50 حقيقة عن غيفارا
سالم العمراني سالم العمراني

50 حقيقة عن غيفارا

50 حقيقة عن غيفارا

ترجمة: قاسيون

  1. ولد أرنستو غيفارا في روساريو في الأرجنتين في الرابع عشر من حزيران عام ١٩٢٨ لعائلة تتألف من خمسة أطفال والوالدين، إرنستو غيفارا لينش وسيليا دو لا سيرنا، اللذان ينتميان للطبقة الأرستقراطية الثرية.
  2. عانى ارنستو في سن الثانية من أول أزمة ربو، ذاك المرض الذي سيصاحبه مدى حياته، والذي سيصوغ إرادته في تجاوز كل المصاعب.
  3. غيفارا القارئ النهم كان يلتهم الكتاب تلو الآخر منذ نعومة أظفاره، إذ تَوَلَهَ بالفلسفة بشكل عام، وتحديداً الاجتماعية منها.
  4. ابتداءً من عام ١٩٤٨ درس الطب في جامعة بيونس أيريس، إذ حصل على شهادة الطب في عام ١٩٥٣.
  5. قام غيفارا في عام ١٩٥٠ بأول رحلة له على الدراجة النارية في شمال الأرجنتين حيث زار المناطق الأكثر فقراً في البلاد. كتب متأثراً بالبؤس الذي يضرب الشعب بعد أن قطع ٤٥٠٠ كيلو متراً: «أنا لا أتغذى بنفس الطريقة التي يتغذى بها السياح. تنعكس روح الشعب بالمرضى في المستشفيات».
  6. بعد عام، قام بالإبحار على طول الشاطئ الأطلنطي لأميركا الجنوبية على متن ناقلة نفط تابعة للشركة الوطنية الأرجنتينية التي وظفته ككادر طبي.
  7. بين شهري كانون الثاني وتموز من عام ١٩٥٢، وبعمر الرابعة والعشرين، قام غيفارا بأول رحلة دولية على الدراجة النارية مع صديقه ألبيرتو غرانادو، ليقوما بزيارة تشيلي، بيرو، كولومبيا و فنزويلا. في أيار من عام ١٩٥٢ تعرف غيفارا على الدكتور أوغو بيسه قائد الحزب الشيوعي البيروفي، ومريد الدكتور خوسيه كارلوس مارياتيغي الذي يعمل في مشفى لمعالجة الجذام. كان هذا اللقاء، بالإضافة للأشهر التي سيقضيها في مشفى علاج الجذام مصيرية بالنسبة لغيفارا، إذ سيحددان مصيره المستقبلي كمناضل في سبيل تحقيق مصالح المضطهدين. لقد اكتشف غيفارا أثناء هذه الرحلة بؤس شعوب أميركا اللاتينية واستغلالها من قبل الشركات الأميركية العابرة القارات.
  8. في تموز من عام ١٩٥٣، وبعد أن حصل على شهادة الطب قام مع صديق طفولته كارلوس فيرير برحلة جديدة في أميركا اللاتينية، إذ اكتشف في بوليفيا الحالة الجذرية التي أشعلتها الحركة الوطنية الثورية في عام ١٩٥٢
  9. في كانون الثاني من عام ١٩٥٣ وصل غيفارا إلى غواتيمالا التي ترأسها في حينه الرئيس الإصلاحي جاكوبو أربينز، حيث قضى تسعة أشهر في ظروف اقتصادية صعبة.
  10. في غواتيمالا، أصبح غيفارا صديقاَ لأنطونيو نيكو لوبيزا المنفي من كوبا والذي شارك في الهجوم على ثكنة مونكادا بقيادة فيدل كاسترو في الـ٢٦ من تموز عام ١٩٥٣. لوبيز هو من قام بتلقيب غيفارا بـ«تشي» بالإشارة إلى نفس المصطلح الأرجنتيني التقليدي الذي يستخدم للتعبير عن مختلف أنواع المشاعر، والذي يستعمله الطبيب الشاب.
  11. كان الفكر السياسي لغيفارا واضحاً تماماً عندما وصل إلى غواتيمالا، الأمر الذي تبينه الرسالة التي كتبها لعمته بياتريز في العاشر من كانون الأول من عام ١٩٥٣: «لقد حصلت على فرصة عبور حقول (شركة) المتحدة للفواكه، الأمر الذي زاد من قناعاتي بفظاعة هؤلاء الناس. لقد أقسمت أمام صورة للشيخ والرفيق المأسوف عليه ستالين، بأن لا أقبل هدنة قبل أن يتم تحطيم هؤلاء الأناس الرأسماليون. سأقوم بتحسين مستواي في غواتيمالا لأعمل على تحصيل ما أفتقد إليه حتى أكون ثورياً أصيلاً. ابن أختك (أخاك)، ذاك ذو الصحة الحديدية، والمعدة الخاوية، والإيمان الساطع بالمستقبل الاشتراكي».
  12. شهد غيفارا الانقلاب المدبر من قبل السي أي إيه والكولونيل كاستيلو أرميس في حزيران ١٩٥٤، وانخرط في صفوف الشبيبة الشيوعية التي قامت بتنظيم المقاومة، مطالبة دون نتيجة بتزويدها بالسلاح من قبل الحكومة، إذ دعمت رئاسة أركان الجيش الانقلابيين وطالبت برحيل جاكوبو اربينز الذي تمت إزاحته في تموز ١٩٥٤.
  13. في رسالة لأمه، يروي غيفارا الدروس التي تعلمها من الانقلاب على أربينز: «إن قومية الجيش (دون مضمون طبقي) تشكل دوماً خيانة، الأمر الذي يبرهن مرة أخرى الحكمة التي تشير بأن الديمقراطية تبتدأ بشكل حقيقي بتصفية الجيش».
  14. وبعد أن لجأ إلى السفارة الأرجنتينية، حصل على الحق في المرور الآمن إلى المكسيك في أيلول 1954، حيث سيقيم لأكثر من عامين ليعمل كمصور وطبيب متدبراً معيشته بشكل أو بأخر. بعد وصوله بفترة وجيزة، التقى صديقه الكوبي لوبيز الذي دعاه للانضمام إلى الناجين الآخرين من مونكادا.
  15. في عام 1955، التقى غيفارا راؤول كاسترو الخارج لتوه من السجن ناسجاً معه علاقة صداقة. قام راؤول بعد فترة وجيزة بتعريفه على فيدل كاسترو الذي كتب متذكراً: «كان تشي واحداً من أولئك الذين يكّن الجميع له ومن اللحظة الأولى المودة بسبب بساطته، طابعه، طبيعته، روحه الرفاقية، شخصيته و أصالته. إنجاز التوافق معه وقبوله بالتالي في حملتنا لم يستغرق وقتاً طويلاً [...] منذ اللقاء الأول، كان ثورياً معداً، ذو موهبة كبيرة بذكاء كبير وقدرات نظرية عالية». اندهش فيدل كاسترو بشخصية الأرجنتيني: «تشي عانى من الربو. إلا أنه كان يحاول كل نهاية أسبوع تسلق بركان البوبوكاتيبليه المغطى بالثلوج على ارتفاع ٥٤٨٢ بالقرب من المكسيك . لقد بدأ تسلقه باذلاً جهداً كبيراً، لكنه لم يصل إلى القمة، فقد كان الربو عائقاً جدياً. لكنه أعاد المحاولة مراراً وتكراراً أسبوعاً تلو الآخر، فقد كان من الممكن أن يقضي حياته محاولاً الصعود لقمة البوبوكاتيبليه. لقد قام بجهد بطولي، رغم أنه لم يبلغ القمة أبداً. أترون طابعه؟ هذا المثال يعطي فكرة عن قوة روحه وثباته ومواظبته».
  16. كما أعجب غيفارا أيضاً بشخصية فيدل كاسترو، إذ كتب برسالة إلى والديه: «لقد تعرفت على راؤول كاسترو، الأخ الأصغر لفيديل. لقد عرفني على زعيم الحركة. لقد ثرثرت مع فيديل طوال الليل، لأغدو في الصباح الباكر طبيب الحملة المستقبلية. لقد أدهشني فيدل فهو شخص غير عادي... ذو إيمان استثنائي… وقد شاركته تفاؤله». طلب تشي من كاسترو آنذاك أن يسمح له بالذهاب للقتال في الأرجنتين عندما تنتصر الثورة في كوبا.
  17. في 2 كانون الأول 1956، حط غيفارا في كوبا مع الثوار بقيادة فيدل كاسترو، ليتم تفريقهم بسرعة من قبل جيش باتيستا الذي فاجئهم بمجرد وصولهم.
  18. تميز تشي غيفارا بسرعة كبيرة بجرأته وقدراته القيادية. يتذكر فيدل كاسترو اللحظات الأولى: «خلال أول معركة انتصرنا بها، كان تشي قد أصبح جندياً من قواتنا، وفي الوقت نفسه، كان لا يزال طبيباً. خلال المعركة الثانية المنتصرة، لم يكن تشي جندياً فحسب، بل الجندي الأكثر تميزاً في هذه المعركة، حيث حقق لأول مرة واحدةً من تلك المآثر المفردة التي ميزته في جميع الأعمال [...] كانت إحدى خصائصه الأساسية: التطوع الفوري واللحظي لتنفيذ المهمة الأكثر خطورة. وبطبيعة الحال، أثار إعجاباً مزدوجاً عند رفاقه الذين قاتلوا معنا، فهو لم يولد على هذه الأرض، صاحب أفكار عميقة، كان رجلاً تغلي روحه بأحلام النضال في أجزاء أخرى من القارة، ولكنه تمتع بهذا الإيثار، هذا الزهد، هذا الاستعداد الدائم للقيام بأصعب المهام وللمخاطرة بحياته».
  19. قرر فيدل كاسترو تعيينه قائداً «كومندانته» في تموز 1957، ليتولى غيفارا قيادة السرية الثانية، التي أطلق عليها «السرية رقم 4» بهدف خداع العدو حول عدد المقاتلين. غيفارا هو أول من حصل على هذه الرتبة، بوقت طويل قبل راؤول كاسترو.
  20. صلب مع الخونة والقتلة واللصوص والمغتصبين الذين طبق بهم العقوبة الأكبر، تميز غيفارا بالكرم مع جنود العدو الذين تم أسرهم مولياً إياهم اهتماماً كبيراً، الأمر ذاته ينطبق على الجرحى. يروي جيفارا فصلاً حول هذا الموضوع: «بعد اقتحام الشاحنة الأولى، وجدنا جنديين قتلى وواحد جريح كان لا يزال يبدي شيء من المقاومة في حالة من كرب. تمت تصفيته دون أن تتاح له الفرصة للاستسلام، الأمر الذي لم يتمكن من القيام به لأنه كان نصف فاقد للوعي. نَفَذَ هذا العمل مقاتل تم إبادة عائلته من قبل جيش باتيستا. لقد لمته بعنف على ما اقترفت يداه، دون أن أدرك أن جنديا جريحاً آخر كان يسمعني، كان قد اختبأ تحت بعض البطانيات وظل بلا حراك على منصة الشاحنة. بعد أن سمع ما قلته، وسمع الأعذار التي قدمها رفيقنا، أشار الجندي العدو لنا مطالباً منا عدم قتله. فقد كسرت رصاصة ساقه وظل على جانبي الطريق بينما استمر القتال في الشاحنتين الأخريتين. في كل مرة مرّ بجواره أحد المقاتلين، صاح الرجل: «لا تقتلني، لا تقتلني، قال تشي أننا لا نقتل السجناء».
  21. في عام 1958، وبهدف حمايته من طابعه المتهور جداً قرر فيديل كاسترو تعيين تشي على رأس المدرسة العسكرية التي أنشئت حديثاً لتدريب الميليشيات في المستقبل، إذ كتب حول ذلك: «كان تشي جندياً لا مثيل له. كان تشي قائداً لا مثيل له. من وجهة نظر عسكرية، كان تشي رجلاً ذا إمكانات غير عادية، وشجاعة غير عادية، وشراسة غير عادية. إن تهوره المفرط وازدرائه المطلق للخطر كفدائي شكل عنده ما يمكن اعتباره كعب أخيل».
  22. في حزيران 1958، شكل غيفارا السرية الثامنة من المجندين الجدد لمواجهة الهجوم الأخير الذي شنه باتيستا قبل شهر بإرسال 000 10 جندي إلى سييرا مايسترا لسحق الفدائيين.
  23. في 31 آب 1958، وبعد الفشل العسكري للديكتاتور، أطلق فيدل كاسترو هجوماً مضاداً لتوسيع نطاق حرب العصابات في جميع أنحاء البلد وأمر تشي وكامييو سينفويغوس بالسير نحو العاصمة. وضعت هذه الرحلة التي تتجاوز الـ500 كيلومتراً القوات على محك التعامل مع خشونة الطبيعة وظروفها السيئة بالإضافة لاعتداءات الجيش الحكومي. في رسالة إلى فيدل كاسترو، يروي سينفويغوس المصاعب التي تم تجاوزها: «خلال واحد وثلاثين يوماً من المشي، أكلنا أحد عشر مرة فقط بما في ذلك «فرس نيء بدون ملح». وأضاف «فقط كل أنواع السباب والتهديدات كانت كفيلة بدفع هذه الكتلة المستنفدة للتقدم».
  24. في منطقة فيلا كلارا، أنشأ تشي فصيلة من الاستشهاديين من مقاتلي العصابات المحنكين، وتم تكليفهم بأشد المهام صعوبة: «إن الفصيلة الاستشهادية هي مثال على الروح المعنوية الثورية، وهي تتألف فقط من متطوعين تم انتقائهم بعناية فائقة. مع ذلك، عند تعيين متطوع جديد إثر استشهاد أحد الرجال - الأمر الذي كان يحدث في كل معركة- كان يعتصر المرفوضين الألم حدّ البكاء. كان مثيراً للفضول رؤية الفدائيين يعبرون عن شبابهم بدموعهم التي تنهمر لعدم حصولهم على شرف التواجد في الصف الأول على جبهة معركة الموت».
  25. في يوم 28 كانون الأول عام 1958، شن غيفارا الهجوم على مدينة سانتا كلارا، المعقل الأخير للنظام قبل هافانا، معززاً بقوات تزيد بعشرة أضعاف عدد الفدائيين الذين لم يتجاوز عددهم 300 رجل. انتهت المعركة مع الاستيلاء على القطار المدرع القادم بتعزيزات من العاصمة. لكن المتمردين دفعوا ثمناً باهظاً. قدم غيفارا شهادة على هذا الموضوع: «أذكر فصلاً يدل على روح قوتنا في هذه الأيام الأخيرة. كنت قد عاتبت جندياً أخذه النوم في خضّم المعركة، فأجاب بأنه قد تم نزع سلاحه لأنه لم يحسن التصويب. أجبت بلهجتي الجافة المعتادة: «إذا كنت قادراً، اذهب منزوع السلاح للحصول على بندقية أخرى من الخطوط الأولى». في سانتا كلارا، حيث كنت أعمل على رفع معنويات الجرحى، قام رجل محتضر بلمس يدي وقال: «هل تذكر أيها القائد؟» أرسلتني للحصول على سلاح من ريميديوس ... ها هو ذا. لقد كان المقاتل نفسه [...] كان سعيداً بقدرته على إظهار شجاعته. هكذا كانت حال جيشنا المتمرد».
  26. لدى معرفته بسقوط سانتا كلارا في أيدي المتمردين، قرر باتيستا الفرار ليلة 1 كانون الثاني 1959 إلى الجمهورية الدومينيكان. أمر فيديل كاسترو كلً من غيفارا وسينفويجوس بالتوجه إلى هافانا من أجل السيطرة على ثكنتي كولومبيا وكابانيا.
  27. كلف غيفارا خلال الأشهر الأولى من عام 1959 بالإشراف على المحاكم الثورية المعنية بالجرائم التي اقتُرفت خلال الديكتاتورية العسكرية. تم إعدام ما يقارب ال ٥٠٠ شخص بالرصاص الحي من بين ١٠٠٠ خضعوا لـ"العدالة السريعة". على سبيل المقارنة، أثناء عملية التطهير في فرنسا نهاية الحرب العالمية الثانية تم توقيف أكثر من مليون شخص تم توجيه الاتهام لما يقارب ١٠٠٠٠٠ شخص، كما تم تطبيق١٠٠٠٠ حكم إعدام، بما في ذلك ٩٠٠٠ شخص لم يخضعوا لمحاكمة.
  28. في شباط من عام 1959، أُعلن إرنستو غيفارا مواطناً كوبياً بالولادة من قبل الرئيس مانويل أوروتيا بسبب خدماته المقدمة إلى الأمة.
  29. لعب غيفارا دوراً مفتاحياً في إنشاء المعهد الوطني للإصلاح الزراعي وفي صياغة قانون الإصلاح الزراعي الصادر في أيار 1959. طبقاً لتشي فإن "الغريلا (مقاتل العصابات) هو أولاً وقبل كل شيء ثائر زراعي، يقوم بترجمة رغبات جموع الفلاحين الكبيرة في امتلاك الأرض، ووسائل الإنتاج، والحيوانات وكل ما تم الكفاح من أجله لسنوات".
  30. في عام 1959، عُين غيفارا وزيراً للصناعة ورئيساً للبنك الوطني، إذ قام بالتوقيع على العملة الملقبة بـ"تشي" أيضاً، موضحاً ازدراءه للمال والثروة المادية، كما قام بتأميم القطاعات الاستراتيجية لاقتصاد البلاد.
  31. أثناء انعقاد المؤتمر الأول لشباب أمريكا اللاتينية في عام 1960، طور غيفارا مفهوم "الرجل الاشتراكي الجديد" الذي يغلّب المصلحة العامة على الطموحات الشخصية، اذ شدد على أهمية العمل التطوعي، معتبرا إياه "مدرسةً لتطوير الوعي"، مقدماً نفسه كنموذج، إذ تطوع للعمل في المصانع وحقول القصب والموانئ في نهاية الأسبوع. قام بجولة فى المعسكر الاشتراكي والصين ووقع العديد من الاتفاقيات التجارية.
  32. كان غيفارا معارضاً شرساً لسياسة التعايش السلمي التي تم التوافق عليها بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي إثر أزمة الصواريخ في تشرين الأول من عام 1962، فقام بمضاعفة المساعدات للحركات الثورية في أمريكا اللاتينية وفي العالم باسم التضامن الأممي. كان حلمه بدء العصيان المسلح في الأرجنتين.
  33. قام تشي بالتخلي عن وظائفه في الحكومة الثورية في عام 1964 بهدف استئناف الكفاح المسلح في أمريكا الجنوبية. إلا أن الظروف لم تكن مؤاتية بعد، فاقترح عليه فيدل كاسترو الذهاب إلى أفريقيا، تحديداً الكونغو حيث لم يمض سوى ثلاث سنوات على اغتيال باتريس لومومبا من قبل السي أي إيه. يمكن للكونغو أن تكون النواة الثورية لتمتد عبرها إلى القارة بأكملها اذا أنها تقع في وسط أفريقيا ولها حدود مع تسعة بلدان.
  34. في عام 1965، كتب غيفارا رسالته الوداعية لفيدل كاسترو التي تخلى فيها نهائياً عن واجباته وعن الجنسية الكوبية، معرباً عن تصميمه على إحداث ثورات في بلدان أخرى. ليتم لاحقا الإعلان عن هذه الرسالة في تشرين الأول 1965 في المؤتمر العام الأول للحزب الشيوعي الكوبي.
  35. في نيسان 1965، وصل جيفارا إلى تنزانيا التي كانت تشكل القاعدة الخلفية للثوار الكونغوليين. أثار وجود القائد الأرجنتيني في ساحة المعركة قلق زعماء التمرد الكونغولي بسبب المضاعفات الدولية لهذا الأمر. بنفس الوقت، كان حضور غيفارا في خط القتال الأمامي يذكر القادة الكونغوليين، الذين يقضون معظم وقتهم في دار السلام بتنزانيا، بأن على القائد التواجد بين رجاله بالجبهة. استمرت التجربة الكونغولية تسعة اشهر، لتنتهي بـ"الفشل" وفقاً لتشي بسبب الصراعات الداخلية وغياب الانضباط بين المتمردين وقرار تنزانيا الانفرادي بوقف الدعم للوجستي للمتمردين. في رسالة الى الرئيس جوليوس نيريري أعرب غيفارا عن عدم تفهمه وغضبه قائلاً "لقد قدمت كوبا مساعدات مرهونة بموافقة تنزانيا، الأمر الذي قبلتموه لتصبح المساعدات فعالة كمساعدات غير مشروطة ومفتوحة الأفق زمنياً. إذ كنا نتفهم الصعوبات التي تواجهها تنزانيا اليوم، إلا أننا لا نشارككم وجهة نظركم. فكوبا لا تتراجع عن التزاماتها ولا يمكنها تقبّل التهرب المخزي و التخلي عن الأشقاء في محنتهم ووضعهم تحت رحمة المرتزقة".
  36. بعد أن أقام في براغ، عاد غيفارا سراً إلى كوبا حيث قرر المغادرة إلى بوليفيا، التي كانت حينئذ تحت نير ديكتاتورية الجنرال رينيه بارينتوس. واضعاً نصب عينيه إطلاق حركة تمردية لتتوسع في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية.
  37. في 7 من تشرين الثاني 1966، بدأ غيفارا بكتابة يومياته عن بوليفيا. قام بتشكيل جيش التحرير الوطنى البوليفي من ما مجموعه 47 مقاتلاً من بينهم 16 كوبيا، وقاموا باحتلال المنطقة الجبلية جنوب شرق البلاد بالقرب من نهر نيانكوازو.
  38. شكل إلقاء القبض على اثنين من المنشقين في آذار 1967 تحذيراً للنظام العسكري الذي طلب المساعدة من الولايات المتحدة للقبض على غيفارا ورجاله، لتبدأ بنفس الشهر المعارك بين الفدائيين والجيش البوليفي الذي ألحق بقوات المتمردين خسائر فادحة.
  39. في 20 نيسان 1967، اعتقل الجيش شخصين من شبكة دعم الفدائيين، هما ريجيس دوبراي وسيرو بوستوس، ليقوما بتقديم معلومات تحت التعذيب تسمح للنظام بتحديد موقع الثوار.
  40. قام ماريو مونجي الأمين العام للحزب الشيوعي البوليفي بترك غيفارا والفدائيين لمصيرهم بعد أن كان من المفترض أن يزودهم بالدعم اللوجستي والبشري.
  41. بعيداً كل البعد عن الاستسلام، أطلق غيفارا "رسالة إلى شعوب العالم" حاثاً الثوار على إطلاق اثنان، ثلاثة بل العديد من التحارب على شاكلة فيتنام
  42. تم إبادة السرية الثانية في آب 1967 من قبل الجيش، ليجد غيفارا نفسه وحيداً بقيادة السرية الأولى مع حوالي عشرين مقاتلاً.
  43. في ٧ من تشرين الأول ١٩٦٧ تواجد غيفارا مع ١٦ من المقاتلين بالقرب من يغيرا حيث سيكتب خلاصة تفكيره في مذكراته بعد ١١ شهرا من القتال.
  44. في 8 تشرين الثاني 1967، فاجئ الجيش المقاتلين في كبرادا ديل تشورو، فقرر تشي مواجهة الجيش مع عدد قليل من الرجال المعافين بهدف إعطاء الفرص للجرحى لكي يفروا. بعد عدة ساعات من القتال، وقع غيفارا بالأسر جريحاً في ساقه ليتم اعتقاله من قبل الجيش في مدرسة في لا يغيرا. وبقي خمسة مسلحين فقط على قيد الحياة ونجحوا فى اللجوء إلى تشيلي.
  45. في 9 تشرين الأول، وبناءً على أوامر من السي أي إيه، أمر الدكتاتور بارينتوس بإعدام تشي. العقيد ميغيل أيوروا من بوليفيا المشارك في القبض على تشي يقدم شهادته قائلاً: "أحد رجال السي أي إيه كان الكوبي المنفي فيليكس رودريغيز. لقد دخل المدرسة الصغيرة وصرخ "هل تعرف من أنا؟" رمقه تشي بنظرة احتقار مجاوباً إياه: نعم، خائن، وبصق في وجهه".
  46. تحدث فيليكس رودريغيز في وقت لاحق: "طلبت من الرقيب تيران بتنفيذ الأمر. فأخبرته بأن يصوب تحت رقبته حتى نظهر أنه مات في المعركة. طلب تيران بندقية ليدخل الغرفة مع جنديين. عندما سمعت إطلاق الرصاص، سجلت في دفتر الملاحظات: الواحدة والعشر دقائق من بعد ظهر ال 9 من تشرين الأول 1967 ".
  47. تحدث الرقيب ماريو تيران عن تجربته عام 1977 لمجلة باريس ماتش الفرنسية: "لقد استغرقت 40 دقيقة قبل تنفيذ الأمر. ذهبت لرؤية العقيد بيريز على أمل أن يكون قد تم إلغاء الأمر. لكن العقيد غضب بشدة. كانت أسوأ لحظة في حياتي، لقد جرت الأمور بالشكل التالي: عندما وصلت، كان تشي جالسا على مقعد. عندما رآني قال: "جئت لتقتلني". لقد شعرت بالحرج فطأطأت رأسي دون أن أجبه. عندها سألني: "ماذا قال الآخرون؟". قلت له إنهم لم يقلوا أي شيء، فرد بحسم: "يا للشجاعة!". لم أتجرء على اطلاق النار. في تلك اللحظة رأيت تشي، كبيرا، طويل القامة جدا، ضخم. كانت عيناه شديدتي اللمعان. شعرت به ينهض، وعندما حدق في وجهي، انتابني الدوار. فكرت أنه بإمكان تشي أن يسلبني سلاحي بحركة سريعة. قال لي"كن هادئا، وصوب بشكل جيد! ستقوم بقتل رجل!". عندها عدت خطوة للوراء باتجاه الباب، أغلقت عيني وأطلقت أول رشقة، فسقط تشي بساقيه المصابتين إصابات بليغة على الأض متلويا نازفاً الكثير من الدماء. استعدت قواي لأطلق رشقة ثانية أصابته في ذراعه وكتفه وقلبه. عندها مات أخيرا".
  48. في عام ١٩٩٧ تم نقل رفات غيفارا ورفاقه بالنضال إلى كوبا حيث يرقدون في نصب أرنستو غيفارا في مدينة سانتا كلارا.
  49. ترك غيفارا ذو الذكاء الحاد العديد من الكتابات بالإضافة لفلسفة سياسية تسمى بـ"الغيفارية". حسب فيدل كاسترو: "كان تشي رجلاً ذو أفكار عميقة، وذكاء يرى المستقبل، رجل ذو ثقافة رفيعة. لقدم جمع في شخصه رجل الأفكار ورجل الأفعال… سيبقى للفلسفة السياسية والثورية لتشي مكانة وقيمة مستمرة في إطار العملية الثورية الكوبية والعملية الثورية اللاتينية الأميركية".
  50. ما زال تشي حياً في الذاكرة الجمعية للشعوب كمدافع عن المضطَهَدين، ذاك الذي انتفض في وجه الظلم، رمز الإيثار والزهد، الرجل الذي أخذ السلاح باسم المصالح العليا للمعذبين على هذه الأرض.

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني

آخر تعديل على الإثنين, 08 كانون2/يناير 2018 12:42