تقرير رويترز: بوتين يرى فرصة لقلب المائدة على أوباما في قمة العشرين
تيموثي هيريتيج تيموثي هيريتيج

تقرير رويترز: بوتين يرى فرصة لقلب المائدة على أوباما في قمة العشرين

بعد أقل من ثلاثة أشهر من شعور فلاديمير بوتين بالعزلة في الاجتماع الأخير لزعماء العالم الكبار بشأن سورية لمح الرئيس الروسي فرصة لقلب المائدة على الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

ومأزق الرئيس الامريكي بشأن الرد العسكري على هجوم مزعوم بالغاز السام في سورية يجعله الشخص الذي يتعرض لضغوط أكبر في قمة مجموعة العشرين التي تعقد في مدينة سان بطرسبرج الروسية يومي الخميس والجمعة القادمين (5-6/9/2013).


فقد تراجع أوباما يوم السبت وأرجأ أي ضربة وشيكة إلى ان يحصل على موافقة الكونجرس الأمريكي.


لكن في قمة مجموعة العشرين التي عقدت في ايرلندا الشمالية في يونيو حزيران الماضي كان بوتين هو الذي يقف في عزلة الملل يجلس في مؤخرة الفصل الدراسي".

وتجاهل بوتين هذا التشبيه وتمسك بموقفه من سورية ورفض مزاعم أوباما بأن قوات الحكومة السورية نفذت هجوماً بالأسلحة الكيماوية يوم 21 اغسطس/ آب.

وبعد الضغط المتنامي على زعماء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بشأن سورية يتحدث بوتين رئيس جهاز المخابرات السوفيتي الاسبق (كيه.جي. بي) بسخرية الآن عن أوباما الحائز على جائزة نوبل للسلام ويصور السياسة العالمية للولايات المتحدة على انها فاشلة.

وفي مدينة فلاديفوستوك سأل بوتين الصحفيين يوم السبت قائلاً "نحتاج لأن نتذكر ما حدث في العقد الأخير وعدد المرات التي بدأت فيها الولايات المتحدة صراعات مسلحة في مناطق مختلفة من العالم. فهل نجحت في حل مشكلة واحدة؟".

وقال أثناء جولة له في أقصى شرق روسيا "أفغانستان كما قلت والعراق ...رغم كل شيء لا يوجد سلام هناك ولا الديمقراطية التي زعم شركاؤنا أنهم يسعون اليها."

وبدا بوتين صلباً واثقاً وهو ينفي فكرة ان تستخدم القوات السورية الأسلحة الكيماوية، ووصف ذلك بأنه "محض هراء".

وبعد شهور من الضغوط للتخلي عن الرئيس السوري يبعث بوتين برسالة إلى الغرب بأنه مستعد لأن يخوض معركة بشأن سورية في سان بطرسبرج ويرى فرصة لتصوير الولايات المتحدة على انها الفتى الشرير في المجموعة.

وقال "بالطبع مجموعة العشرين ليست سلطة قانونية رسمية. وليست بديلاً عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ولا يمكنها أن تأخذ قرارات بشأن استخدام القوة. لكنها منبرا لبحث المشكلة. لماذا لا نستفيد من ذلك؟".

وأضاف "هل من مصلحة الولايات المتحدة أن تدمر مرة أخرى النظام الأمني الدولي وأساسيات القانون الدولي؟ هل سيؤدي ذلك إلى تعزيز المكانة الدولية للولايات المتحدة؟".

كان هناك شعور بالتفاخر في أول تعليق علني لبوتين على النزاع بشأن هجوم الغاز السام الذي قتل مئات الاشخاص في مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.

ويحرص بوتين على تفادي الانتقادات في الاجتماع الذي يعقد هذا الأسبوع لمجموعة العشرين التي تضم دولاً متقدمة وصاعدة ومن بينها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن والذي من المرجح ان تشغله الاوضاع في سورية أكثر من المحادثات الخاصة بالاقتصاد العالمي.

ويبدو بوتين مصمماً على توجيه النقد إلى أوباما الذي انسحب من قمة روسية-أمريكية كانت مقررة هذا الاسبوع بعد ان تحدت موسكو واشنطن ومنحت المتعاقد الامريكي السابق مع المخابرات الامريكية ادوارد سنودن حق اللجوء لمدة عام.

ومازال بوتين معرضا لمواجهة انتقادات في قمة العشرين بشأن قانون يحظر "الدعاية للمثليين" وهو متهم في الخارج بشن حملة على المعارضة لترسيخ سلطته بعد أكبر احتجاجات تشهدها روسيا منذ انتخابه رئيسا عام 2000.

لكن التوتر بشأن ضربات عسكرية محتملة لسورية جعل أوباما لا بوتين محور اهتمام العالم في الفترة التي تسبق عقد قمة العشرين التي ستبحث قضايا مثل النمو الاقتصادي والبطالة وتنظيم القواعد المالية.

لم يحدث مثل ما حدث عشية قمة مجموعة الثماني حين عبر رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر عن غضبه من موقف روسيا بشأن سورية وقال ان مجموعة الثماني للدول الصناعية هي في الحقيقة "مجموعة السبع زائد واحد".

وقضي الآن فيما يبدو على أي آمال لدى الغرب بأن تغيّر روسيا موقفها بسبب استخدام اسلحة كيماوية.

وقال مسؤولون روس مجدداً ان موسكو - وهي مورد رئيسي للأسلحة لسورية - لها الحق في تسليم هذه الأسلحة وأن بيعها لا ينتهك القانون الدولي. وأوضحت موسكو انها لن تؤيد اجراءات ضد دمشق في المنظمة الدولية.

ويقول بوتين ان الهجوم ربما كان استفزازاً من جانب مقاتلي المعارضة الذين يقاتلون الدولة السورية بهدف تسريع التدخل العسكري الأمريكي.

وقال مسؤول بارز بالإدارة الامريكية في واشنطن "المزاعم مستمرة من مسؤولين روس وبالقطع من وسائل الاعلام الروسية بأن الولايات المتحدة لها أجندة تتركز على تغيير النظام (في سورية) وان الولايات المتحدة تذكي الاضطرابات في الشرق الاوسط لأهدافها الخاصة."
وقال "هناك أيضاً مصلحة حيث نجحت المشاعر المعادية لأمريكا في حشد الرأي العام (الروسي)."

ويبدو ان بوتين تجرأ مع تراكم مشاكل أوباما ومواجهة بعض حلفائه مصاعب بشأن سورية.

ويتعرض رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لضغوط بعد ان رفض البرلمان تأييد العمل العسكري كما ان قرار اوباما السعي للحصول على موافقة الكونجرس لتوجيه ضربات وضع الرئيس الفرنسي فرانسوا اولوند تحت وطأة ضغوط للسماح للنواب بأن يكون لهم قول في هذا الأمر.

وقال بوتين ان تصويت البرلمان البريطاني يوم الخميس الماضي كان علامة على انه حتى الناس في الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة تستخلص نتائج مما اعتبره أخطاء السياسة الخارجية لواشنطن.

وأضاف بوتين "حتى هناك يوجد ناس توجههم المصلحة الوطنية والمنطق السليم .. أشخاص يثمنون السيادة."

وأي احتمال "للتشهير" ببوتين حتى يغيّر مساره بشأن سورية يعتبر غير مرجح بدرجة متزايدة.
وقال مسؤول كبير بالإدارة الامريكية "لا ينتابني الاحساس بأن روسيا قلقة كثيراً على صورتها الدولية في هذا الشأن."
وأضاف "انها تفتخر بأنها مستقلة ... روسيا لا تتردد أو تخجل عندما يتعلق الأمر بتأييدها لسورية."



المصدر: وكالة رويترز