من المستفيد من اغتيال صربيّ كوسوفو؟
أندريه كوربيكو أندريه كوربيكو

من المستفيد من اغتيال صربيّ كوسوفو؟

كتب أندريه كوربيكو مقالاً يحلل فيه سبب اغتيال الزعيم الصربي في كوسوفو: أوليفر إيفانوفتش في مطلع هذا العام، ومن المستفيد من الفوضى التي ستحصل. فيبدأ المقال: «يمارس الأمريكيون الضغط على دميتهم [الدولة] البلقانيّة منذ العام الماضي، وقد يكون هدف اغتيال زعيم صربيّ عالي المستوى في كوسوفو هو توريط القادة الانفصاليين للإقليم، ممّا يمهد الطريق لتغيير في النظام هناك ينتج عنه فتح الطريق بشكل أفضل أمام الانضمام إلى الاتحاد الأوربي في المستقبل».

فهاشم تاجي، «رئيس» كوسوفو، و«رئيس وزراءه» راموش هاراديناجي، كلاهما مجرما حرب مشتركان في قضايا تهريب أعضاء وقتل مدنيين صرب بشكل موثق من عدّة مصادر، وسبب تجاهل والتعمية على هذه التهم من الطرف الغربي هي قيام الناتو عام 1999 بعمل عسكري تحت عنوان «التدخل الإنساني» ضدّ «الإبادة الجماعية».

لم تهتم الولايات المتحدة يوماً بالجرائم الذي يقوم حلفاؤها بها، فقد تجاهلت عمداً الإرهاب ضدّ صرب كوسوفو. لكنّ صعود نجم «واقعيي أوروبا» أو المتشككين بأوروبا في السنوات الأخيرة كشف الحقائق التي كانت وسائل الإعلام السائد تحاول بشكل مستمر أن تخفيها وتكذب بها. وعليه فليس أمام كوسوفو فرصة للنجاح في مساعيها في الانضمام إلى الكتلة الأوربية، فهناك العديد من دول الاتحاد الأوربي، وخاصة دول «مبادرة البحار الثلاثة» التي تقودهم بولندا، لن توافق على ذلك، ناهيك عن الاعتراف بكوسوفو بأنّها «دولة مستقلة». وذلك رغم الضغط الأمريكي الشديد الذي يحاول إقناعهم بغير ذلك، وهذا يجعل من حلم واشنطن بإدماج «دولتهم» الدمية في الاتحاد الأوربي متوقفاً على المدى المنظور.

ولا يؤثر في المسألة أنّ الرئيس الصربي فوستش «يعترف» بكوسوفو، لأنّه لا يسيطر على «اللوبي الصربي» الدولي، والذي سيستمر في العمل لتحقيق مصالح الصرب القوميّة. وسيسهل الأمر وجود تاجي و/أو هارديناجي في السلطة، وخاصة بالنسبة لبولندا وهنغاريا اللتين ستبقيان على موقفهما من أنّ كوسوفو يقودها مجرمو حرب من مافيا المخدرات، شهيرون بقتلهم للمسيحيين وبتدميرهم للكنائس التي بنيت منذ قرون.

وبما أنّ الولايات المتحدة تعلم جيداً بجرائم دُماها، والدليل أنّها ضغطت مؤخراً على «حكومة» كوسوفو ووجهت لها تحذيراً بألّا تفكك ما يسمّى «بمحكمة جرائم الحرب» التي يفترض بها إنشاؤها، فهذا يعني أنّ الولايات المتحدة تدرك كذلك أنّه يجب عليها أن تُظهر أنّ هناك تغييرات قانونيّة في كوسوفو، ولو كانت تغييرات زائفة، تحت عنوان أنّ على البلاد أن ترتقي لمعايير «العدالة» الأوربية، من أجل أن تكون مؤهلة لعضوية الاتحاد. ولهذا فقد يكون هذا الأمر هو الحافز الذي دفع بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى اغتيال الزعيم الصربي الكوسوفي أوليفر إيفانوفتش من أجل التحضير لتقديم سلطة الإقليم للمحاكمة.

فكما يقول الكاتب: «رغم أنّ إيفانوفتش كان يعارض بيع الرئيس الصربي فوسيتش لصرب كوسوفو، فهو لم يكن يملك أيّ سلطة أو قوة تخوله الوقوف في وجهه، وهذا يعني بأنّه ليس من مصلحة الألبان على الإطلاق أن يرتبوا لمثل هذا الاغتيال. في الحقيقة هذا الاغتيال يقف ضدّ مصالحهم، إذ يشكل خطر قيام صربيا بتعليق «تطبيع» المفاوضات مع إقليمها المسلوخ، وهي المفاوضات التي بدأتها قبل حوالي 24 ساعة من الدخول في محادثات لتلبية مطالب ميركل بأمر الهجرة، وذلك بهدف إلهاء الشعب الصربي».

وكما يصوغ الكاتب الأمر: «سواء استقال تاجي وحكومته بسبب تداعيات فضيحة اغتيال إيفانوفتش التي يمكن أن تتولاها «محكمة جرائم الحرب»، أو خلعتهم المعارضة، فإنّ نتيجة إحضار [دم جديد] إلى السلطة لا يحمل معه وصمة قتل المسيحيين قد يسهل تهدئة معارضة دول الاتحاد الأوربي وتأثرها [باللوبي الصربي] لانضمام كوسوفو إلى عضوية الاتحاد الأوربي». خاصّة وأنّ هذا السيناريو سيسمح لنخب هذه الدول بأن تقول: لن نكون ملكيين أكثر من الملك، فهذه صربيا اعترفت باستقلال كوسوفو، ولم يعد المجرمون يحكمونها.

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني