أميركا بين إصلاح بنيتها التحتية والتزاماتها الخارجية
باري ريثولتز باري ريثولتز

أميركا بين إصلاح بنيتها التحتية والتزاماتها الخارجية

البنية التحتية الأميركية... إنني متحمس للغاية لاحتمال أن شيئاً ما جاداً قد يحدث هذه المرة.

ولا ينبع تفاؤلي من خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس دونالد ترمب مؤخراً وقال فيه إنه مهتم بالبرنامج الوطني للبنية التحتية، فلقد تعلمنا من التاريخ أن الخطابات الرسمية لا ترسم التوجيهات أو السياسات العامة فيما إذا كانت المشروعات العامة سوف تؤتي ثمارها من عدمه. بدلاً من ذلك، ينبع تفاؤلي بالأساس من الانقسام القائم بين اثنين من اللاعبين الرئيسيين على المسار السياسي، اللذين يختلفان بشأن أمور مهمة مثل الضرائب، والإنفاق، ودور الحكومة.
فمن جانب، هناك توم دونوهو، رئيس غرفة التجارة الأميركية، وعلى الجانب الآخر هناك غروفر نوركويست، رئيس رابطة «أميركيون لأجل الإصلاح الضريبي»، ولكل منهما نيات متحفظة لا يمكن تصورها.
قبل أسبوعين، اقترح دونوهو وضع خطة كبيرة للبنية التحتية، تتضمن زيادة مقدارها 25 سنتاً للغالون على أسعار الوقود - على مدى خمس سنوات كاملة - في الضرائب الفيدرالية التي توجه لدعم صندوق تمويل الطرق السريعة. ولقد مارست الغرفة ضغوطاً كبيرة لأجل ذلك، إذ أصدرت مستنداتها عن الموقف الحالي، حتى إنها دشنت موقعاً إلكترونياً جديداً لذلك (letsrebuildamerica.com). واستطراداً للأمر، فإن ضريبة الوقود الفيدرالية البالغة 18.4 سنت للغالون ليست مرتبطة بمعدلات التضخم الأميركية ولم تتعرض للزيادة منذ عام 1993. ووفقاً لأسعار العملة الحالية، فإن القيمة الحقيقية لتلك الضريبة تبلغ 10.8 سنت فقط للغالون.
ويعارض نوركويست هذه الزيادة الضريبية إلى جانب جميع الزيادات الضريبية الأخرى المقترحة، ولقد أعرب عن معارضته أيضاً للولايات الراغبة في زيادة ضرائبها المحلية على الوقود.
ولقد ساعد نوركويست في القضاء على كل مشروع قانون معني بالبنية التحتية لأكثر من عشر سنوات كاملة، وذلك هو السبب في اقتراحي الماضي بأنه ينبغي إرسال جميع فواتير إصلاح السيارات الخاصة بالمواطنين والناجمة عن البنية التحتية المهملة مباشرة إلى مكتبه.
وكانت جهود غرفة التجارة الأميركية فاترة في أغلب أحوالها في دعمها السابق لقانون البنية التحتية الكبير، إذ وصفت زيادة الضرائب الفيدرالية على الوقود بأنها من أبسط السبل وأكثرها إنصافا واستقامة لجمع الأموال لصالح تلك المشروعات. والموقف الجديد هو أكبر بكثير وأكثر جرأة وإفصاحا. ولا يعتبر نوركويست هو المعارض الوحيد لهذه الزيادة الضريبية، وإنما هناك أيضاً شبكة «كوخ» السياسية المؤثرة. ومجموعة «كوخ» الصناعية، بالمناسبة، هي من أكبر منتجي الطاقة في البلاد، ولذلك فإنني أعتقد أنه ليس من المستغرب معارضتها للزيادات الضريبية المقترحة على أحد منتجاتها الرئيسية.
وكانت مواقف الغرفة بشأن التغيرات المناخية، والحد الأدنى للأجور، والقاعدة الائتمانية لحسابات مدخرات التقاعد، أبعد ما تكون تماماً عن مجتمع المال والأعمال في الولايات المتحدة. وكما قلت سابقاً، تبدو الغرفة كمثل المؤسسة البحثية المحافظة بأكثر من كونها جهة مؤيدة للمصالح التجارية في البلاد. ومع ذلك، فإن أغلب الشركات والأعمال تدعم تطوير البنية التحتية والصيانة بشكل عام. ولذلك يبدو هذا التحول أشبه بإعادة تنظيم الغرفة لتتسق مع مصالح أعضائها.
لقد فاجأني مقترح الغرفة لوجهة نظره بعيدة الأمد، بالإضافة إلى زيادة الضرائب بواقع 25 سنتاً للغالون بحلول عام 2024، إذ دعت الغرفة أيضاً إلى ربطها بمعدلات التضخم الأميركية. والفشل في القيام بذلك يرجع في الأصل إلى نفاد الأموال من صندوق تمويل الطرق السريعة خلال السنوات القليلة الماضية. وإجمالاً للقول، من شأن مقترح دونوهو زيادة تلك الأموال إلى نحو 400 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة. وهذا لا يعتبر كافياً لإصلاح كل شيء يحتاج إلى الإصلاح، ولكنها تعتبر بداية جيدة على أقل تقدير.
وإذا رغبت الولايات المتحدة في المحافظة على قدرتها التنافسية مع الصين وغيرها من البلدان المتقدمة أو حتى الدول النامية، فهي في حاجة ملحة إلى نظام نقل حديث وقوي، ومرافق فعالة للنقل الجماعي، وشبكة حديثة للطاقة الكهربائية، وشبكات النطاق العريض وشبكات الجوال الحديثة، ونظام للشحن والموانئ المتطورة. وعلى الرغم من الريادة في كثير من برامج القطاع العام، تحتل الولايات المتحدة المرتبة المتأخرة كثيراً عن الدول الصناعية الأخرى، ولسوف تتراجع أكثر من ذلك ما لم يتم اعتماد الإصلاحات الجذرية.
لقد مرت فترة طويلة منذ أن عملت الولايات المتحدة على تحديث البنية التحتية الوطنية في البلاد. وقد يكون لدينا بصيص من الأمل هذه المرة.

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني