إدارة الحكومة على أنّها شركة
الفكرة من إدارة الحكومة كشركة هي في ليّ يد العمّال
مايكل هدسون مايكل هدسون

إدارة الحكومة على أنّها شركة

لطالما قال العديد من الناس أنّه يجب إدارة الحكومة كما لو أنّها شركة، ولطالما كان هذا الأمر مجرّد طرح ساذج يقوله أحد المنزعجين من إدارة حكومية أو ربّما نتيجة تأثره الشديد بإعلام الشركات. لكنّ بعض السياسيين قالوا ذلك، وأيّد طرحهم عددٌ لا بأس به من الناس. يقوم كيم براون بمحاورة البروفسور والباحث الاقتصادي في جامعة ميسوري مايكل هدسون حول هذا الأمر.

تعريب وإعداد: عروة درويش

هل هي فكرة جيدة أن نحاول إدارة الحكومة بالطريقة التي ندير فيها شركة؟

مايكل: إنّها فكرة سيئة. لقد نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» اللندنية، رغم كونها الصحيفة التي تعبّر عن قوى المال، بنشر مقالٍ افتتاحي رائع تخبر فيه سبب عدم قدرة الشركات على جعل الحكومة رائعة. بكلمات أخرى، لماذا لا يمكن للشركات أن تُدار مثلما تُدار الحكومة.

تخيّل نفسك تعمل لدى صاحب عمل، وآخر شيء تريده أن يستطيع صاحب العمل هذا إدارة عمله كيفما شاء، دون شروط سلامة، ودون أن يدفع لك وقتاً إضافياً، ودون أن يدفع لك معاشك التقاعدي، ودون أن يدفع لك تكاليف الرعاية الصحيّة.

الفكرة من إدارة الحكومة كشركة هي في ليّ يد العمّال. كي تدفع للعمّال أقلّ قدر ممكن، وكي يحصل رجال الأعمال على أكبر قدر ممكن من المال لأنفسهم. لذلك عندما يقول أحدهم: «دعنا ندير الحكومة كشركة» فما يقصده هو: دعنا ندير الحكومة لصالح الشركات.

أعطت فايننشال تايمز مثالاً رائعاً. قالوا: انظروا إلى الشيء الذي صنع سمعة ترامب سياسيّاً في نيويورك، وهو ما أتذكره شخصياً لأني كنت هناك: خصصت المدينة عندما كانت تحاول بناء "حلبة تزلج ولمان" قرابة 13 مليون دولار، فقال ترامب: أستطيع أن أبنيها بشكل أرخص كرجل أعمال: «حسناً، سأقوم بالأمر كرجل أعمال، عليكم أن تعلقوا القواعد المتعلقة بكفاءة الوقود».

بحسب الفايننشال تايمز، كان لدى إدارة الحدائق شرطان: أن تحوّل البناء لحلبة تزلّج، وأن تحقق كفاءة باستخدام الوقود. وقد تمّ التخلي عن المطلب الثاني لصالح السيد ترامب.

تعني إدارة الحكومة كشركة بكلمات أخرى: دعنا نتخلص من الاهتمام بالبيئة فهي مكلفة للأعمال، ودعنا لا نفرض الضرائب على الأعمال لأنّها تزيد الكلفة، ودعنا نتخلّص من أيّ تشريعات عمّالية. هناك أيضاً حماية المستهلك: دعنا نتخلص من وكالة الحماية الماليّة للمستهلك التي تمنع المصارف من خداع زبائنها، ذلك أنّ كل همّ الشركات ينصبّ على أخذ كلّ ما يمكنها أخذه. وفي النهاية، إنّ الاختلاف الحقيقي بين الأعمال الخاصّة والحكومة هو عدم قدرة الأعمال الخاصّة على إدارة عجز. فالأمر يشبه عائلة يفترض فيها أن توفّر وتدير العجز.

لكن يفترض بالحكومات أن تدير العجز، ذلك أنّه يفترض بها خسارة المال في الموازنة العامّة. يفترض بها أن تنفق المال في الاقتصاد، وهكذا يحصل الاقتصاد على المال الكافي لينمو.

يشبه الأمر ما قاله الجمهوريون: عليك أثناء الأزمات أن تكون مسؤولاً مالياً وألّا تدير عجزاً. ويعني ذلك ألّا تضخ المال في الاقتصاد وأن تحمله على الاستدانة من المصارف، وحينها يكون هناك تقشّف في العمالة. ثمّ وبعد عدم قدرتهم على الحصول على الترليون دولار التي أرادوها ليضغطوا في مجال الرعاية الصحيّة، قال ترامب: "نريد أن ننفق المال في الاقتصاد من خلال خفض الضرائب على الأثرياء، وأيضاً من خلال إنفاق المزيد على البنتاغون".

لا شيء من هذا سوف يضع المال في الاقتصاد.

ثمّ وبشكل يدعو إلى المفاجأة، قال الديمقراطيون شيئاً صحيحاً: حسناً انتظروا، سندير جميعنا العجز إن كان سيزيد من العمالة ويرفع مستويات الأجور. لكننا لن ندير العجز ببساطة عن طريق تخفيض الضرائب عن الأثرياء.

لا يجني رجال الأعمال مالهم من خلال توظيف العمّال، بل يجنون مالهم عن طريق زيادة ثمن أسهمهم. يقومون بذلك من خلال المضاربة، في سوق السندات والأسهم، وفي المضاربة العقارية. ويحصلون على مالهم من خلال تجنّب الضرائب وتجنّب القوانين البيئية. يقومون بذلك بتجنّب جميع التشريعات التي يجب على الحكومة أن تفرضها لإحداث الضوابط والتوازن ولجعل الحكومة ديمقراطية ولتحقيق العالم الذي يرغب الناس في العيش فيه. رجل الأعمال يؤيّد الأعمال فقط.

 

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء» لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني