المرأة الأمريكية في أجزاء الاقتصاد
جستن فوكس جستن فوكس

المرأة الأمريكية في أجزاء الاقتصاد

خلال بضعة أشهر في أواخر عام 2009 وأوائل عام 2010، أبلغ أرباب الأعمال غير الزراعية في الولايات المتحدة مكتب الإحصاءات الوطنية أن لديهم عدداً من النساء العاملات أكثر من الرجال. وهذا الأمر لم يحدث من قبل أبداً. ولم يحدث ذلك الأمر أيضاً منذ ذلك التاريخ، ولكن إجمالي الوظائف غير الزراعية بين الرجال والنساء (74.6 مليون مقابل 73.2 مليون في يناير «كانون الثاني») لا يزال أقرب بكثير مما كان عليه الأمر قبل الركود. وإن كانت الاتجاهات القديمة تدل على شيء، في واقع الأمر، فإنه يبدو من المرجح أن نصيب النساء من رواتب العمالة سوف يتجاوز نسبة 50 في المائة خلال الركود المقبل ويستقر عند هذا المستوى إلى الأبد.

وهذه البيانات مستمدة مما يُعرف بالمسح المؤسسي، وهو المسح الذي أظهر الـ200 ألف وظيفة مدفوعة الأجر التي أُضيفت في يناير الماضي. والمصدر الكبير الآخر لبيانات التوظيف الشهرية –المسح الأسري الذي تُستمد منه بيانات معدلات البطالة– لا يزال يحسب 82.3 مليون وظيفة للرجال مقابل 72.2 مليون وظيفة للنساء فقط.
لماذا تخرج المسوح الاستقصائية بتلك النتائج المختلفة؟ إليكم جملة من الأسباب:
1- المسح المؤسسي لا يحتوي على المَزارع، في حين أن المسح الأسري يحتوي عليها، وفي عام 2017 كان نحو ثلاثة أرباع المزارعين وأصحاب الماشية والعمال الزراعيين من الرجال.
2- المسح المؤسسي لا يحتوي على الوظائف الذاتية في حين أن المسح الأسري يحتوي عليها، وتفوق أرقام الرجال أرقام النساء بدرجة كبيرة في هذه الفئة.
3- يضاعف المسح المؤسسي من الناس أصحاب الوظائف المتعددة، وذكر المسح أن الكثير من النساء يعملن في وظائف متعددة أكثر من الرجال.
4- لا وجود في أغلب الأحيان للناس الذين يعملون مقاولين مستقلين أو غير المتعاقدين في المسوح المؤسسية. والمرة الأخيرة التي أحصى مكتب الإحصاءات الوطنية فيها عدد المقاولين المستقلين، في عام 2005، كانت نحو ثلثي النسبة المسجلة من الرجال، وفي حين أنه لا وجود لإحصاء رسمي للعمال غير المتعاقدين، يبدو من المرجح أن العديد منهم يعملون في المجالات التي يسيطر عليها الرجال مثل أعمال التشييد والبناء.
وأغلب الاختلافات بين المسوح المذكورة تتعلق بأنواع مختلفة من الوظائف التي يعمل فيها الرجال والنساء.
لا يزال الرجال يشكلون الأغلبية في أغلب المناصب العليا من معظم القطاعات الصناعية، ولكنها الوظائف التي تميل إلى أن تكون أصغر حجماً وأبطأ نمواً. وبوجه عام، تستحوذ النساء على نسبة 22 في المائة من الوظائف في القطاعات الإنتاجية، ونسبة 54 في المائة من الوظائف في القطاعات الخدمية، وانتقلت القطاعات الخدمية من نحو 60 في المائة من أغلب الوظائف مدفوعة الأجر في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات إلى 86 في المائة الآن.
لذلك فإن المرأة تشكِّل تمثيلاً مفرطاً وزائداً عن الحاجة في أجزاء من الاقتصاد التي تزداد نمواً. كما أن المرأة أيضاً، مثلما كتب زميلي تايلر كوين من شبكة «بلومبيرغ» الإخبارية مؤخراً، تستحوذ على نصيب كبير ومتزايد من الوظائف المعرفية في الاقتصاد، والتي تميل إلى أن تكون من أفضل الوظائف. وبصفة عامة، تشير الأرقام إلى أن رواتب الوظائف الداخلية وأجور العمالة في الولايات المتحدة قد أصبحت متجهة نحو عمل المرأة بصورة كبيرة.
ولا تزال المرأة لا تعمل في الوظائف الأعلى منزلة، رغم كل شيء. إذ يشكل الرجال 60 في المائة من وظائف الأطباء والجراحين في عام 2017، و63 في المائة من المحامين، و70 في المائة من المنتجين والمخرجين، و72 في المائة من المديرين التنفيذيين، و81 في المائة من مطوّري البرمجيات. كما أن الرجال يكتسبون المزيد من الأموال أكثر من النساء، ولم تكسب المرأة أي أرضية على هذه الجبهة منذ نهاية الركود الأخير.
وأغلب هذا التفاوت في الدخل يمكن عزوه إلى الاختيار، إذ تختار المرأة مهناً مختلفة عن الرجال، والقليل منهن أقل احتمالاً للعمل بدوام كامل في جميع الأوقات، ومداومة المسار الوظيفي من دون انقطاع مثل الرجال. ولكن هذا لا يفسر وجود الثغرة بالكامل. وفي الأثناء ذاتها، يمكن عزو تقلص نصيب الرجال من الوظائف مدفوعة الأجر إلى الاختيار كذلك، إذ يمكن للرجال العمل في المهن الخدمية سريعة النمو؛ إلا أن أغلبهم لا يقوم بذلك فعلاً. ولكن هناك أدلة أخرى على أن المهارات الاجتماعية للرجال هي أقل تطوراً عنها لدى النساء، وأن المهارات الاجتماعية أصبحت أكثر إلحاحاً للنجاح في أماكن العمل.
وإجمالاً لكل ما سلف نقول إننا نقف عند لحظة شديدة الغرابة في العلاقات بين الجنسين في أماكن العمل. فلقد شعرت المرأة ومنذ فترة طويلة بأن المجال مكدس للغاية على حسابها، والمرأة غير مخطئة في ذلك التصور. والآن، يشعر عدد متزايد من الرجال بأن المجال أصبح مكدساً للغاية أيضاً ضدهم، وفي حين أن الكثير من هذا الأنين يدور حول فقدان الامتيازات غير المبررة، فإن بعضها راجع إلى التحولات الاقتصادية التي تجعل من الأوضاع أكثر صعوبة على الرجال. تستحوذ المرأة على الزخم الحالي، ولكن لا يزال الرجال يحتفظون بالمناصب الكبيرة. وهي دينامية شديدة الصعوبة على أي حال، ولكن الاعتراف الأكثر انتشاراً بوجودها ربما يلطف قليلاً من حدتها وصعوبتها.

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني