جردة حساب «النووي الإيراني»
Katehon Katehon

جردة حساب «النووي الإيراني»

أطلقت واشنطن إنذاراً نهائياً لإيران، وبدوره قام الزعيم الروحي لإيران بإطلاق إنذاره النهائي لأوروبا بشأن صفقة نووية.

نحن لا نريد حرباً مع هذه الدول الثلاث، ولكن كما أظهر التاريخ مراراً وتكراراً، فإن أوروبا تتبع الولايات المتحدة. لذا يجب على دول أوروبا أن تخرج عن صمتها وتعارض العقوبات الأمريكية، وتثبت أنها تعمل للتوصل إلى اتفاق نووي.

هكذا عبر بالضبط السيد علي خامنئي عن مطالبه، وإذا أخذنا بعين الاعتبار كلمة "يجب" التي تكررت في خطابه أكثر من مرة، فيقول بعض الخبراء أن هذه المطالب يمكن أن تسمى إنذاراً نهائياً.

لكي تحافظ طهران على الاتفاق المبرم في عام 2015، لوقف برنامجها النووي يجب على أوروبا الوفاء بسبعة شروط. فينبغي على المشاركين في الصفقة النووية من أوروبا ضمان استمرار التعاون التجاري مع إيران، وحماية بيع النفط الإيراني من الضغط الأمريكي، وعدم المطالبة بإلغاء برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية أو التغيير في سياسة طهران في الشرق الأوسط. وقال آية الله خامنئي إن إيران، بدورها، لن تناقش برنامجها الصاروخي مع دول أخرى، لأن اختبارات الصواريخ مهمة للدفاع الوطني وحماية مصالح إيران ولا تتعلق بالأسلحة النووية. 

وقد أضاف تهديداً: 

"في حالة أدنى تأخير بالاستجابة من الدول الأوروبية فإن إيران تحتفظ بالحق ببدء نشاطها النووي، فإذا وجدنا أن خطة العمل المشترك غير مربحة، فإن أحد الخيارات هو استئناف الأنشطة التي تم إيقافها".

وإن خطة العمل المشترك هو الاتفاق النووي الذي اختتم في تموز 2015 في فيينا. هناك وافقت إيران والوسطاء الدوليون الستة روسيا والصين والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، على أن تقوم طهران بالحد من برنامجها النووي للأغراض السلمية فقط، وسيقوم المجتمع الدولي بإلغاء العقوبات المفروضة عليها. 

لكن الولايات المتحدة قررت أنه ليس من الضروري احترام الالتزامات

لم يكن الاتفاق جيداً بالنسبة للجميع، ولكن بعد انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اتخذت أمريكا مساراً للخروج من الصفقة مع إيران. وفي الثامن من أيار أعلن ترامب أن واشنطن قد قررت ذلك، وبالتالي إعادة فرض العقوبات على إيران.

على ما يبدو لا تريد الولايات المتحدة إعادة المال إلى إيران، أو أنها قد أنفقته.

وجاء مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي مع 12 شرطاً لإيران، ليحافظ على وجه الولايات المتحدة.

وقال إن واشنطن مستعدة للتوقيع على اتفاقية ثنائية جديدة، من شـأنها أن تنقذ إيران من العقوبات وتعطيها فرصة للصداقة مع أمريكا، والوصول إلى التقنيات العالية وما إلى ذلك. 

ولكن يجب على الإيرانيين الوفاء بالشروط الاثني عشر التالية:

«يجب على إيران أن تعلن للوكالة الدولية للطاقة الذرية رؤيتها الكاملة للأبعاد العسكرية السابقة لبرنامجها النووي، وأن تتخلى عنه بشكل دائم.

يجب على إيران وقف التخصيب وعدم مواصلة معالجة البلوتونيوم، وهذا يشمل إغلاق مفاعل الماء الثقيل. 

يجب على إيران تزويد الوكالة بالوصول غير المقيد إلى جميع المواقع في جميع أنحاء البلاد. 

يجب على إيران إنهاء انتشار الصواريخ الباليستية ووقف المزيد من إطلاق أو تطوير أنظمة الصواريخ ذات القدرة النووية. 

يجب على إيران إطلاق سراح جميع مواطني الولايات المتحدة بالإضافة لمواطني شركائنا وحلفائنا. 

يجب على إيران إنهاء دعمها لحزب الله اللبناني، وحماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني.

يجب على إيران احترام سيادة الحكومة العراقية والسماح بنزع سلاح الميليشيات الشيعية.

يجب على إيران أن تنهي دعمها العسكري لميليشيات الحوثي وأن تعمل للوصول إلى تسوية سياسية سلمية في اليمن.

يجب على إيران سحب جميع القوات الإيرانية من سوريا.

يجب على إيران أن توقف دعم حركة طالبان وغيرها في أفغانستان.

يجب أن تنهي إيران أيضاً إنهاء دعم قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني.

يجب أن تنهي إيران سلوكها التهديدي ضد جيرانها، وكثير منهم حلفاء لأمريكا. وهذا يشمل بالتأكيد تهديدها لإسرائيل وإطلاقها الصواريخ على السعودية والإمارات. »

بعض هذه النقط تبدو مقبولة من وجهة النظر الأمريكية. ولا يعتقد الأمريكيون أن الفرس تخلوا تماماً عن الخطط السابقة لإنشاء الأسلحة النووية.

بدا هذا وكأنه إنذار نهائي حقيقي. ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة ذكرت كوريا الشمالية بالسيناريو الليبي بكل وقاحة. 

بالإضافة إلى ذلك فإن الفقرات الأخيرة من الشروط تشبه الابتزاز المباشر، كما لو أن قرار بدء الأعمال العدائية قد تم بالفعل في واشنطن. 

إيران كما نرى لم تستمع لأمريكا، وهناك أسباب تجعل الإيرانيين بيقون هادئين. 

لن تحقق أمريكا النجاح في الحرب مع إيران تحت أي ظرف من الظروف، فالخبراء العسكريون مقتنعون بذلك حتى في الولايات المتحدة نفسها. فهم ناس عظماء ولديهم إيديولوجية موحدة قوية، وإن الفوز بطريقة غزو العراق لن ينجح.

إجابة أوروبا

في هذه الأثناء سرعان ما تفاعلت أوروبا مع كلمات خامنئي. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تقوم بزيارة الصين: 

"الاتفاق ليس مثالياً، لكن الخيارات الأخرى غير مستقرة، لذا ستظل ألمانيا تحترم هذه الاتفاقية".

كما أعلنت عن الموقف الرسمي لألمانيا: 

"نحن متضامنون مع الجانب الصيني، ونعتقد أن الاتفاقية الحالية بشأن إيران يجب أن تستمر".

بريطانيا بوصفها الأكثر ولاءً للولايات المتحدة، لم تقل شيئاً حتى الآن. لكن وزير الخارجية الفرنسي أعلن بشكل مثير: " نحن ضد هذه القرارات تماماً، إنها قضية تتعلق بالتدابير التي تتجاوز الحدود الإقليمية، وستظل فرنسا طرفاً في هذا الاتفاق".

نهايةً يمكن القول إن الولايات المتحدة أطلقت إنذاراً نهائياً قبل الحرب مباشرةً. لكن تبين أن هذا الإنذار لم يخف أحداً، لا إيران ولا الصين ولا روسيا ولا حتى أوروبا.

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني