كيف تهدد البؤر الأفغانية أقطاب أوراسيا؟
ليونيد سافين ليونيد سافين

كيف تهدد البؤر الأفغانية أقطاب أوراسيا؟

عُقد الاجتماع السنوي لأمناء مجلس أمن منظمة شنغهاي للتعاون، وكانت المشكلة المركزية التي حددها ممثلو روسيا والصين والهند وباكستان وجمهوريات آسيا الوسطى الخمس هي أفغانستان.

لا يزال هذا البلد الواقع في آسيا الوسطى الذي مزقته الحرب الأهلية يشكل أحد التهديدات الأمنية الرئيسية لبلدان المنطقة. بالإضافة إلى المواجهة مع طالبان، فإن شرعية حكومة الرئيس "أشرف غني" متنازع عليها من قبل مجموعات داعش التي هاجرت من سوريا والعراق إلى أفغانستان. 

وهكذا، فإن تهديد الإرهاب للدول الأعضاء في المنظمة يأتي أولاً من إقليم أفغانستان.

وفقاً لوكالات الاستخبارات في روسيا والصين، فإن عدد مقاتلي داعش في أفغانستان يصل إلى 4000 شخص، موزعين في 160 خلية. والمعقل الرئيسي للإرهابيين هو إقليم ننكرهار على الحدود الأفغانية الباكستانية.

مصالح مشتركة

جميع البلدان في المنطقة لديها مصلحة في استقرار الوضع في أفغانستان. فتخشى الصين على مشروعها طريق الحرير الجديد الذي يمر عبر آسيا الوسطى، كما تخشى من إمكانية تنشيط داعش في منطقة "شينجيانغ" الإسلامية المستقلة في الصين. كما إن انتشار الإرهابيين في جمهوريات آسيا الوسطى التي لها حدود مباشرة مع روسيا، يشكل تهديداً مباشراً على الأمن الروسي.

ولدى الصين حدود طويلة تمتد على مسافة 900 كيلومتر مع أفغانستان، والتي يمكن أن يعبرها الإسلاميون أيضاً. ويوجد على جانبي الحدود أقلية عرقية من البلوش، والذين يمكنهم في حال توفرت لهم الظروف إنشاء دولتهم في أراضي إيران وأفغانستان وباكستان. أما بالنسبة للهند فهي مهتمة بمحاربة داعش للأسباب نفسها كالصين.

أولاً، بسبب الخوف من اختراق الإرهابيين في المناطق الهندية المسلمة. وثانياً، الاستقرار في أفغانستان ضروري لتنفيذ خط أنابيب الغاز بين (تركمانستان – أفغانستان – باكستان – الهند). وفي 21 أيار في قندهار معقل طالبان، قامت مليشيات بقتل خمسة متخصصين قاموا بتفتيش مواقع بناء خطوط الغاز.

جميع المخاطر المذكورة أعلاه ذات صلة بباكستان، التي لديها أطول حدود مع أفغانستان (2670 كم). وعلى طول هذه الحدود تعيش قبائل الباشتون التي يدعمها طالبان. وبالإضافة لتهديد داعش ونزعة قبائل البلوش للانفصال، تخشى إسلام آباد من تقوية منطقة الهند. كما تدهورت علاقات الولايات المتحدة مع باكستان تحت إدارة الرئيس ترامب، بسبب اتهامها لباكستان بدعم طالبان. وقررت واشنطن الرهان على الهند وإشراكها بنشاط في التسوية الأفغانية. 

طالبان

يواجه الجميع خياراً حول كيفية بناء علاقات مع طالبان، التي تتعرض لضغط كبير من داعش. وفي هذه الحالة تحتاج دول منظمة شنغهاي للتعاون إلى بناء علاقات مع طالبان بطريقة جديدة، وأن تعتبرها منظمة ليس لديها خطط توسعية أو خطط لتصدير الثورة إلى ما وراء أفغانستان. 

التجربة السورية

إن توحيد جهود الدول الإقليمية، على الرغم من وجود التنافس، أمر مهم من أجل منع الأعمال الانفرادية والزعزعة للاستقرار من قبل الولايات المتحدة. وقد سعت منظمة شنغهاي للتعاون لزيادة أعضائها.

ففي حزيران 2017، أصبحت الهند وباكستان عضوين في المنظمة، وكانت مهمتهما الرئيسية مكافحة الإرهاب. إيران التي لها مركز مراقب، مصر والعراق وإسرائيل وتركيا، وعدد من الدول الأخرى تتقدم بطلب للمشاركة في منظمة شانغهاي للتعاون. 

يمكن لمنظمة شنغهاي أن تصبح في المستقبل منبراً سياسياً لأفغانستان، كما هو حال أستانا بالنسبة لسوريا. للوهلة الأولى يشارك المنافسون التاريخيون الذين لا يمكن التوفيق بينهم في هذه العملية.  ففي سوريا واجهت إيران وروسيا قبل بدء أستانا، الخط المؤيد للولايات المتحدة في تركيا. وفي أفغانستان إن تأثير الهند الذي تحفزه الولايات المتحدة يقيد التحالف بين باكستان والصين. ومع ذلك فإن فهم المصالح المشتركة – الاقتصادية والأمنية على حد سواء -قد يؤدي إلى تحالفات من شأنها أن تصد القوى التي تمنع استقرار أفغانستان.

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني