عهد النبي صالح
مجلة 927 مجلة 927

عهد النبي صالح

كتبت ليزا غولدمان مقالاً عن الأحداث المتصاعدة في فلسطين. وخصّت به قرية النبي صالح وعهد التميمي، الذي يحاول الإعلام الصهيوني ومن وراءه وسائل الإعلام السائد العالميّة أن تشوّه صورتها، أو بأفضل الأحوال أن تستهزأ ممّا قامت به بقولها بأنّه ليس أكثر من محاولة توزيع صورها في وسائل التواصل الاجتماعي. وتبعاً لكون الصحفيّة متخصصة في الصراع الدائر وتكتب بشكل دوري عنه، فإنّ لديها ما تقوله:

تعريب وإعداد: هاجر تمام

«خلال الأشهر الكثيرة التي قصدت فيها مظاهرات أيام الجمعة في قرية النبي صالح، لم أرى ولا حتّى مراسلاً واحداً من وسائل الإعلام الإسرائيليّة. ورغم ذلك، وبينما استمع إلى الراديو أثناء قيادتي السيارة في الأيام العصيبة الماضية، كان المذيع في الراديو الإسرائيلي يقرأ التقارير عن حدوث [أعمال شغب] في قرى الضفّة الغربيّة، ويقول بأنّ [قواتنا] تجاوبت باتخاذ إجراءات السيطرة على الشغب».

وتخبر ليزا بأنّ عائلة التميمي تتظاهر كلّ يوم جمعة منذ حوالي عقد، وذلك احتجاجاً على احتلال الجيش الصهيوني لنبع ماء النبي صالح الطبيعي، ومنع الأهالي من الاستفادة منه لصالح مستوطنة حلاميش القريبة. وتقول:

«كلّ أسبوع يتجمّع أهالي القرية على رأس التلّة داخل القرية، ويحملون الأعلام والرايات ويمشون تجاه الطريق الذي يفصلهم عن النبع. الهدف هو ببساطة أن يعبروا الطريق ويصلوا إلى النبع. وكلّ أسبوع، ينتشر الجيش وقوّات الأمن داخل وحول القرية من أجل منع المتظاهرين من الوصول إلى وجهتهم... ويبدؤون في بعض الأحيان بإطلاق النار حال بدء المظاهرات. وفي واحدة من الحوادث، فتح جنديّ باب سيارته الجيب المصفحة وهو يجول في القرية، ورمى قنبلة غاز في وجه مصطفى التميمي، ابن عم عهد، وقتله. ولم يتم معاقبة أو محاكمة أحد على جريمة القتل هذه... وهذا كلّه فقط جزء ممّا يحدث في قرية النبي صالح».

وتتحدث ليزا عن الاعتقالات والتخريب وإطلاق النار المكثف ورمي قنابل الغاز الذي شاهدته بنفسها أثناء تغطيتها للأحداث هناك: « يدخلون المنازل ويكسرون النوافذ ويرمون قنابل الغاز المسيل للدموع الذي تمّ منع استخدامه في أوروبا منذ الستينيات ... حتّى أنّ الفتاة الكبرى في العائلة أخبرتني بأنّهم لم يعودوا يستبدلون زجاج النوافذ المكسور ويضعون البلاستيك عوضاً عنه، فالزجاج باهظ الثمن ... وتكون بعض هذه المنازل فارغة إلّا من عجوزين مسنين يخرجون وهم يسعلون ويتمددون على الأرض جرّاء الغاز ... لقد رأيت بعينيّ قيام الجنود بجرّ أطفال صغار ورميهم في عربات الجيب ... لقد رأيت بأم عيني الجنود وهم يجرون نساء شابات على الطريق الأسفلتي الحار وكأنّهن أكياس بطاطا، وذلك قبل ضربهن ورميهن في الشاحنات العسكرية والذهاب».

وبعد أن تتحدّث عن تجربتها الشخصيّة مع أهالي القرية وعن قضيتهم العادلة رغم كلّ القمع الذي يواجهونه، تقول بوضوح عن عائلة التميمي: «إنّ عائلة التميمي يدركون بلا شك قوّة وسائل التواصل الاجتماعي، لكنّهم لا يخترعون تلك المواجهات لأجلها. في الواقع، من بين جميع الفيديوهات التي انتشرت، لم أرى ولا واحد يظهر ولا حتّى جزءاً من الواقع الوحشي الذي شهدته بعيني في النبي صالح. ربّما عليك أن تشمّ قنابل الغاز وتعيش في ذلك المكان الصغير كي تدرك الغضب الذي يثيره عمل الجنود هناك: إنّهم يدخلون بعنجهيتهم إلى القرية ويبدؤون بتفريق مظاهرات سلميّة بكل الطرق الممكنة. يقومون باقتحام المنازل وجرّ أشخاص غير مسلحين ولا يشكلون أيّ تهديد إلى السجون. يقتحمون المنازل في الرابعة صباحاً ويجرون مراهقة صغيرة من سريرها إلى سياراتهم ليقتادوها بعدها إلى السجن، ويمنعون عنها حتّى حقّها الطبيعي بأن يرافقها شخص بالغ».

وتقول ليزا عن عهد التميمي وعن تحولها إلى رمز: «إنّهم لا يملكون المال، وعبر التضحية بأنفسهم وبتعبيرهم عن مشاعرهم، يحاولون لفت نظر العالم إلى آلاف الأطفال الفلسطينيين في السجون، أولئك الذين ليس لديهم شعر أشقر ولا عائلة تقف خلفهم. إنّهم يظهرون للعالم ما يعنيه الاحتلال بالنسبة للناس الواقعيين وبشكل ملموس. لقد علموني وأعطوني المثال عمّا تعنيه المقاومة... وكما قال جوناثان بولاك للصحفي الإسرائيلي: إنّ السبب الذي تبدو فيه إسرائيل سيئة في هذه الفيديوهات، هو أنّ إسرائيل تقوم فعلاً بأشياء سيئة».

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني