«اليد الخفية» وراء ارتفاع أسعار النفط العالمية؟
«الشعب» اليومية «الشعب» اليومية

«اليد الخفية» وراء ارتفاع أسعار النفط العالمية؟

اتهم الرئيس الامريكي ﺩﻭﻧﺎﻟﺪ ﺗﺮﺍﻣﺐ مؤخرا مرارا وتكرارا منظمة " أوبك" بعدم التعاون في الحد من ارتفاع أسعار النفط الخام. وحول هذه الاتهامات، رد رئيس " أوبك" الحالي ووزير الطاقة الاماراتي سهيل بن محمد المزروعي في مقابلة مع رويترز قائلا : " لا يمكن القاء اللوم فقط على "أوبك" في المشاكل التي تواجهها صناعة النفط."

التقلبات في أسعار النفط العالمية

وفقا للتقارير، في نهاية 12 يوليو الجاري اغلق سعر النفط الخام الخفيف تسليم أغسطس عند 70.33 دولار للبرميل في بورصة نيويورك التجارية، وأغلق سعر خام برنت تسليم سبتمبر عند 74.45 دولار للبرميل في بورصة لندن. وقد شهدت اسعار النفط الخام في 11 يوليو الجاري انخفاضا حادا في يوم واحد. لكن بشكل عام، ارتفع سعر النفط الخام بشكل حاد منذ بداية عام 2017، حيث تجاوز السعر في مايو من هذا العام 80 دولارًا للبرميل.

شهدت صناعة النفط العالمية تقلبات هائلة منذ عام 2014، وانخفضت أسعار النفط من 100 دولار للبرميل إلى 30 دولار للبرميل، مما تسبب في خلق صعوبات وتحديات امام منتجي النفط في جميع انحاء العالم. وقامت " اوبك" باعتبارها تحالفا هاما بين الدول المنتجة للنفط بإبرام اتفاق لخفض الانتاج لموازنة امدادات النفط والرفع من سعر النفط المنحدر. وفي الوقت الحالي، تجاوز ارتفاع اسعار النفط كل التوقعات وبلغ حد القلق الدولي.

أسباب تقلبات أسعار النفط العالمية؟

قالت تشن فنغ ييغ الباحثة في المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة في مقابلة مع صحيفة الشعب اليومية:" التوازن بين العرض والطلب أعمق سبب لتقلب أسعار النفط"، مضيفة:" بعد الازمة المالية، تراجعت أسعار النفط وانخفضت الاستثمارات الأولية في سوق النفط الخام الدولي بشكل ملحوظ". وقد تبنت منظمة " أوبك" والدول المنتجة للنفط المشاركة من خارجها بشكل مشترك إجراءات لخفض انتاج النفط الخام وضمان السعر، في حين أن تأثر التأخر في المدخلات والمخرجات يستغرق عادة ما بين ثلاث الى خمس سنوات، وبالتالي فإن انتاج النفط غير كاف.

في الوقت الحاضر، انخفض انتاج النفط الخام في ليبيا وفنزويلا وكندا الدول الرئيسية المنتجة للنفط. قال رئيس شركة النفط الوطنية الليبية مؤخرا، إن الإنتاج اليومي من النفط الليبي انخفض من 1.28 مليون برميل في فبراير إلى 527 ألف برميل في الوقت الحاضر. وحسب توقعات شركة " بيانات عالمية"، مقارنة مع 3 ملايين برميل من النفط الخام إنتاج عام 2011، سوف يتقلص الإنتاج اليومي للنفط الخام الفنزويلي إلى حوالي 1 مليون برميل في نهاية عام 2018.

ومع انتعاش التدريجي للاقتصاد العالمي، عزز تطور الاقتصاد الحقيقي وارتفاع الطلب الاستهلاكي بشكل مباشر الزيادة الحادة في الطلب على النفط. وأصدرت وكالة الطاقة الدولية تقريرا شهريا في 13 يونيو، وتشير التقديرات الى أنه بحلول الربع الرابع من هذا العام، سيتجاوز متوسط الطلب العالمي اليومي على النفط الخام 100 مليون برميل، وفي عام 2019، سيزيد متوسط الطلب العالمي اليومي على النفط الخام بمقدار 1.4 مليون برميل سنويا.

ووفقًا للتحليل، تسبب عدم تلبية العرض القليل الطلب المرتفع في حدوث حالة من الذعر في سوق النفط الخام الدولي، مما أدى إلى زيادة احتياطي النفط الخام ودفع بأسعار النفط نحو الارتفاع.

ومع ذلك، فإن السبب المباشر للتقلبات الأخيرة في أسعار النفط هو اعلان الولايات المتحدة انسحابها من الاتفاق النووي الايراني واستئناف فرض العقوبات على قطاع الطاقة الايراني. وبسبب هذه المخاطر الجيوسياسية، ارتفعت أسعار النفط الخام العالمية لتخترق مستوى 80 دولارًا للبرميل.

تعديل نمط الطاقة

قالت تشن فنغ ييغ:" الولايات المتحدة تلقي اللوم على " اوبك" وتفعل العكس، انها في الواقع استراتيجية طاقة خداعة، وأن خلف نزاع سعر النفط الحالي اعادة الهيكلة الجيوسياسية للطاقة." وفي الوقت الحالي، حققت امدادات النفط الخام الامريكية اكتفاءًا ذاتيًا أساسيًا، وبلا شك فإن الزيادة في أسعار النفط يفيد صادراتها من النفط الصخري. ومن ناحية أخرى، فإن رفع اسعار النفط سيضر بالتأكيد بالتنمية الاقتصادية في البلدان الاخرى، وخاصة تلك التي لديها طلب كبير من النفط الخام، وقد يتزامن هذا مع النزاعات الجمركية الاخيرة التي اثارتها الولايات المتحدة للعديد من الدول.

شهد مشهد الطاقة في العالم تغيرات كبيرة منذ ثورة الغاز الصخري في الولايات المتحدة، حيث شكل نمطًا جديدًا وسوق للنفط الخام بثلاثية الارجل، "اوبك" بقيادة المملكة العربية السعودية، ومنتجو النفط التقليديون خارج "أوبك" بقيادة روسيا والولايات المتحدة.

وفيما يتعلق باتجاه أسعار النفط الخام المستقبلية، قالت تشن فنغ ييغ:” الارتفاع على المدى القصير لا يعني ارتفاعا على المدى الطويل". حيث أن انخفاض التجارة والاستثمار مرهون بالحرب التجارية الاخيرة، وبالتالي فإن أسعار النفط لن تستمر في الارتفاع. أما بالنسبة لاجتماع زيادة الانتاج الذي عقدته " اوبك"، تعتقد تشن فنغ يينغ أنه قد لا يحقق اي نتائج متوقعة:" يجب على " اوبك" زيادة انتاج النفط مع استمرار تزايد الطلب في سوق النفط الخام بسبب الانتعاش الاقتصادي العالمي، ولكن لا يزال أكبر عامل غير مستقر هو فرض عقوبات الطاقة الأمريكية ضد إيران".

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني