هل تكون أفريقيا ساحة تعاونية؟
لو جي شيا لو جي شيا

هل تكون أفريقيا ساحة تعاونية؟

أعلن مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية، تيبور ناجي في الآونة الأخيرة عن وشك اعلان الحكومة الامريكية عن أحدث نسخة من استراتيجيتها تجاه أفريقيا. و " تركز الاستراتيجية على الاستثمار الأمريكي وخلق فرص العمل في القارة الافريقية، وإنها أكثر ازدهارا ونفعا لأفريقيا بالمقارنة مع الاستثمارات الصينية". وأعتقد أن أفريقيا لا تحتاج في الوقت الحاضر الى جميع أنواع "الاستراتيجيات"، وإنما بحاجة الى نموذج التعاون البراغماتي وطريق للتنمية.

لا يمكن تجاهل مساهمة الصين في التنمية الاقتصادية لإفريقيا في العقود القليلة الماضية. وقد واصلت الصين منذ خمسينيات القرن الماضي تقديم المساعدات للبلدان الافريقية في مجالات الزراعة والتعليم والصحة والبنية التحتية، وتشمل بناء مراكز لتعليم التكنولوجيا الزراعية في البلدان الافريقية، وارسال الخبراء الزراعيين، ومساعدة لبناء مشاريع البنية التحتية في افريقيا، ارسال فريق طبي، وكذلك مساعدة بناء المدارس الابتدائية والثانوية وتنفيذ "برنامج المواهب الافريقية".

كما أظهرت استثمارات الصين والمساعدات الاقتصادية لإفريقيا اتجاهاً تصاعدياً كبيراً في السنوات العشر الماضية. وشهدت التجارة الثنائية بين الصين وافريقيا تطورا مستمرا، وأصبحت الصين الآن أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وخلال هذه العملية، خلقت الصين عددا كبيرا من فرص العمل للبدان الافريقية. وأخذ الحديقة الصناعية الشرقية في إثيوبيا كمثال على ذلك، حيث تستخدم 36 شركة لصناعة الاحذية والملابس والصلب، يعمل بها أكثر من 6000 عامل محلي.

يجب الاعتراف بأن الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل من المساعدات لأفريقيا، وساهمت في تنمية افريقيا. خلال الفترة 1946-2016، بلغ اجمالي المساعدات الاقتصادية الامريكية للدول الافريقية أكثر من 141.5 مليار دولار، عرض اتجاه نمو ثابت. ومن خلال نموذج المساعدات، لعبت الولايات المتحدة دورا ايجابيا في تطوير الصحة والتعليم والرعاية الصحية والزراعة في البلدان الأفريقية.

تقف الصين بموقف إيجابي للدعم والتأييد العالمي الذي يمكن تعزيز تنمية افريقيا. وبطبيعة الحال الصين ليس لديها أي اعتراض على تحقيق أمريكا أملها في زيادة التوظيف في افريقيا من خلال المجهودات الجديدة، وتعزيز التنمية في افريقيا. ومع ذلك، تأمل الولايات المتحدة في التنافس مع الصين من خلال " الاستراتيجية الافريقية" الجديدة، وتستخف من الأهمية الإيجابية للتعاون الصيني ـ الافريقي حتى قبل تنفيذ هذه الاستراتيجية وعدم معرفة مدى فعاليتها، هذا غير مناسب.

التعاون بين الصين والدول الأفريقية (بما في ذلك المساعدات والاستثمار والتجارة، إلخ) ليس مرحب به على نطاق واسع في المجتمع الأفريقي فحسب، وإنما تم تقييمه من قبل أمريكا ضمن دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وتدرس العديد من الدول المتقدمة تجربة التعاون الصيني الافريقي لأكثر من عقد من الزمان، واستمرار التعاون الثلاثي بين الصين والمملكة المتحدة وأفريقيا في الزراعة والصحة منذ أكثر من خمس سنوات. ويجب ألا تكون افريقيا ساحة تنافسية لجميع الاطراف للتنافس على مصالحا الخاصة سواء للصين أو امريكا او المجتمع الدولي. وأن لكل بلد مزاياها الخاصة يمكن أن تعلب دورا مهما في التعاون بدلا من الصراع في تنمية افريقيا.

في الواقع، بغض النظر عن طريقة المساعدات أو محتوى المشاريع التي توجهها الصين وامريكا واوروبا لأفريقيا يمكن أن تشكل تكملة فعالة. حيث أن الفجوة في تطوير البنية التحتية والزراعة والصحة والتعليم في البلدان الافريقية ضخمة، ويمكن لبلدان أخرى مثل الصين والولايات المتحدة توفير موارد وخبرات مختلفة لأفريقيا حسب مراحل تطور كل منها. وقد اثبتت الممارسة أن مرحلة التطور الصينية قررت بأن تجربة التنمية في الصين تتركز على مجال كثافة العمال بدلا من كثافة الراس المال، ومرنة بدلا من جامدة، ما يعتبر أكثر تطابقا مع واقع ممارسات التنمية الافريقية.