نبوءة سياتل... أمنا الطبيعة تنتفض
إذا استمر وضع هذه الممارسات الشائنة، فسترتفع درجات الحرارة، وسيلحقها ذوبان الثلوج من المحيطين...
مجدل دوكو مجدل دوكو

نبوءة سياتل... أمنا الطبيعة تنتفض

إثر المعاهدة التي أبرمت عام 1885 بين حكومة الولايات المتحدة الأمريكية والهنود الحمر آنذاك، وجه زعيم الهنود سياتل خطاباً تاريخياً إلى الأمة الأمريكية، أبرز ما في مضمون هو النبوءة اختلاف وجهتي النظر لكل من البيض الأمريكان والهنود الحمر فيما يتعلق بتصور كل منهما للطبيعة ومحيطها البيئي.

هذا الخطاب الاستشرافي يحتفظ بنسخة منه في مكتبة الكونغرس الأمريكي. ونظراً لمحتواها الإنساني العميق، اضطر الأمريكان لتكريم هذا الزعيم وتخليد اسمه على مدينة تعرف بسياتل وهي من أشهر المدن الأمريكية، وقد ورد في هذا الخطاب التاريخي: «سيأتي اليوم الذي ستختفون فيه بنفاياتكم، وعلامة ذلك اليوم هي اغتيال كل الثيران البرية وترويض كل الخيول الوحشية. هو اليوم الذي سيطال فيه التلوث البشري أكثر المناطق... فكيف سيكون مصير البشرية والغابات؟ هل ستندثر هي أيضاً؟»
نبؤة هذا الراحل العاقل تنطبق اليوم بعد 132 عاماً؛ فالأعاصير الهائجة تضرب الولايات المتحدة الأمريكية، ودول الجوار، ولم يشهد التاريخ الأمريكي الحديث مثيلاً لها.
إعصار «هافي»، «إيرما» أو جهنم... سمِّه ما شئت، فهو طبيعي بالنسبة إلى الفعل الجائر الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية بحق الطبيعة، وهو رد فعل عنيف لفعل شنيع بنفس القوة ويعاكسه في الاتجاه. حيث تعتبر الولايات المتحدة المساهم الثاني في العالم في انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون، مع أن سكانها لا يشكلون إلا 5% من سكان العالم.
لم تلتزم الولايات المتحدة بأية اتفاقية دولية لخفض انبعاث الغازات بتدفئة الكرة الأرضية وتلوث البيئة.
وإذا استمر وضع هذه الممارسات الشائنة، فسترتفع درجات الحرارة، وسيلحقها ذوبان الثلوج من المحيطين المتجمد الشمالي والجنوبي، وسيزداد منسوب المياه البحار والمحيطات وستغرق بعض الدول، وستنقرض الكثير من الحيوانات البرية والبحرية، وستنخفض الغلال، وسيعم الجوع، وتزول الغابات وخاصة المطرية منها، وهي مهددة، وحياة البشر معها، بالفناء. أما علماء البيئة، فلا يملَّون من دق ناقوس الخطر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العولمة المتوحشة والنيوليبرالية الاقتصادية باتت وحشاً فالتاً من عقاله. لا تفكر إلا بالحرب والتسلح وتوسيع رقعة الحرب والنهب والقتل...

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء» لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني