أوروبا والصين... المصلحة الاقتصادية فوق الجميع
«الشعب» الصينية «الشعب» الصينية

أوروبا والصين... المصلحة الاقتصادية فوق الجميع

التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ في 16 يوليو الجاري، بأربعة ضيوف أجانب، هم على التتالي: رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود جونكر، والمدير العام لمنظمة اليونسكو أودري أزولاي، ورئيس البنك الدولي كيم مين جونغ. ممثلين عن"أوروبا" و "الاتحاد الأوروبي" و "الأمم المتحدة" و "العالم". حيث أعربوا جميعا، لدى إلتقائهم الرئيس شي، عن دعمهم لحماية المبادلات التجارية متعددة الأطراف.

يمثل جونكر وتوسك تباعا كل من أوروبا والاتحاد الأوروبي. وقد أشارا إلى أن الاتحاد الأوروبي والصين ملتزمان بالتعددية، ويدافعان عن حماية النظام الدولي القائم على القواعد، وإلى ضرورة معالجة العلاقات بين الدول على أساس الاحترام المتبادل، وتحسين النظام التجاري وفقا للإتفاقات متعددة الأطراف. أما أزولاي، الممثلة عن منظمة اليونسكو، فأشارت إلى موجة الإنعزالية والأحادية المتصاعدة في العالم، في الوقت الحالي. ودعت المجتمع الدولي إلى التمسك بالإنفتاح والشمولية والحوار، وأكدت على أن ذلك يعد محورا هاما في الحوكمة العالمية. من جهته، أشار كيم مين جونغ الممثل عن البنك الدولي، إلى أن سياسات الإنغلاق باتت غير مواكبة لعصر العولمة الذي يتقدم بإستمرار، وأن على الجميع التقيّد بالقواعد. وعبر البنك الدولي عن تأييده للدور الصيني في دعم التجارة متعددة الأطراف والعولمة الإقتصادية، ودعم مقترح زيادة ميزانية البنك الدولي وإصلاح حقوق الأسهم.

لم يعبر الضيوف عن هذه الآراء بسبب تواجدهم في الصين، بل لأن المناطق والمنظمات التي يمثلونها، تعد الأكثر إستفادة من التجارة متعددة الأطراف وحرية التجارة والقواعد الدولية مقارنة بالصين. لذا فهم أكثر حرصا على حماية هذه القواعد. كما أن هذا لايمثل آرائهم هم فحسب، بل إن وسائل الإعلام العالمية تحفل بالكثير من الأمثلة الأخرى، التي تعبر عن رفض المجتمع الدولي للإنعزالية والحمائية التجارية.

في ظل الوضع الحالي، كيف يمكن النظر والحكم على موجة الحمائية، المنافية لروح وإتجاه العصر؟ يقول الرئيس شي "إن قلب الإنسان، هو السياسة الكبرى ". وهذه المقولة لاتنطبق على الصين فحسب، بل وكذلك على العالم.

أولاً، يجب أن نفهم قلوب الناس. إن معارضة الأحادية، والحمائية، والبلطجة التجارية، والحفاظ على المبادلات متعددة الأطراف، والتجارة الحرة، والقواعد الدولية، تعبر على صوت قلوب سكان العالم. إذ هناك عدد كبير من البلدان والمناطق، مثل كندا واليابان والاتحاد الأوروبي، وعدة دول ومناطق أخرى، غير راضين عن الاحتكاكات التجارية التي تثيرها أمريكا في كل الإتجاهات.

وعلى المدى القصير، قد تعود الهيمنة التجارية الأمريكية بالفائدة على الاقتصاد المحلي. لكن على المدى المتوسط والبعيد، سيؤدي فقدان الثقة وقلوب الناس إلى إلحاق ضرر بالغ بصورة الدولة الأمريكية، والهيبة السياسية والمصالح طويلة الأجل.

ثانيا، علينا فهم اتجاه العصر. وقبل ذلك، يجب أن نفهم ما هو الاتجاه؟ الاتجاه السائد هو أنه من المستحيل جعل مياه المحيط تتراجع إلى أنهار وبحيرات. حيث يعيش العالم في الوقت الحالي، تقدم اتجاه التعاون السلمي، واتجاه الانفتاح والتكامل، واتجاه التغيير والابتكار. وأمام هذه الموجهة العاتية، فإن قوة الكبح إما أن تستسلم أو تسحق.

ثالثًا، علينا أن ندرك جيدا جوهر المشكلة. نعيش اليوم في عالم متناقض، ولا تزال الثروة المادية تتراكم، والتحديات العالمية مثل الإرهاب وتدفق اللاجئين آخذة في الارتفاع أيضا، كما بات الغموض يكتنف العالم. ما يطرح السؤال المحيّر، ماذا حدث للعالم؟! يلوم البعض العولمة الاقتصادية، وهذا لوم غير حقيقي وغير مفيد. لأن جوهر المشكلة يكمن في عدم كفاية زخم النمو العالمي، وتخلف الإدارة الاقتصادية العالمية. إلى جانب إنعدام توازن التنمية العالمية، ووجود عدة مشاكل على مستوى نماذج النمو الاقتصادي والحوكمة والتنمية، بإنتظار الحلول. في حين أن الحلول تكمن في خلق نموذج نمو ديناميكي، ونموذج تعاون مفتوح ومربح للجانبين، ونموذج حكم عادل ومعقول، ونموذج تنمية متوازن ونافع للجميع، بدلاً من الأحادية، والحمائية، والتسلّط التجاري.

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني