ضربة قاصمة من أجل إنهاء هيمنة الدولار
نحن نتحرّك تجاه المرحلة الأخيرة في المعركة بين العملات
تعريب: هاجر تمام تعريب: هاجر تمام

ضربة قاصمة من أجل إنهاء هيمنة الدولار

بدأت بلدان بريكس تنظر في أمر البدء بمنصّة تبادل ذهب داخليّة، وذلك وفقاً لمسؤولين روس. عندما يحدث ذلك، سيتمّ إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي بشكل ملحوظ وسيخسر الغرب هيمنته، كما يتنبأ خبير بالمعادن الثمينة.

تمّ في عام 2016 الإتجار بـ 24.338 طن من الذهب المادي، وهو ما يزيد بنسبة 43% عن كميّة 2015، وذلك وفقاً لكلاوديو غراس من «استشاريّة المعادن الثمينة السويسريّة».

  • الذهب يتحرّك من الغرب إلى الشرق:

يقول غراس: «علينا أن نضع مبادرة بريكس في سياق أوسع. إنّها مجرّد جزء من التحوّل الزلزالي الجيوسياسي الذي بدأ قبل عقود. لقد شهدنا تدفقاً مستمراً من الذهب المادي من الغرب إلى الشرق. في الوقت نفسه، خسر الغرب الحرب الاقتصاديّة، ونتيجة لذلك فإنّ التركيز يتحوّل الآن من النظام المالي. تهيمن الصين على الاقتصاد العالمي وقد حلّت محلّ الولايات المتحدة بوصفها القوّة الاقتصاديّة العالميّة الهائلة».

إنّ إنشاء معيار جديد للذهب من قبل بريكس هو أيضاً خطوة نحو نهاية هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي.

يضيف غراس: «تدرك بكين وموسكو بأنّ أمريكا قد استخدمت الدولار للسيطرة على العالم، وعبر تطبيق نوع جديد من (معيار الذهب 2.0)، يريدون أن يبعدوا نفسيهما عن هذه الهيمنة. علاوة على ذلك، الأغلبيّة العظمى من السكان في آسيا يرون بأنّ الذهب هو مالٌ متفوق أو (حقيقي)، فقد نسي الغرب ذلك بسبب كلّ تلك الثروة الورقيّة (الائتمان) الذي راكموه».

ويشير الخبير إلى أنّ دول البريكس فيها 40% من سكّان العالم ونحو 23% من الناتج المحلي العالمي. ويقول: «بالتزامن مع الإعلان عن تسعير النفط باليوان، باستخدام عقود ذهب مستقبليّة مدعومة بالذهب في شانغهاي، وتأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتيّة، وبنك التنمية الجديد، فإنّ الصين تؤسس لمرحلة بديلة لمؤسسات ما بعد بريتون وودز. هذا بالتأكيد سوف يغيّر قواعد اللعبة».

  • سوق المعادن الثمينة المدعوم عضوياً يعلن نهاية تجارة الذهب الورقيّة:

يمكن لمستوى الثقة بين دول بريكس أن يساعدهم على تأسيس تجارة ذهب بين أعضاء المجموعة، والتي ستكون مدعومة عضوياً 100%.

قال غراس: «هذا سيشكّل منافسة قابلة للحياة يمكن أن تؤدّي مع مرور الوقت إلى تفكيك النظام الحالي، حيث من المحتمل أن يبقى الغرب يتاجر بالذهب الورقي في الوقت الحالي».

وفقاً لإحصاءات تقاص الذهب في لندن عام 2016، فإنّ حجم التداول الإجمالي في سوق ذهب OTC يقدّر بما يعادل 1.5 مليون طن من الذهب. وقد وصل حجم العقود الآجلة على الذهب 100أونصة في سوق COMEX في نيويورك إلى 57.5 مليون عقد أثناء 2016، أو كميّة 179 ألف طن من الذهب.

  • كميّة الذهب المستخرج أقلّ بكثير:

قال غراس: «إذا أخذنا بالاعتبار أنّ قرابة 180 ألف طن من الذهب فقط قد تمّ استخراجه بشكل فعلي حتّى هذا اليوم، فستتبدّى لنا عمليّة احتيال عملاقة جدّاًـ وهي بالتأكيد غير مستدامة. إنّ احتيال الأوراق في لندن وفي نيويورك سوف تضطرب بشكل عنيف، إمّا عندما تنهار أسعار الذهب الورقي إلى الصفر أو عندما يصرّ عدد قليل من المستثمرين على الحصول على الذهب المادي مقابل أوراقهم».

يعتقد الخبير بأنّ الإتجار القائم بالذهب الورقي يمكن أن يتوقف عن الوجود عاجلاً أو آجلاً.

وتبعاً لغراس: «من المرجّح أن يعفي عليها الزمن وأن تفقد أهميتها مع مرور الوقت. رغم أنّ المرء لا يستطيع أن يتنبأ بالضبط بمدى سرعة حدوث ذلك، فالاتجاه إليه واضح: إنّ COT و COMEX يعملان على تدمير نفسيهما».

  • ستنفجر أسعار الذهب إن تمّ دعمها بالمعادن الثمينة:

كتب غروس: «سيؤدي هذا بالتأكيد إلى ارتفاع أسعار الذهب المادي. تخيّل لو أنّ بإمكانك أن تشتري الذهب في COMEX و OTC بسعر أدنى بكثير ولديك القدرة بأن تبيعه في آسيا بسعر أعلى بكثير، هذا سيقضي على الفور على احتيال الورق القديم. وعليه، أظنّ بأنّ كلا السوقين سيضعان قيوداً جديدة تسمح للتسويات النقديّة بأن تسري فقط. نعلم على سبيل المثال بأنّ 99.96% من عقود ذهب COMEX الآجلة قد تمّت تسويتها نقداً حتّى اليوم».

  • المعركة الأخيرة: الذهب ضدّ الدولار:

ذكر المحلل نظريّة «قلب الأرض» لهالفورد ماكيندر، المفكّر الجيواستراتيجي البريطاني في بداية القرن العشرين الذي أثّر بأمثال كيسنجر وبرينجسكي. وفقاً لهذه النظريّة، فسنشهد عمّا قريب حرباً بين الذهب المادي وبين الدولار الأمريكي. فقال: «تبعاً لفهمي، فنحن نتحرّك تجاه المرحلة الأخيرة في المعركة بين العملات، معركة بين قوى تدعمها أصول صلبة شكّلت المال الحقيقي منذ زمن سحيق وحتّى عام 1971، وبين تلك المدعومة عبر وعود مستقبليّة بأنّ الأجيال التالية ستدفع عبر الديون والتضخم والضرائب المتزايدة باستمرار».

  • الابتعاد عن العملات الورقيّة سيكون جيداً للذهب:

وكما اختتم غراس حديثه: «أودّ أن أختتم بفكرة أخيرة منقولة عن صديقي جايانت بنداري: إنّ مزيج العوائد السلبيّة، والمخاطر السياسيّة الهائلة في جميع أنحاء العالم ومحاولات الابتعاد عن العملات التقليديّة، سيكون له أثر إيجابي على الذهب، وسوف يحمله لمستوى أعلى. إنّ الاستثمار مرتبط بشكل وثيق بالجغرافيا-السياسيّة. وبمجرّد فهمك للصورة الكبرى، يجب عليك أن تعلم أين تستثمر».