ثورة الصواريخ الصغيرة
آدم مينتر آدم مينتر

ثورة الصواريخ الصغيرة

شكل إطلاق شركة «سبيس إكس» لصاروخ «فالكون 1» الذي يبلغ طوله 230 قدماً في 6 فبراير (شباط) حدثاً عالمياً بكل المقاييس. لكن عملية الإطلاق التي جرت في هدوء قبل ذلك بثلاثة أيام ربما كانت أكثر أهمية. حدث ذلك عندما انطلق الصاروخ «إس إس 520 - 5» الذي يبلغ طوله 31 قدماً من «مركز يونيشورا» في اليابان، وهو أصغر صاروخ على الإطلاق يقوم بوضع جهاز ما في مدار كوكب الأرض، في مؤشر لاحتمال حدوث تغييرات كبرى في المستقبل. وعلى مدار عقود، فقد شكل وضع أي جسم في الفضاء مخاطرة كبرى، ناهيك عن التكلفة الباهظة والوقت الذي يستهلكه التنفيذ. وحتى شركة «سبيس إكس» عادة ما تتأخر وتشهد حوادث مختلفة، وتستغرق عملية إعادة استخدام صواريخها وعودتها للخدمة وقتاً طويلاً. ورغم ذلك، فقد حاولت عشرات الشركات الأخرى تطوير صواريخ صغيرة بهدف تقليص الكلفة والمخاطر التي تمثلها عملية إطلاق الأقمار الصناعية. وفي حال نجحت المحاولات، فسوف ينقلب العمل في الفضاء رأساً على عقب.

هناك ما يعرف باسم «سمال ساتس»، ويعني الصواريخ التي تزن أقل من 1100 رطل، وهي موجودة منذ سبعينات القرن الماضي. وتطورت تلك الصواريخ في التسعينات لتصبح أكثر عملية بعدما تمكن العلماء من إدخال إلكترونيات زهيدة الثمن في صناعة تلك الصواريخ مثل مجسات (سينسورز) الهواتف. وبات إطلاق الصواريخ الصغيرة أقل كلفة وغالباً ما تكون أحدث من نظيرتها كبيرة الحجم التي يستغرق تطويرها أكثر من عقد كامل. ربما يكون الأهم هو أنه يمكن إحلال صواريخ أخرى مكانها حال فشلت التجربة. وسرعان ما اكتشفت الشركات الخاصة الفرص المتاحة، وبات بالإمكان إطلاق الأقمار الصناعية التي لا يتعدى حجمها علبة الأحذية والتي تعمل بالطاقة الشمسية والمزودة بالكاميرات لاستخدامها في الاستطلاع، ولمراقبة الطقس والمناخ ورصد الكوارث، وغيرها من المهام. وزادت الفرص بعدما انخفضت الكلفة لأقل من 11 ألف دولار في الوقت الحالي. وتقوم شركة «بلانت لابس» بتشغيل أكثر من 200 قمر صناعي لمراقبة الأرض، وذلك لخدمة الحكومات والشركات العاملة بمجال الزراعة والاستثمار وغيرهما. ومع توقع إطلاق 6200 قمر صناعي صغير الحجم خلال العقدين القادمين، فإن الاحتمالات تبدو بلا حدود. لكن ثمة مشكلة واحدة لا تزال من دون حل، وهي كيف نوصل هذه الأقمار إلى مدار الأرض؟
في الوقت الحالي، فإن غالبية المشغلين الصغار تشتري مساحات على الصواريخ التي تحمل ناقل حركة أكبر وأسرع. والعام الماضي، قامت شركة «بلانيت لابس» بشحن 88 قمراً صناعياً صغيراً على صاروخ خاص بالحكومة الهندية يحمل قمر استطلاع كبيراً. وجاء برنامج إطلاق صاروخ «فالكون 1» من قبل شركة «سبيس إكس» ليعد بعمليات إطلاق صغيرة بكلفة لا تتعدى 6 ملايين دولار ابتداء من عام 2006. لكن بعد ذلك بثلاث سنوات، خلصت الشركة إلى أنه «ليس بإمكانها تحقيق استفادة تجارية من صاروخ فالكون 1».
لكن الطلب ارتفع على الأقمار الصغيرة بعد هذا التاريخ، وبدأ الاستثمار في الصواريخ الصغيرة. وكانت أولى المحاولات الناجحة لصاروخ «إلكترون» الذي أطلقته شركة «روكيت لاب» في يناير (كانون الثاني)، وهو الصاروخ القادر على حمل 500 رطل إلى مدار الأرض، فيما لا تتعدى كلفته 4.9 مليون دولار. وتعتزم شركة رجل الأعمال ريتشارد برانسون إطلاق صاروخها (فيرجن أوربت) فيما تعتزم شركة «فيكتور سبيس سيستمس» إطلاق صواريخها للمنافسة نهاية العام الحالي. وفي غضون ذلك، يطالب سلاح الطيران الأميركي بمبلغ 193 مليون دولار على مدار السنوات الخمس الماضية لتطوير مركبات لإطلاق الحمولات الصغيرة، منها 35 مركبة في الخدمة في الوقت الحالي، لن يهبط الكثير منها إلى سطح الأرض. لكن ينبغي على المركبات التي ستهبط إلى سطح الأرض أن تقلل كلفة ووقت إطلاق القمر الصناعي إلى مدار الأرض وتسمح بتطوير الصواريخ الصغيرة بسرعة.