هكذا أصبحت دولة الشرطة الأمريكية
بول كريج روبيرتس بول كريج روبيرتس

هكذا أصبحت دولة الشرطة الأمريكية

تجريم جزء من متعة عيد الميلاد في الولايات المتحدة سيجعلك تتساءل، هل بقي جزء من حياتنا لم تتدخل فيه دولة الشرطة الأمريكية؟ 

في أمريكا يتم تحديد طريقة تأديب الأهل لأطفالهم، فما كان خياراً شخصياً في الماضي أصبح الآن أمراً غير قانوني. وتحدد الدولة أيضاً شروط نقل الأطفال في السيارات، فلا يمكن تصميم السيارات إلا ضمن معايير السلامة والاقتصاد في الوقود التي تحددها الدولة.

لقد كتبت تقريراً منذ وقت ليس ببعيد حول اعتقال أم، على أساس أنها سمحت لطفلها أن يلعب دون رقابة في الساحة الأمامية للمنزل بالقرب من الشارع. حيث تم إلقاء القبض عليها اعتماداً على تقرير كاذب لأحد الجيران، واغتنمت الشرطة الفرصة لاعتقال الأم بتهمة عدم الإشراف على طفل قاصر. ووضعت الأم في السجن، والطفل في الحضانة الحامية للأطفال، وهرع الأب من عمله إلى المنزل لمعرفة إذا ما كان يستطيع إنقاذ أسرته من تدخل الشرطة الأمريكية. حدث هذا الأمر مع الكثيرين، واكتفى الأمريكيون بالمشاهدة دون أن يفعلوا شيئاً.

عندما تلغي الدولة حكم الوالدين على أطفالهم وتفرض حكمها، فإنها تبعد الآباء عن مهامهم تجاه أطفالهم. وإن الأطفال الذين هم دائماً تحت الإشراف والمراقبة، لا يتطورون ولا يتعلمون تحمل المسؤولية. ويتم تحديد كيفية لعب الأطفال وحتى الكلمات التي يستخدمونها فبعضها أصبح محظوراً.
ولعل أحداً ما قد درس تأثير مثل هذا التدخل المكثف في الحياة الخاصة على الثقافة. وهناك عوامل أخرى تؤثر على الثقافة مثل اعتماد سياسة الهوية. فتلغي سياسة الهوية تدريجياً العلاقة بين الجنسين، خاصة إذا كان الذكر أبيض، حيث عرّفت سياسة الهوية الذكور البيض بأنهم المضطهدون من قبل جميع الأجناس الأخرى.

الناس يولدون ولا يملكون أي خبرة عما كان موجوداً في السابق، لذلك فهم لا يعلمون شيئاً عما تم فقدانه. ويُعتبر هذا التأثير على الأجيال أفضل حليف لدولة الشرطة.

يولد الناس هنا في بلد لا تخضع شرطته للمساءلة ويمكنهم أن يمارسوا الوحشية والقتل والسرقة، وتعتبر هنا الحكومة نفسها فوق القانون المحلي والدولي والدستور الأمريكي. ويتجاهل هذا البلد أشكال الحماية الدستورية، كما يدعي أن له الحق في تدمير بلدان بأكملها لمجرد رفض حكوماتها اتباع أوامر واشنطن. ويعتقد أن له حق التدخل في الآراء، ويصف من يقولون الحقيقة أنهم متآمرون وأعداء للشعب.
هذا البلد هو الولايات المتحدة الأمريكية. إنه البلد الأكثر عاراً على وجه الأرض. ويعتبر حكام الولايات المتحدة أن هيمنتهم أهم من رفاه الناس والحياة على هذا الكوكب.

إذا أراد الشعب الأمريكي أن ينقذ أمريكا ويجعلها بلداً يُسمح فيه للمواطنين بحرية التفكير وحرية التعبير، واتخاذ قراراتهم الخاصة في تربية أبنائهم، فعليهم أن يقفوا في وجه من يدمرون بلدهم، كما عليهم الرد على العنف الذي يتعرضون له بأشكاله المختلفة.

هناك نوعان من القوى في التاريخ، إحداها هي الأفكار والأخرى هي العنف. وأصبحت أمريكا من خلال أعمال العنف، على صراع مع روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية.
وأعاد الرئيس الأمريكي ترامب إشعال العداء بين العرب من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، من خلال التماس المساعدة من إسرائيل ضد حكومته.
وأصبحت واشنطن اليوم هي الوحيدة التي تدافع عن إسرائيل، وسبب تعاملها الغبي مع الأمور خلق الكثير من العداوات لنفسها.
لقد أثبتت واشنطن أنها غير قادرة على القيادة، في حين أن روسيا والصين وإيران أثبتت كفاءتها في ذلك، وهذا ما يتضح يوماً بعد يوم.
لقد حان الوقت ليتجاوز الأمريكيون حكومة واشنطن وإساءة استعمالها للسلطة.

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني