الهاربون من "داعش"

الهاربون من "داعش"

مع نهاية العام المنصرم بدأت "الإدارة الذاتية" بالحسكة بإنشاء مخيمٍ خاصٍ بالنازحين الهاربين من بطش تنظيم "داعش" الإرهابي، من مختلف المناطق، كالرقة ودير الزور والشدادي، وذلك في بلدة المبروكة الواقعة غرب رأس العين بمسافة 50 كم تقريباً والتابعة لمحافظة الحسكة، وقد بدأ هذا المخيم من داخل إحدى المدارس في البلدة، ليتسع فيما بعد بنصب الخيام لاحقاً وبات يضم أعداداً غفيرة من النازحين السوريين.

وقد فرضت "الإدارة الذاتية" في حينه شرطاً أمام هؤلاء النازحين بعدم مغادرة هذا المخيم إلا بموجب كفالة من أحد المقيمين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وإلا فيستمر احتجاز هؤلاء رغماً عن إرادتهم فيه، ليصبح واقع هؤلاء أشبه بالإقامة داخل سجن، حيث ممنوع عليهم الدخول والخروج، وحتى البحث عن فرصة عمل تقيهم شر الحاجة والعوز، بظل تدني الخدمات والنقص بالمواد والاحتياجات الأساسية من غذاء وملبس ودواء وغيره.

وقائع جديدة

وتشير بعض الوقائع الملموسة مؤخراً أن سلطة الإدارة الذاتية في المخيم، ترفض حتى الكفالة، مع العلم أن قسماً كبيراً من هؤلاء النازحين يدخلون أراضي محافظة الحسكة، للذهاب الى القامشلي واستكمال السفر إلى محافظات أخرى من البلاد.  

المخيم حالياً بات يؤوي الآلاف حسب بعض التقديرات، من الهاربين من بطش داعش والواقعين تحت رحمة "الإدارة الذاتية" بشروطها التي باتت مجحفة وغير إنسانية بحقهم، وهم بغالبيتهم من النساء والأطفال وكبار السن.

من الدلف إلى المزراب

يشار إلى أن هؤلاء النازحين والهاربين كانوا بالأصل قد فُرض عليهم التوقيع على أوراق تتضمن التخلي عن ممتلكاتهم وأراضيهم وأموالهم لصالح التنظيم الإرهابي "داعش"، بمقابل موافقة الأخير على خروجهم من مناطق سيطرته، ليجدوا أنفسهم وقد وقعوا بحالة تشبه الأسر لدى المتنفذين من "الإدارة الذاتية"، بعيداً عن كل الادعاءات عن المواطنة والإنسانية والديمقراطية التي تعلن عن تبنيها.

وإذا كان التدقيق الأمني مبرراً من حيث المبدأ ضمن الظروف الحالية، إلا أن استخدامه ذريعة، وتعرض المواطنين السوريين بسببه للابتزاز، أمر مرفوض بالمقاييس الوطنية والإنسانية. 

الاحتياجات الإنسانية ضرورة.. ولكن!

ما يتم تداوله أن غايات هذا الإجراء من قبل "الإدارة الذاتية"، المقترن بوجود المخيم كأمر واقع، بأنه من أجل تسجيل هؤلاء المحتجزين بهذا المخيم بقوائم المساعدات لدى المنظمات الدولية وهيئات الأمم المتحدة ذات الصلة، بغاية الحصول على المساعدات والإعانات النقدية والعينية باعتبارهم نازحين وهاربين من الإرهاب الداعشي، وهم بحاجة للمساعدات على كافة المستويات(الإنسانية والمعيشية والتعليمية والصحية وغيرها) وهو أمر ضروري وحياتي بكل الأحوال، ولكنه بعيد عن حقيقة رغبات هؤلاء المحتجزين بالخروج من هذا المخيم الذي فُرضت عليهم الإقامة فيه رغماً عن إرادتهم.

مع الأخذ بعين الاعتبار بعض الإجراءات الأخرى التي يتم فرضها على هؤلاء، مثل الفرض على أبنائهم الذين أصبحوا بسن الشباب الانخراط بالعمل مع قوات الحماية الذاتية، وغيرها من الإجراءات الأخرى التي يتم فرضها بمقابل الاحتياجات الأساسية اليومية للنازحين، في استغلال مباشر لهذه الاحتياجات.

 واقع هؤلاء المحتجزين من النازحين لا يختلف عن واقع أقرانهم الهاربين من البطش الداعشي والذين وصلوا إلى مدينة السويداء، أو إلى الحدود الأردنية أو التركية، حيث وجدوا أنفسهم تتقاذفهم مصالح كل القوى المتصارعة، بعيداً عن مصلحتهم الخاصة ورغباتهم الشخصية بالعيش بكرامة وأمان.