نتنياهو يستميل الناخبين: 450 وحدة استيطانية
حلمي موسى حلمي موسى

نتنياهو يستميل الناخبين: 450 وحدة استيطانية

أعلنت وزارة الإسكان الإسرائيلية، أمس، عطاءات لبناء 450 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، ما ينذر بموجة استيطان جديدة في ظل الانتخابات، التي ستجري في 17 آذار المقبل.

وإذا كانت الحرب «مسموحة» لاعتبارات انتخابية، كما لاحظ العديد من القوى السياسية المعارضة في إسرائيل التي تعرف أن الانتخابات تحسم وفق موضوعها وأن الشأن الأمني يمنح مزايا لليمين، فإن الاستيطان ذريعة لحرب من نوع آخر مع الفلسطينيين. وبدا أن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان يصعّد من لهجته الحربية، عندما أعلن أن الفشل في غزة هو ما دفع «حزب الله» للتجرؤ على إسرائيل في الشمال.

والواقع أنه في ظل الانتخابات، ورغم التوتر في العلاقات مع أميركا وأوروبا بهذا الشأن، وجدت وزارة الإسكان الإسرائيلية، بقيادة أوري أرييل من «البيت اليهودي» الذي يتراجع في الاستطلاعات، مناسباً إعلان عطاءات جديدة. ويدور الحديث عن إنشاء 450 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، غالبيتها في مستوطنات متطرفة، مثل «كريات أربع» في الخليل و«الكنا» و«ألفي منشيه».
وقال السكرتير العام لحركة «السلام الآن» ياريف أوفنهايمر إن نشر العطاءات «عملية اختطاف قبل الانتخابات بقيادة وزير الإسكان ورئيس الحكومة، اللذين يحاولان استغلال كل دقيقة من أجل خلق وقائع على الأرض وإحباط الحل السياسي». وأضاف ان «موجة العطاءات ستلحق ضرراً سياسياً هائلاً، وستدفع إلى مزيد من التدهور في العلاقات مع الولايات المتحدة والعالم».
ونددت السلطة الفلسطينية بإعلان العطاءات، وأعلن رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات أن «القرار الإسرائيلي غير مفاجئ، حينما ننظر إليه في سياق ثقافة الإفلات من العقاب التي تعامل بها الأسرة الدولية إسرائيل».
وأضاف ان «أحد النماذج الأخيرة على ذلك هو دعوة الكونغرس الأميركي رئيس الحكومة الإسرائيلية (بنيامين نتنياهو) لإلقاء خطاب هناك، رغم مواصلة إسرائيل تجميد دفع أموال الضرائب الفلسطينية. وينبغي للقرار الإسرائيلي أن يمثل تذكرة أخرى على أن الدعوات الفارغة المضمون للعودة للمفاوضات ليست بديلاً للعدل، ولن تقود إلى إنقاذ حل الدولتين». وطالب الأسرة الدولية من جديد بالتعامل مع إسرائيل على أنها دولة فوق القانون، وتأييد المبادرات الديبلوماسية لصيانة حل الدولتين.
وقال متحدث باسم البيت الابيض ان «البيت الأبيض يشعر بقلق بالغ تجاه إعلان إسرائيل إصدار مناقصات لبناء وحدات استيطانية جديدة في الأراضي الفلسطينية»، معتبراً أنها «تقوّض جهود السلام».
والواقع أن العطاءات الاستيطانية هي ورقة أخرى تستخدمها حكومة نتنياهو، في إطار المعركة الانتخابية ضمن منطق التوتير السياسي الذي يخدم اليمين. وفي هذا السياق حمل ليبرمان بشدة على ما أسماه «انعدام الرد» الإسرائيلي على كمين «حزب الله» الذي لقي فيه ضابط وجندي مصرعهما، وأصيب سبعة جنود، معلناً أن قرار «احتواء» الحدث سيقود إلى واقع «تغدو فيه الأعمال الإرهابية من أراضي سوريا ضد إسرائيل تجري دائماً، وفق قرار حزب الله».
وشدد ليبرمان على أن احتواء الحدث يعني «القبول بقواعد اللعب التي يضعها حزب الله». وأشار إلى أن الفشل الإسرائيلي في غزة شجع «حزب الله» لأن «الجرف الصامد (الحرب على غزة) هي المثال المعاكس للردع». وأشار إلى الاستعراضات التي تقوم بها «حماس»، قائلا إن «هذا ليس ردعاً بل إغماض عيون».
وكان المعلقون السياسيون وخبراء استطلاعات الرأي في إسرائيل قد لاحظوا أن الأسبوع الأخير أعاد إلى الواجهة الموضوع الأمني والخشية من الانزلاق إلى حرب لبنان الثالثة. وهناك فرضية تقول إنه إذا استمرت «الغمامة الأمنية» في التحليق فوق رأس الانتخابات، فإن فيها منفعة لنتنياهو و «الليكود». وأظهرت الاستطلاعات تحسن وضعية «الليكود»، الذي أفلح في كسب المزيد من المقاعد التي جعلته يتفوق بمقعد واحد على المعسكر الصهيوني الذي كان يتفوق عليه بثلاثة مقاعد. لكن تفوق «الليكود» لم يحدث جراء انتقال أصوات إليه من معسكري الوسط واليسار، وإنما على العكس من تراجع قوة «البيت اليهودي» الذي خسر في الاستطلاعات أربعة مقاعد.
وأوضح معلق الشؤون الحزبية في صحيفة «هآرتس» يوسي فيرتر أن «الانتخابات تحسم في الغالب وفق الموضوع الذي تدور حوله. وإذا انشغل النقاش العام بقضايا اجتماعية، كغلاء السكن والمعيشة، فليس لنتنياهو ما يسوقه للجمهور، خصوصا بعد ست سنوات في الحكم. ولكن عندما تدوي المدافع ويلقى كبار الإرهابيين حتفهم من الجو، وحين يتشبع الهواء ببخار وقود بنكهة إيرانية، فإنه لا يزال يظهر كالزعيم الأكثر خبرة وجدارة لمعالجة الوضع الحساس. ويسجل له أنه عمل هذه المرة، كما في الصيف الأخير، حين رفض احتلال غزة في الجرف الصامد، باتزان ومسؤولية حينما قرر احتواء ضربة حزب الله. فالحرب الكبرى مع حزب الله آتية، حتى وإن تأخرت، وهذا واضح للجميع. ولكن لا حاجة للتسرع. فالحرب، خصوصاً كتلك التي تنتظرنا مع حزب الله، ليست بوليصة تأمين. أنت تعرف كيف تدخل، لكن لا تعرف كيف ستخرج».
تجدر الإشارة إلى أن استطلاع موقع «والا» أظهر أن «المعسكر الصهيوني» بقيادة اسحق هرتسوغ وتسيبي ليفني سينال 26 مقعداً، فيما قفز «الليكود» لينال 27 مقعداً بعد أسبوع عاصف. لكن حليف «الليكود» الأساسي، «البيت اليهودي»، بزعامة نفتالي بينت، هبط من 16 مقعداً في الاستطلاع الأخير إلى 12 مقعداً، ما خلق للمرة الأولى، ربما، أملاً باحتمال أن يشكل هرتسوغ وليفني الحكومة الجديدة، إذا سارت الأمور على هذه الحال. فالقائمة العربية الموحدة يمكن أن تكون الكتلة التي تسهم بوضوح إلى جانب «ميرتس» وحزبي الوسط «هناك مستقبل» و «كلنا» بزعامة موشي كحلون في إسقاط حكم «الليكود».

 

المصدر: السفير