الربح قبل البشر: التخلي عن أبحاث باركنسون وألزهايمر
جو أتارد جو أتارد

الربح قبل البشر: التخلي عن أبحاث باركنسون وألزهايمر

كتب جو أتارد مقالاً عميقاً يبيّن مدى خطأ ترك الأبحاث الطبية للشركات الرأسمالية لتوازنها بمقياس الربح والخسارة، مثل الاستعاضة عن أبحاث باركنسون وألزهايمر، والاتجاه نحو مختبرات صناعة البوتوكس. فكما يقول: «عملاقة الأدوية بفايزر ستوقف الأبحاث حول مرضي الألزهايمر وباركنسون، ومن المتوقع أن تسرّح 300 باحث ومطوّر في ماساشوستس وكونيكتكت، ممّا سيؤدي إلى إيقاف أو إعاقة الجهود الرامية لإيجاد علاجات لهذين المرضين. ممّا يثبت بأنّ الأبحاث الطبية الحاسمة لا يجب أن تترك في يد جامعي الأرباح الرأسماليين. يجب أن يتمّ تأميم شركات مثل بفايزر مع أصولها ومعلوماتها وأدواتها ووضعها تحت سيطرة ديمقراطية، من أجل استخدامها في مساعي تفيد البشرية».

تعريب وإعداد: عروة درويش

قررت شركة بفايزر (وهي التي جنت أرباحاً أكثر من 50 مليار دولار عام 2017)، بأنّ المزيد من الاستثمار في أبحاث مكافحة مرضي ألزهايمر وباركنسون (وهما اللذان يصيبان 47 مليون و10 ملايين شخص حول العالم على التوالي)، خاصة وأنّها تحقق مليارات سهلة من بيعها لأدوية «أسلوب الحياة» مثل الفياغرا. ويشرح المقال: «لا يزال العلم الطبي يسعى وراء إيجاد دواء للألزهايمر وباركنسون، وقد اختبرت بفايزر سلسلة من الإخفاقات المكلفة خلال السنوات الماضية وهي تحاول هندسة دواء فعال. مثال: تمّ إلغاء بحث مشترك مع شركة جونسون أند جونسون عام 2012 عندما أخفق الدواء الاختباري في مساعدة المرضى المتوسطين في الاختبارات السريرية الثانية».

وينوّه الكاتب أنّ مثل هذا القرار قد يدفع بشركات أدوية كبرى أخرى إلى اعتماد ذات النهج، مثل أسترازينكا وإيلي ليلي، حيث عانت بدورها من إخفاقات مماثلة في مجال أبحاث الألزهايمر. وهذا سيؤدي بدوره إلى انقطاع كلي للاستثمار في أبحاث جديدة. وينوه الكاتب: «برغم تصريحات مدير سياسة أبحاث الألزهايمر المتعلقة بتطلعات الشركة حول ترشيد جهودها وتحويلها إلى طويلة الأمد، فإنّ شركات الأدوية الكبرى عندما لا تشمّ رائحة الربح السريع، فإنّها لن تخاطر برأس مالها».

ومثل هذه الخطوة من بفايزر لها آثار مرعبة عندما ينظر إليها في سياق الضرر الذي ستحدثه. مثال: إنّ الكلفة العالمية لمرض الألزهايمر، مقاسة بكلفة الرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية، تقدّر بحوالي 605 مليار دولار، أي ما يعادل 1% من الناتج المحلي العالمي بأكمله. وكالعادة، سيعاني الفقراء والأكثر فقراً من تداعيات هذا الأمر. فتكاليف تمريض المصابين بالألزهايمر وباركنسون المرتفعة لن تغطيها برامج الرعاية الهشّة التي تعاني بالفعل بسبب سياسات التقشف المفروضة عليها. وهذا الوضع سيصيب أكثر ما سيصيب المصابين الفقراء وعوائلهم.

ويبقى الربح هو الموجه الرئيسي لشركات الأدوية العملاقة، فكما يخبرنا أتارد: «قال مايكل دولستون، مدير الأبحاث في بفايزر، في مؤتمر جي.بي مورغان للرعاية الصحية، بأنّ الشركة تؤسس استراتيجيّة الأبحاث فيها على الأدوية التي: [لديها إمكانات تحقيق ملايين الدولارات]. تركز شركات الأدوية العملاقة انتباهها على أيّ شيء يجلب الربح بأقلّ التكاليف الممكنة، وهو ما يجعلها صناعة أموال بدلاً من صناعة أدوية. فقد قامت بفايزر عام 2015 بالاستحواذ على شركة أليرجان، وهي الشركة التي تصنع البوتوكس، بمبلغ 160 مليار دولار».

وتبقى هذه الشركات العملاقة من أبرع الصناعات في التهرب الضريبي. فقد قامت بفايزر عن طريق شراء شركة البوتوكس بالتهرب من دفع أرباح «حققتها في أعالي البحار» بقيمة 147 مليار دولار. ورغم إجرائها عمليات بيع تتراوح قيمتها بين 1.3 و1.8 مليار جنيه إسترليني بين عامي 2001 و2014، فهي لم تدفع أيّ ضرائب هناك بسبب إعلانها عن خسارات لحقت بها في تلك الفترة، ولم تعلن إلّا عن رقم صغير هو 9 ملايين جنيه إسترليني. وكما يذكر المقال: «ويتوقع أن تحقق الشركة تخفيضات ضريبيّة هائلة بسبب قوانين دونالد ترامب، تصل إلى 5 مليارات دولار: أي 10 أضعاف ما تنفقه الحكومة الأمريكية من الأموال العامة على أبحاث الألزهايمر، وأكثر من نصف كامل ميزانية بفايزر للأبحاث والتطوير بين عامي 2014 و2016. إنّ كرم حكومة ترامب وسخائها على حاملي أسهم بفايزر، قد استجابت الشركة له بإيقاف برامج الأبحاث فيها وبطرد مئات الموظفين والباحثين».

في هذه الأثناء فقد حققت كوبا عام 2017، وهي التي لديها نظام رعاية صحي مجاني يحسدها الجميع عليه، نقلات نوعية في تطوير دواء مكافحة الألزهايمر «نيورو-إيبو NeuroEpo» الذي أثبت جدواه في تأخير تقدم مرض الألزهايمر. وكما يختم المقال: «إنّ العبرة التي يظهرها نيورو-إيبو تبين ما يمكن تحقيقه في اقتصاد يدار بشكل ديمقراطي، في سبيل تخفيف معاناة وآلام البشر».

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني