عفاريت جنيف2 تلفظ أنفاسها الأخيرة في جنيف5!

عفاريت جنيف2 تلفظ أنفاسها الأخيرة في جنيف5!

 

 

ما الفرق بين جنيف2 وبين الجولة الخامسة (الحالية) من جنيف3؟ هنالك في الحقيقة فروقات عديدة ربما أهمها وأوزنها هو مستوى اختلال موازين العالم القديم لغير مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها، بما في ذلك من تفاصيل عديدة جداً عبر السنوات الثلاثة الماضية، ولكن إذا ركزنا الاهتمام على عملية جنيف نفسها وما الذي تغير فيها (وبطبيعة الحال فإنّ التغير فيها واحد من انعكاسات التغيرات الدولية والإقليمية والمحلية)، فإننا سنجد مسألتين أساسيتين على رأس القائمة:

 

1- طبيعة تمثيل المعارضة التي انتهى فيها احتكار (استانبول- الدوحة- الرياض) كمرادفات لـ(المجلس الوطني- الائتلاف- الهيئة العليا) عبر الإقرار بوجود وفدين آخرين كاملي الحقوق هما وفدا منصتي موسكو والقاهرة.

2- جدول الأعمال القائم على التوازي، وليس التسلسل: أي الإقرار بإنهاء الجدل حول (بأي المسألتين نبدأ: الإرهاب أم الانتقال).

هذان الفارقان تم تثبيتهما عبر 2254، وتأخر تثبيتهما ضمن "مؤسسة جنيف" حتى الجولة الماضية من المحادثات قبل شهر من الآن.

ما جرى حتى اللحظة ضمن الجولة الحالية، هو محاولات شرسة، يمكن وصفها بالمجنونة واليائسة، لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، عبر محاولة تغييب وفدي موسكو والقاهرة لمصلحة تركيز الضوء على الرياض، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، عبر إصرار وفد الحكومة ووفد الرياض حتى اللحظة على إظهار أقصى ما يمكن لكل منهما أن يظهره من تشدد مغلف بعبارات "الحرص على الحل السياسي"، وكل منهما يتمنى من الآخر أن ينسحب أو يعلّق اشتراكه ليحمل عنه عبء مسؤولية الإفشال، الذي يتمنيانه كلاهما، ولكن ما يعيقهما، كليهما، هو وجود منصة موسكو، والقاهرة أيضاً. منصة موسكو أصرت بشكل واضح منذ الجولة الماضية أنها ستستمر في المفاوضات ولو بقي شخص واحد، قاطعة الطريق على الرياض باتجاه التعليق والانسحاب، وحارمة الوفد الحكومي من الخدمة الدورية التي كان يؤديها له وفد الرياض عبر انسحابه وتعليقه وشروطه المسبقة.

 

في هذه الجولة وخلال اليومين الأولين، تظهر على السطح عفاريت جنيف2 وهي تنازع وتصرخ باحثة عن جو يمكّنها من الحياة، ولكن الطرق بدأت تنغلق في وجهها سريعاً، وسرعان ما سيجري دفنها نهائياً... فهواء التوازن الدولي الجديد ليس صالحاً للتنفس بالنسبة لعفاريت التخريب والفوضى الخلاقة.