جعجعة أمريكية بدون طحين في المحيطين الهندي والهادي
صحيفة «الشعب» الصينية صحيفة «الشعب» الصينية

جعجعة أمريكية بدون طحين في المحيطين الهندي والهادي

ألقى وزير الخارجية الأمريكي، بومبيو، على هامش منتدى أعمال منطقة المحيطين الهندي والهادئ الذي عقد مؤخرا، كلمة تحدث فيها عن الإستراتيجية الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ. كما أعلن عن أن بلاده ستستثمر 113 مليون دولار في مشاريع الطاقة والتكنولوجيا الرقمية والبنية التحتية في المنطقة لتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص. وقال بأن هذا الرقم، هو "الدفعة الأولى" من الوعود الأمريكية لدعم السلام والازدهار في منطقة المحيط الهندي والهادئ. في حين رأى بعض المحللين أن خطة الاستثمار الأمريكية، لا تستهدف المصالح الاقتصادية فحسب، بل تخدم كذلك استراتيجياتها الجيوسياسية.

مستقبل أمريكا في آسيا المحيط الهادي

قال بومبيو: "تعد منطقة المحيطين الهادي والهندي واحدة من أكبر محركات الاقتصاد العالمي المستقبلي. كما أن جزءا كبيرا من مستقبل الاقتصاد الأمريكي سيتركز هنا. وان تعميق المشاركة في المنطقة يتماشى مع المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة".

قبل ذلك، وفي أبريل 2013، أشار صامويل لوكلي، القائد السابق لقوات البحرية الأمريكية بالمحيط الهادي، إلى أن بلاده ستوسع أهمية منطقة "الهند- آسيا-المحيط الهادئ" في إستراتيجيتها العالمية، من المفهوم التقليدي لـ"آسيا-المحيط الهادئ" إلى "منطقة المحيطين الهندي والهادئ".

وفي نهاية عام 2017، أصدر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ثلاث وثائق رئيسية: "استراتيجية الأمن القومي"، و"استراتيجية الدفاع الوطني"، "تقييم الوضع النووي"، لتقديم الدعم النظري لإستراتيجية" منطقة المحيطين الهندي والهادي".

" لقد استبدل ترامب، استراتيجية إعادة التوازن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي طرحتها إدارة أوباما، "بـ" استراتيجية منطقة المحيطين الهندي والهادئ"بعد توليه السلطة. رافعا بذلك هذه المنطقة، من المفهوم الجغرافي إلى المفهوم الإستراتيجي، ثم وضع أفكاره حيز التنفيذ." تقول الباحثة المساعدة، في المعهد الصيني للدراسات الدولية، تانغ تشى فانغ.

"إن الهدف الأهم بالنسبة للولايات المتحدة، هو الحفاظ على نظام عالمي يتمركز حولها. وهذا يتطلب منها أولا الحصول على مكانة مهيمنة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. والنظر إلى المحيط الهندي والمحيط الهادئ كمجال استراتيجي موحد، ماسيساعدها على إعادة بناء ميزان قوى جديد في آسيا، يكون تحت سلطتها. تقول الأستاذة تشو كوي بينغ، مديرة معهد الأبحاث الإستراتيجية لمنطقة المحيط الهادي والمحيط الهندي، بجامعة يونان للمال والاقتصاد.

البحث عن علاقات الشراكة

تؤكد استراتيجية منطقة المحيطين الهندي والهادئ، التي وضعها بومبيو على "علاقات الشراكة". حيث قال: "إن مشاركتنا في التعاون الإقليمي تهدف إلى الشراكة وليس السيطرة". "إن الولايات المتحدة لا ولن تسعى أبداً للسيطرة على المحيطين الهندي والهادئ في المستقبل. وستعارض كل دولة تحاول القيام بذلك".

"يهدف موقف بومبيو إلى التخفيف من مخاوف دول المنطقة. حيث أن تطبيق سياسة أمريكا أولا، والإنسحاب من اتفاقية الشراكة العابرة للمحيط الهادئ، والصراعات التجارية مع الصين، جعل هذه الدول تخشى من أن تكون أمريكا بصدد إتباع طريق غير محسوبة العواقب." تقول رن جينغ جينغ، نائب الأمين العام لمركز دراسات الأمن الإقليمي التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية.

من جهة أخرى، ترى تانغ تشى فانغ " ان الولايات المتحدة بصدد جذب دول منطقة المحيطين الهندي والهادئ، لبناء نظام أمنى واسع يتمركز حول الولايات المتحدة. وهي سياسة لا تختلف جوهريا عن استراتيجية آسيا والمحيط الهادىء، التي طرحتها الإدارة الأمريكية في عهد أوباما". 

وتعتقد تشو كوي بينغ أن "الولايات المتحدة تسعى لإقامة منظومة تحالف استراتيجي وشبكة شراكة استراتيجية تمتلك فيها زمام الهيمنة. لكنها في ذات الوقت، هي غير قادرة على تحمل المزيد من التكاليف الناجمة عن التحالف. لذلك، من الضروري بالنسبة لها، أن تكسب دول جنوب شرق آسيا، وتجعلهم يشاركونها تكلفة النظام الإقليمي باعتبارها قلب النظام. وهو خيار يبدو منطقيا."

خيبة أمل

رغم وعود الطمأنة الأمريكية، إلا أن ذلك لم يمنع من ظهور الأصوات المشككة في الخطة الإستثمارية التي أعلنها بومبيو. وتعليقا على قيمة الإستثمارات التي خصصتها أمريكا للمنطقة، قال دانيال راسل، وهو دبلوماسي سابق بوزارة الخارجية الأمريكية: "بصراحة، إن تقديم 113 مليون دولار فقط، من التمويل للمنطقة بأسرها، يعد أمرّا مخيبا للآمال بعض الشيء".

"لا يزال من غير الواضح مدى جاذبية خطة ترامب الإستثمارية بالنسبة للبلدان الواقعة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. خاصة وأن حجم ونطاق الخطة الإستثمارية محدودان. كما أن سياسات ترامب المتقلّبة، تزرع الشك في مدى إستقرار وإستمرار هذه الخطة. " تقول رن جينغ جينغ.

من الجانب الصيني، رحّب قنغ شوانغ، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية بخطة الاستثمار الأمريكية، خلال مؤتمر صحفي عقده مؤخرا وقال إن "العمل أهم من الكلام ". فمهما يكن حجم الوعود الأمريكية، يبقى المهم، هوالجهود والإسهامات التي يمكنها أن تدفع بإندماج ونمو المنطقة.