة بأنّ «الهزيمة الدائمة» تعني لواشنطن الرعاية المستمرّة لقسد ودعم جسمها الإداري المسيطر على إقليم تواجدها. تقود وحدات حماية الشعب «YPG» قسد، وهي التشكيل السوري لحزب العمّال الكردستاني «PKK» الذي أشعل تمرداً في تركيا منذ عقود. وعليه تعتبره أنقرة منظمة إرهابية وأيّ دعم له من قبل الولايات المتحدة هو أمر لا يمكن التسامح به. عندما نشرت الولايات المتحدة نقاط مراقبة على طول الحدود السوريّة-التركيّة في تشرين الثاني الماضي، والتي ادعى المسؤولون الأمريكيون بأنّها تهدف لحماية تركيا من عمليات التهريب على الحدود، استشاطت أنقرة غضباً واعتبرت هذا التحرّك عملاً عدائياً يهدف لحماية عدوها الأزلي: «البه.كي.كي».

في 12 كانون الأول، أعلن اردوغان أنّ القوات التركية سوف تتدخل في سوريا «خلال أيام». قرع هذا الإعلان نواقيس الخطر في واشنطن. حذّر البنتاغون أنّ مثل هذا الهجوم على شمال شرق سوريا سيعتبر «غير مقبول». عندما تحدّث ترامب مع إردوغان في 15 كانون الأول، توقّع المسؤولون الأمريكيون أن يقوم بالتأكيد بشدّة على هذه الرسالة، لكنّه لم يفعل. بل صدم طاقمه حين ألمح إلى أنّ الولايات المتحدة سوف تنسـحب قريباً من سوريا. ليلخّص المزاج السائد بين البعض، وقد أشار مسؤول رفيع المستوى إلى الانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة منذ عقود من فيتنام، والذي علّق: «لم يتم استخدامي لأترأس سايغون أخرى».

ورغم أنّ الأمر مذهل، فإنّ قرار ترامب لم يكن مفاجئاً. فقد شدّد دوماً على أنّ اهتمامه بسورية محصور بهزيمة داعش. في آذار 2018، فقد قوّض التزامه السابق بالبقاء لوقت غير محدود من خلال الإعلان بشكل غير مسؤول بأنّ الولايات المتحدة ستسحب قواتها من سورية «قريباً جداً». وقد فضّل أثناء المشاورات الداخلية اللاحقة أن ينسحب من سوريا حتّى لو عنى ذلك ترك فراغ، كما حذّر مساعدوه، سيتمّ ملؤه من قبل روسيا وإيران.

في الأشهر التالية لذلك، قام الطاقم الأمني لترامب بإقناعه، بمساعدة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، بالبقاء في سوريا كجزء من الاستراتيجية الواسعة «لأقصى ضغط» على إيران. لكنّ هذا الاعتبار قد تعارض مع تفضيلاته الصلبة الأساسية.

في الحقيقة، فإنّ خطّة إدارة ترامب لاستخدام الوجود العسكري الأمريكي في شمال-شرق سوريا للحدّ من النفوذ الإيراني كانت أولاً غير واقعية (لأنّ بضعة آلاف عسكري أمريكي لن يحدثوا فرقاً واضحاً في تأثير إيران) وثانياً غير عملي. كما أنّه خاطر بإحداث تصعيد خطير مع النظام السوري وحلفاءه. وإعلان الانسحاب قد حلّ بشكل جدلي هذه المشكلة المحتملة.

لكن إن كان بمقدورها حلّ بعض المشكلات، فكذلك بمقدورها خلق مشكلات أخرى. فإن أخذنا بالاعتبار الحديث عن «الهزيمة الدائمة» لداعش، فربّما ضخّ المسؤولون الأمريكيون الحياة فيها من جديد. فإن أثار الانسحاب السريع اشتباكاً مفتوحاً بين قسد والنظام السوري والقوات التركية، فقد تستغلّ داعش الفوضى الناشئة لتعود للساحة. والأكثر سخرية هو أنّ توسيع مفهوم «الهزيمة الدائمة» لداعش لتشمل تشكيلة من الأهداف الغامضة ذات الصلة ضمن إطار زمني غير محدود، بدلاً من وضع هدف منفصل والتخطيط لخروج ناجح، قد جعل مسؤولي الولايات المتحدة يفوتون الفرصة لتأمين مكاسب الحملات ضدّ داعش بعد الانسحاب. ولكنّهم وضعوا الولايات المتحدة في مأزق انسحاب فجائي مشوّه يزيد من خطر جعل هزيمة داعش تكون جزئية.

 

  • خيانة الأكراد، من جديد

إنّ الأثر السيء والسريع لإعلان الولايات المتحدة الانسحاب هو ترك قاطني الشمال الشرقي، حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين في الحملة المضادة لداعش، قوات قسد التي يقودها الأكراد، في حالة من الترنّح.

شاركت قسد خلال الأشهر الماضية في مفاوضات على الإدارة المستقبلية والترتيبات السياسية مع النظام السوري، وذلك رغم عدم نجاحها. دعت الملاحظات التي تحدّث فيها ترامب في آذار 2018 عن مغادرة الولايات المتحدة قسد إلى بدء المفاوضات مع دمشق. قامت في تموز وآب لجنة مدنية مرتبطة بقسد بلقاء مسؤولين من الحكومة في العاصمة السورية، وكانت روسيا وراء الكواليس تلعب دور الوسيط. لكنّ المفاوضات سرعان ما وصلت إلى طريق مسدود. اقترحت دمشق إجراء تعديلات طفيفة على الإدارة المدنية المحلية ضمن بنية النظام المحلية، بينما أصرّ الممثلون المرتبطون بقسد على المفاوضة على الدستور السوري وعلى المزيد من اللامركزية المحليّة. في هذه الأثناء، حالما قررت إدارة ترامب (كما بدا) البقاء إلى أجل غير مسمى، وأكّد المسؤولون الأمريكيون لشركائهم في قسد بأنّ الولايات المتحدة باقية، ليحرروهم من أيّ ضغط للوصول إلى اتفاق. قام المسؤولون الأمريكيون بتغيير النبرة من التفاوض مع النظام، وثبطوا قسد عن الاستمرار في المحادثات.

والآن بات على قسد أن تتابع المباحثات بجديّة، وذلك رغم كونها في موقف أضعف بكثير. إنّ الروابط التاريخية لـ «YPG/PKK» مع دمشق قد تساعد في المفاوضات قدماً، لكنّ الطريق المسدود الذي وصلوا إليه فيما مضى بيّن الهوّة الكبيرة بين ما أرادته قسد وما ترغب دمشق بمنحه. يجب إغلاق هذه الفجوة حيث أنّ الوصول إلى اتفاق سيمنع الهجوم التركي على قسد.

إنّ لكلا الجانبين أسباب للوصول إلى الاتفاق. وقسد متلهفة أكثر دون شك للاتفاق، فهي الطرف الذي يواجه احتمال الاجتياح التركي في مكان ما على طول الجبهة الشمالية الطويلة. إنّ أنقرة واثقة بشكل مبرر بأنّها قادرة على سحق قسد المحرومة من دعم جيش الولايات المتحدة بعد الانتصار الساحق على «YPG» في وقت مبكر من هذا العام في عفرين، الجيب الواقع في محافظة حلب السورية والذي فيه تضاريس وعرة أكثر صعوبة. لكن دمشق أيضاً بحاجة للتوصل لاتفاق. فدون التوصل لاتفاق يخاطر النظام في خسارة المزيد من الأقاليم لصالح تركيا. فسوريا لا تزال تعترض على سلخ تركيا لاسكندرون الساحلية عن سوريا في 1938. فمنذ عام 2016 استولت تركيا على المزيد من المناطق في حلب لتسبق تقدّم «YPG» على طول الحدود الشمالية لتركيا ووضعت قوات تركيا في نقاط مراقبة على التلال المحيطة بمحافظة إدلب. لا يزال مبهماً موعد مغادرة القوات التركية. بالنسبة للنظام، فإنّ الاجتياح التركي لشمال-شرقي سوريا قد يعني فقدان الأراضي السورية الغنيّة بالنفط والقمح لأجل غير مسمّى.

لا يملك المسؤولون الأتراك الكثير من الثقة بقدرة أو برغبة النظام السوري في تأمين الحدود السورية التركية وتحييد ما تراه أنقرة تهديد «YPG/PKK». تابعت تركيا في عفرين أعمالها العدائية رغم دخول وحدات من القوات شبه العسكرية الموالية للنظام في القتال إلى جانب «YPG». ورغم ذلك فإنّ نشر قوات الجيش السوري على طول الحدود الشماليّة-الشرقيّة قد يجعل تركيا تفكّر مرتين. فتركيا قد لا تكون مستعدة لمهاجمة قوات جارتها العسكرية ذات السيادة، وخاصة إن وضعت روسيا هذه القوات تحت حمايتها.

يمكن للولايات المتحدة أن تلعب دوراً مفيداً في كبح جماح تركيا بينما تتفاوض قسد مع دمشق. تتمتع الولايات المتحدة بميزة قسرية على تركيا، مثل العقوبات التي فرضتها على تركيا من أجل إطلاق القسّ أندرو برونسون. لكن إدارة ترامب قد فعلت ما يكفي لإصلاح العلاقات الثنائية مع تركيا، وذلك يشمل الإجراءات مثل «خارطة طريق منبج»، والآن الانسحاب مه شمال-شرقي سوريا، من أجل إظهار النوايا الحسنة. بعد إعلان ترامب قال اردوغان بأنّه سيؤجل أيّ عمل عسكري جديد.

رغم ذلك، فإنّ الدعم الروسي للاتفاق هو ما يكون أمراً حاسماً. إنّ تركيا في موقع جيّد لأخذ كلا المخاوف السورية والتركية في الاعتبار، حيث أنّها تؤيد إعادة سيادة دمشق على كامل الإقليم، وكذلك تملك مصلحة في الحفاظ على روابط قويّة مع أنقرة. في مسألة عفرين لم تكن روسيا متحمسة لدعم عودة رمزية للنظام ستترك «YPG» هم المسيطرين الفعليين ولا يهدأ من مخاوف تركيا الأمنية. هذه المرّة قد يكون الأمر مختلفاً: فمثلما فعلت روسيا مع إسرائيل والأردن في الجنوب الغربي من سوريا في بداية هذا العام، فقد تعمل تجاه حلّ يعيد بشكل حقيقي الشمال-الشرقي إلى سيطرة النظام ويهدأ المخاوف الأمنية التركية. فبالنسبة لجيران سوريا الذين لا يملكون علاقات فاعلة مع النظام السوري، تبدو روسيا مؤهلة لتلعب دور الوسيط مع دمشق.

أمّا إن كانت روسيا راغبة بالحديث نيابة عن قسد فهي قضيّة أكثر صعوبة. في الشمال الغربي، سهّلت روسيا عودة النظام السوري: حيث نشرت شرطة عسكرية، وتوسطت بين سلطات الدولة والسكان المحليين، وتوسطت لإطلاق سراح المعتقلين. لكنّ هذا لم يوقف النظام أو يمنع الدولة السورية عن ممارسة سلطاتها السيادية على المواطنين السوريين. وتبعاً للعلاقات مع قسد، فقد تكون روسيا مهتمة بترتيب شروط مميزة لهم تحت سلطة النظام المستعادة، ولكن شروط مميزة محدودة، الدليل إليها هو الماضي.

ورغم ذلك، فإنّ مصالح روسيا سيتم خدمتها عبر مساعدة الكرد السوريين. إنّ هدف روسيا الأول في سوريا هو إعادة سلطة الدولة السورية على كامل الأراضي السورية. إنّ لديها الحافز لمنع تركيا من الاستيلاء على المزيد من البلاد، ويشمل ذلك الشمال-الشرقي، والتوسط لترتيب ما مع قسد يسمح للنظام بالعودة ضمن أقلّ عنف ممكن. إنّ قيامهم بذلك سيسمح لهم بالقول بأنّهم ساعدوا القوى الثلاثة وبالتالي توطيد موقعهم الإقليمي: سوريا عبر السماح لها باستعادة سيادتها، وتركيا عبر تحجيم السلطة الكردية ومنعهم من السيطرة على الحدود التركية، والكرد من خلال تجنيبهم الهجوم العسكري ضدهم.

  • نتيجة:

إنّ الانسحاب الأمريكي من سوريا ليس بالضرورة قراراً خاطئاً، أو صاعقاً لنزاع مدمّر. إنّ كيفيّة حصول هذا الانسحاب هو الأمر المهم في الحقيقة. ورغم أنّ انعطافة 180 درجة لا يمكن استبعادها، يبدو بأنّ ترامب قد وضع الولايات المتحدة في مسار مغادرة سوريا، لكنّ التفاصيل تبقى غير واضحة. قد يكون هناك بعض المرونة في التحرّك، فأيّ وقت إضافي ولو كان محدوداً يمكنه أن يسمح لحلفاء الولايات المتحدة أن يتحضروا بشكل جيّد لخروجها.

ومهما كان ما تبقى من وقت، فإنّ على الولايات المتحدة أن تفعل أقصى ما بوسعها للضغط وإقناع تركيا بألا تبدأ عملاً عسكرياً ضدّ المناطق التي تسيطر عليها قسد، بينما تسمح للمفاوضات بين دمشق وقسد أن تجري. قاتلت قسد بدلاً عن الولايات المتحدة لطرد داعش التي ألهمت ونظمت هجمات حول العالم، من مناطقها. إنّ ترك قسد سيترك أثراً سلبياً دائماً على قدرة الولايات المتحدة على حشد شركاء مناهضين للإرهاب، وهذا سيكون خاطئاً.

كما على روسيا أن تستخدم الوقت الذي لديها لضمان ألّا تتطور حقبة ما بعد الولايات المتحدة إلى فوضى. على روسيا أن تبدأ المحادثات مع تركيا والنظام السوري وقسد، بهدف التأثير على انتقال في السلطة في شمال-شرقي سوريا يجنب الجميع العنف. إنّ هذا الانتقال سيتطلب على الأغلب عودة قوات النظام السوري إلى الحدود السورية التركية وكذلك الترتيب لمنح الكرد السوريين حكماً ذاتياً.

آخر تعديل على الأربعاء, 26 كانون1/ديسمبر 2018 20:00