هل لا زال انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي أولوية؟
ماوو لانديز ماوو لانديز

هل لا زال انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي أولوية؟

خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اعتبر إيمانويل ماكرون أن الوضع الراهن الذي تعيشه تركيا يفرض عرض مقترح شراكة مع الاتحاد الأوروبي أكثر من مقترح العضوية.

لقد مرت ما يقارب 19 سنة، ولا يزال حلم انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لم يتحقق بعد. وخلال زيارته إلى فرنسا يوم الجمعة، حمل رجب طيب أردوغان الآمال في إعادة فتح أبواب الحوار مع المسؤولين الأوروبيين. وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها إلى إحدى أكبر دول الاتحاد الأوروبي منذ أحداث الانقلاب الفاشل خلال شهر تموز/ يوليو من سنة 2016.

وتبدو مهمة الرئيس التركي المتمثلة في إحياء المفاوضات من جديد مع الأوروبيين صعبة، خاصة وأن تركيا قد شهدت على الصعيد الداخلي إقالة 140 ألف موظف، وإيقاف 55 ألف شخص، مع مزاعم تراجع حرية الصحافة والتضييق على الصحفيين الأوروبيين في تركيا.

إيمانويل ماكرون يقترح شراكة على تركيا عوضا عن العضوية

يوم الجمعة، عرض إيمانويل ماكرون على رجب طيب أردوغان، خلال اللقاء الصحفي الموحد، "الشراكة" عوضا عن العضوية في الاتحاد الأوروبي. وقد استند مقترح الرئيس الفرنسي على العلاقات المتميزة مع أنقرة في إطار التعاون في مكافحة الإرهاب.

ولم يخف رئيس الجمهورية الفرنسية حقيقة أن الوضع الحالي في تركيا يعرقل "تقدم" ملف العضوية التركية في الاتحاد الأوروبي. وظاهريا، يوهمنا عرض الرئيس الفرنسي بأن ترتيبات إمكانية لحاق تركيا بالاتحاد الأوروبي سهلة، ولكنها في الحقيقة معقدة أكثر مما نتصور. ومن جهته، أكد رجب طيب أردوغان أن تركيا قد "أرهقتها" المفاوضات الرامية لقبول عضويتها في الاتحاد الأوروبي، حيث صرح "لا يمكننا أن نجدد بشكل دائم مطلب عضويتنا في الاتحاد الأوروبي".

أردوغان يعمل على استقطاب أكبر "عدد من الأصدقاء" "وأقل عدد من الأعداء"

تجدر الإشارة إلى أن رئيس بلدية إسطنبول السابق (أردوغان) قد عمل مؤخرا على "مغازلة أوروبا"، فقد أعرب منذ أسبوع عن أمله في تركيز "علاقات متميزة مع الاتحاد الأوروبي ومع الدول الأعضاء" بهدف "كسب أكبر عدد من الأصدقاء وتقليص عدد الأعداء" على حد تعبيره.

في المقابل، يعمل أردوغان على تجنيب بلاده حالة العزلة، وقد وجد في الاتحاد الأوروبي توافقا في وجهات النظر من خلال إدانة قرار ترامب الأخير بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وقد أشاد الرئيس التركي بموقف فرنسا وبرلين اللتين أكدتا على أنهما "لم تتخليا عن هذه القضية".

فصل واحد من المفاوضات ما زال عالقا

تمت إعادة فتح ملف عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي من جديد مع نهاية سنة 2015 بعد سنوات من إغلاقه. وخلال تلك الفترة، كان موقف أنقرة قويا نظرا لأن الأوروبيين قلقون من موجة الهجرة الوافدة على أراضيهم. وقد اشترطت تركيا الدخول في فصل جديد من المفاوضات بخصوص العضوية مع إدراج سياسة الميزانية في المحادثات مقابل استقبالها للاجئين الوافدين نحو القارة العجوز، لكن شهر العسل لم يدم طويلا بين الطرفين.

لكن، قوبل مطلب الأتراك، المتمثل في تحرير التأشيرات وعلاوة مالية من الاتحاد الأوروبي تقدر بستة مليار يورو للتعامل مع أزمة الهجرة، بالرفض. كما صوت البرلمانيون الأوروبيون على تجميد المفاوضات، خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من سنة 2016، محتجين على عملية التطهير واسعة النطاق التي جدت في تركيا كرد على محاولة الانقلاب الفاشل. واعتبر البرلمان الأوروبي هذه العملية بمثابة "انجراف سلطوي". إلى جانب ذلك، فُتح 16 فصلا من المفاوضات من إجمالي 35 فصلا، إلا أن فصلا واحد من بين الفصول المفتوحة لم يتوصلوا إلى حد الآن لاتفاق حوله.

الأوروبيون منقسمون فيما بينهم في خصوص إنعاش المفاوضات

يبدو جليا أن معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ترفض تجديد المفاوضات مع الجانب التركي. ولعل من أبرزهم ألمانيا، التي تظهر على رأس الدول المتعنتة نظرا لأن عددا من مواطنيها قد تعرضوا إلى الإيقاف في تركيا. وحسب ما أفاد به المؤرخ والخبير السياسي، ساميم أكغونول، لوكالة فرانس برس فإن "أردوغان فضل إجراء زيارة إلى ألمانيا عوضا عن فرنسا، لكن يبدو أن أنجيلا ميركل كانت متعنتة".

وخلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، أكدت المستشارة الألمانية أنها تفضل إيقاف سير المفاوضات نهائيا مع أنقرة. ولكن إيمانويل ماكرون لا يشاطرها الرأي، حيث دعا إلى تجنب "الدخول في قطيعة" مع الجانب التركي.

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني