أوباما يتوسل «وحدة» الناتو و«انقسام» أوروبا! (الترجمة الكاملة)
ترجمة: قاسيون ترجمة: قاسيون

أوباما يتوسل «وحدة» الناتو و«انقسام» أوروبا! (الترجمة الكاملة)

نشرت صحيفة فاينانشيال تايمز قبل يومين، بتاريخ 8/تموز، مقالاً كتبه الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع وصوله إلى وارسو للاشتراك في قمة الناتو الأخيرة. 

المقال بعنوان (تحالف أمريكا مع بريطانيا وأوروبا سيصمد)، ويظهر المقال محاولات واشنطن المستميتة للإبقاء على حلف الناتو وتعزيزه في الوقت نفسه الذي تظهر فيه مؤشرات تداعي هذا الحلف على صعد عدة، فمن جهة هنالك ضريبة النهب الاقتصادي التي تدفعها دول الحلف لأمريكا والتي لم تعد قادرة على دفعها تحت ضغط الأزمة الرأسمالية، ومن جهة أخرى هنالك إمكانيات جدية لتفكك الاتحاد الأوروبي وانقسامه حول مسألة روسيا والعلاقة معها بالذات، وكذلك التقارب التركي الروسي الأخير وغيرها من المؤشرات.. فيما يلي تقدم «قاسيون» لقرائها الترجمة الكاملة لمقالة أوباما المشار إليها، لما فيها من إشارات مهمة عن الاتجاه العام المتراجع الذي تعيشه الولايات المتحدة ومعسكرها عموماً..

تحالف أمريكا مع بريطانيا وأوروبا سيصمد!

 

قد تكون هذه أهم لحظة في تاريخ تحالفنا العابر للأطلسي منذ نهاية الحرب الباردة. 

لقد أودت الهجمات الإرهابية التي نفذها تنظيم الدولة الإسلامية، أو ألهم الأخرين بتنفيذها، بحياة أبرياء في دول حلف شمال الأطلسي من أورلاندو إلى اسطنبول، مروراً بباريس وبروكسل. إن الصراعات من إفريقيا إلى أفغانستان مروراً بسورية تسببت بموجات من المهاجرين الباحثين عن ملجأ في أوربا، في حين يهدد العدوان الروسي على أوكرانيا رؤيتنا لأوربا متكاملة وحرة وتعيش بسلام.. وإن التصويت في المملكة المتحدة لمصلحة مغادرة الاتحاد الأوربي يطرح أسئلة هامة عن مستقبل التكامل الأوربي.

وبوصولي إلى وراسو لعقد اجتماعات مع قادة حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، فإني أعتقد أن دولنا يجب أن تستجمع الإرادة السياسية، وتقدّم التزامات ملموسة، لمواجهة هذه التحديات الملحّة. أعتقد أننا نستطيع ذلك- فقط إذا وقفنا متحدين كحلفاء حقيقيين وشركاء.

رغم كل الصعوبات التي من الممكن أن تنشأ، أنا واثقٌ من أن المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي سوف يكونان قادرين على الاتفاق على انتقال منظّم للعلاقة الجديدة، مع تركيز بلداننا جميعاً على ضمان الاستقرار المالي والنمو في الاقتصاد العالمي. وفي حين أن العلاقة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ستتغير، يجدر بنا أن نتذكر ما لن يتغير.

العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة سوف تدوم. ليس لدي شك في أن تبقى المملكة المتحدة واحدة من أكثر أعضاء الناتو قدرةً- دولة تدفع حصتها الكاملة من أجل أمننا المشترك، وهي إحدى كبار المساهمين في بعثات الحلف. وبالنظر إلى التهديدات الحالية التي تواجه أوروبا، فإني أتوقع تماماً أن بريطانيا ستظل مساهماً رئيسياً في الأمن الأوروبي.

وبالمثل، ستواصل الولايات المتحدة كونها شريكاً لا غنى عنه في الاتحاد الأوروبي. لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أكبر علاقات تجارية واستثمارية في العالم، وسيكون تعاوننا ضرورياً لتحفيز النمو العالمي، والحد من عدم المساواة، من خلال الاستثمارات العامة، بحيث توفر العولمة فرصاً لجميع الناس، وليس فقط لمن هم فوق. وسوف تظل أوروبا حجر الزاوية في التشابك الأمريكي مع العالم.

وعلاوة على ذلك، وفي حين أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يخلق بعض الغموض، سوف يستمر لدينا الازدهار المشترك للرفاه على أساس الصخور الصلبة التي يمثلها حلف شمال الأطلسي. وفي الواقع، إن احتمال العضوية في كل من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ستكون قوة دافعة للإصلاحات بين الدول التي تسعى للتكامل الأعمق مع أوروبا. ومنذ قمتنا الأخيرة في ويلز قبل عامين، قمنا بالمزيد من الجهود لتعزيز الدفاع الجماعي أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة.

في وارسو، يجب أن نؤكد من جديد عزمنا- واستجابتنا للمادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي- للدفاع عن كل حليف في الناتو. نحن بحاجة لتعزيز الدفاع عن حلفائنا في وسط وشرق أوروبا، وتعزيز الردع وقدرتنا على الصمود ضد التهديدات الجديدة، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية. نحن بحاجة إلى تعميق التعاون الأمني بين حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وزيادة دعمنا لأوكرانيا، لأنها تدافع عن سيادتها وسلامة أراضيها. وكي تظل دولنا مفتوحة على علاقة بناءة مع روسيا، يجب علينا أن نتفق على أن فرض عقوبات على روسيا يجب أن يبقى إلى حين أن تنفذ موسكو التزاماتها بالكامل، بموجب اتفاقيات مينسك.

وخارج حلف شمال الأطلسي، يجب على تحالفنا بذل المزيد من الجهد لمصلحة الأمن العالمي، وخاصة في الجزء الجنوبي لأوروبا. كما يجب على حلف شمال الأطلسي تكثيف التزامه بحملة القضاء على الدولة الإسلامية، وبذل المزيد من الجهد للمساعدة في إغلاق الاتحاد الأوروبي في وجه الشبكات الإجرامية التي تستغل المهاجرين اليائسين لعبور البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجه.

إن قراري الذي اتخذته هذا الأسبوع للحفاظ على وجود القوات الأمريكية الحالية في أفغانستان يجب أن يشجع المزيد من الحلفاء والشركاء لتأكيد التزامهم بمهمة حلف شمال الأطلسي تدريب القوات الأفغانية.

أخيراً، وبالنظر إلى مجموعة التحديات التي نواجهها، فإنه من الضروري لأعضاء حلف شمال الأطلسي أن يواصلوا الاستثمار أكثر في دفاعنا المشترك. وبعد سنوات عديدة، لقد توقف أخيراً التراجع الجماعي في الإنفاق الدفاعي داخل حلف شمال الأطلسي، ولأول مرة منذ عشر سنوات، من المقرر زيادة الإنفاق على الدفاع في الحلف. يجب على هذا التقدم أن يستمر.

نجح تحالفنا الأطلسي منذ ما يقرب من 70 عاماً، لأننا ندرك أنه حتى مع تطور التغيرات والتهديدات في العالم، فإن دولنا أكثر أمناً عندما نقف معاً. ونحن أكثر من مجرد حلفاء عسكريين فقط. نحن متحدون بالتزامنا الدائم بالقيم المشتركة- الديمقراطية والتعددية والمجتمعات الشاملة التي يعززها التنوع الغني لدينا من الخلفيات والأديان.

سوف يكون القادم من الأيام صعباً، لكن، إذا كنا قد تعلمنا أي شيء خلال العقود السبعة الماضية، فهو أننا ننتصر إذا بقينا متحدين، أقوياء وأوفياء لقيمنا الديمقراطية. أنا واثق أننا سنكون كذلك.

 

 

آخر تعديل على الأحد, 10 تموز/يوليو 2016 16:18