القانون في الغرب فوق الجميع!؟ في السينما فقط
بول كريغ روبرتس بول كريغ روبرتس

القانون في الغرب فوق الجميع!؟ في السينما فقط

كتب بول كريغ روبرتس مقالاً عن قصّة جوليان أسانج، مؤسس موقع ويكيليكس، مع أمريكا وحلفائها الذين يدّعون في أخبارهم وأفلامهم وكتبهم بأنّهم دول تقوم على القانون، رغم أنّ انتهاك هذا القانون يصبح سهلاً عندما لا يكون في مصلحتهم. فبريطانيا رفضت السماح لأسانج، وهو الحائز الآن على جنسيّة أكوادوريّة وعلى جواز سفر دبلوماسي، والمحاصر في السفارة الأكوادوريّة في لندن منذ 2012، الخروج من بريطانيا، رافضة بذلك الطلب المقدم من لجنة الأمم المتحدة المختصة دون أن يكون لديها أيّ وجه حقّ في ذلك.

تعريب وإعداد: هاجر تمام

بدأت مشاكل أسانج مع واشنطن بعد نشر موقع ويكيليكس لملفات تظهر تآمر الولايات المتحدة على الحكومات الأخرى وعلى حلفائها حتّى، وكان من ضمن الملفات فيديو يظهر القوات العسكرية الأمريكية وهي تقتل أناس أبرياء يسيرون في الشارع، ثمّ يقتلون أباً وطفليه الصغيرين عندما هرعوا لمساعدة المدنيين الذين أطلق الجيش الأمريكي عليهم النار، وكما يقول الكاتب: «يظهر الفيلم قسوة ووحشيّة القوات الأمريكية، والتي تستمتع بقتل الضحايا الحقيقيين كما لو أنّها تلعب إحدى ألعاب الفيديو».

يروي الكاتب قصّة ملاحقته بأنّها بدأت عندما حاولت فتاتان سويديتان التقرّب من أسانج بعد الشهرة التي حصل عليها. وبعد أن تقربتا منه طلبتا إليه أن يخضع لفحص الإيدز ليخرجا معه، لكنّ أسانج شكّ في نوايا الفتاتين ورفض أن يخضع للفحص، فذهبتا إلى الشرطة وطلبتا إلى الشرطة أن تجبره على الخضوع للفحص بعد أن شكتا به. لكنّ الشرطة لفقت له تهمة محاولة الاغتصاب، وهي التهمة التي أعلنت الفتاتان بأنّها غير حقيقية وتنصلتا منها، لكنّ تقرير الشرطة أصرّ على أقواله.

حققت المدعية السويدية إيفا فين في التهم، ثمّ أعلنت براءة أسانج منها وقالت: «ليس هناك أيّ شكوك في حدوث أيّ جريمة»، وأغلقت القضية على إثر ذلك. لكن و«بشكل غامض»، تمّت إعادة فتح القضيّة على يد مدعية سويدية أخرى هي ماريان ني، والتي تعمل وضوحاً تبعاً لتوجيهات واشنطن. حيث أصدرت المدعية ماريان مذكرة اعتقال «ذات درجة حمراء» للإنتربول من أجل اعتقال أسانج في بريطانيا، وذلك في الوقت الذي تلا نشره للملفات التي تحدثنا عنها. وهو إجراء غير اعتيادي بسبب عدم وجود تهم موجهة ضده، حيث أنّ القانون يتطلب حتّى يتمّ نقل المتهم من بلد لآخر أن يتمّ توجيه تهم محددة ضدّه، ومذكرة ماريان تقول صراحة بأنّه مطلوب للاستجواب فقط.

اعترض أسانج على قانونية المذكرة أمام القضاء البريطاني، لكنّ المحكمة البريطانية التي «تتلقى تعليماتها من واشنطن» رفضت الاعتراض، فسلّم أسانج نفسه لمركز الشرطة البريطاني الذي اعتقله وحبسه. تمّ وضعه في الحبس الانفرادي في سجن واندسورث حتّى دفعت كفالته ووضع تحت الإقامة الجبرية. في هذه الأثناء، وبعد وضوح نيّة السويد تسليمه إلى واشنطن، منحته الأكوادور اللجوء، وهرب إلى السفارة الأكوادورية في لندن. حيث لا يزال هناك حتّى اللحظة.

أغلقت السويد القضيّة للمرّة الثانية، ولم يعد أسانج بذلك مطلوباً للاستجواب في السويد. ولهذا لم يعد هناك من سبب قانوني كي تحتجز بريطانيا الرجل من أجل تسليمه للسويد. فإغلاق القضيّة في السويد لكونها تعتمد على تقرير شرطة كاذب، لم يمنع البريطانيين من التصريح بعدها بأنّهم سيعتقلون أسانج ما أن تطأ قدمه باب السفارة، فهم في النهاية يريدونه لصالح واشنطن وليس لصالح السويد، وهذا يعني أن «يتفانون في خدمة أسيادهم في واشنطن لدرجة أنّهم صرحوا بأنّهم قد يلجؤوا إلى انتهاك القوانين الدبلوماسية ويقتحموا السفارة الأكوادوريّة من أجل اعتقال أسانج».

ويشرح الكاتب الحملة التي قادتها واشنطن عبر إعلامها وسياسييها من أجل تعمية الرأي العام عن القضيّة الأساسية التي سربها أسانج، وذلك عبر التسويق لكونه مغتصب وجاسوس، بهدف تحويل الانتباه عن جرائم واشنطن التي كشفها.

كما أنّ المقال يشدد على: «حقيقة عدم وجود أساس قانوني لدى الولايات المتحدة لمحاكمة أسانج... فكلّ ما فعله أسانج قام به وفقاً لدستور الولايات المتحدة الذي يكفل حقّ التعبير والصحافة الحرّة... فالقانون لا شأن له لا من قريب ولا من بعيد بفضائح إساءة استخدام الحكم في الولايات المتحدة والسويد وبريطانيا... لكنّ الحقيقة، ومعها الحريات المدنية، لم تعد تعني شيئاً في العالم الغربي».

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني