أين ذهبت «الحرية الغربية»؟
بول كريغ روبرتس بول كريغ روبرتس

أين ذهبت «الحرية الغربية»؟

كان جيلي هو آخر الأجيال التي عرفت الخصوصية، فقد عشنا معظم حياتنا «حرين».

إن الأسئلة الدخيلة التي تقيدنا كل يوم، حتى عندما نفعل شيئاً بسيطاً مثل الإبلاغ عن اتصال هاتفي أو الاتصال بالإنترنت أو الاستفسار عن رسوم بطاقة الائتمان، كانت غير مسموحة. أتذكر في الماضي عندما كنا نتصل بشركة خدمات، كان يتم الرد على الهاتف بعد ثلاث رنات على الأكثر، ويتحدث معك شخص حقيقي، يمكنه حل المشكلة خلال بضع دقائق دون طلب أي معلومات خصوصية. 

اليوم، وبعد نصف ساعة من أصوات المجيبات الآلية التي تطرح أسئلة تطفلية، قد تحصل على اتصال مع شخص حقيقي في مكان ما في آسيا، يخضع لسيطرة مثل هذا النظام الصارم من القواعد. ويمكن أن تستمع إلى الإعلانات لمدة نصف ساعة أخرى بينما أنت تنتظر مشرفاً يعدك بدراسة الموضوع.

عندما تدخل الانترنت ستتعرض إلى الكثير من الأسئلة الشخصية. ووفقاً للتقارير ستقوم الأفران والثلاجات والميكروويف بالإبلاغ عنا في المستقبل. وهذا ما تفعله السيارات الحديثة الآن بالفعل. 

لنفكر في قضية "جوليان أسانج" لدقيقة. لم يرتكب أي خطأ، ولا توجد اتهامات ضده، لكنه لا يستطيع الخروج من السفارة الإكوادورية في لندن دون أن تقبض عليه الشرطة البريطانية وتسلمه إلى واشنطن التي تعتزم مقاضاة "أسانج" بتهمة الخيانة بالرغم من أنه ليس مواطناً أمريكياً، بل مواطناً أسترالياً وإكوادورياً.

ماذا فعل أسانج؟ لم يفعل شيء سوى ممارسة عمله الصحفي. ومشكلته الوحيدة هي أن صحافته أحرجت واشنطن، وتعتزم الآن على الانتقام. 

لا وجود واضح للقانون، فتقوم المملكة المتحدة باختراق جميع القوانين المعروفة بما فيها قوانينها من خلال الاحتجاز القسري لأسانج. 

تعتزم الولايات المتحدة على القبض على أسانج، دون الاعتماد على القانون. ولا تملك وسيلة لذلك سوى الخروج عن القانون. 

بعبارة أخرى فإن العالم الأنجلو أمريكي غير شرعي تماماً. 

في العالم الرقمي، لا داعي لأن تحرق الكتب، فقط الضغط على زر واحد كفيل بجعل المعلومات تختفي.

كما يمكن الحصول على أي معلومة من مختلف المواقع.

وأصبح من الممكن ليس فقط سرقة هوياتنا، بل يمكن أيضاً محوها. وهذا ما يجعل القتل سهلاً، واعتبارك لم تكن موجوداً. 

كما قلت سابقاً وسوف أقول مرة أخرى، العالم الرقمي والذكاء الصناعي يجري تطويعهما ليصبحا كارثة على البشرية أكثر من أي وقت مضى، ويمكن أن تتسببا بدمار الجنس البشري.

آخر تعديل على الجمعة, 28 أيلول/سبتمبر 2018 00:09