افتتاحية قاسيون 954: حل الأزمة الاقتصادية-المعيشية... سياسي أولاً!

افتتاحية قاسيون 954: حل الأزمة الاقتصادية-المعيشية... سياسي أولاً!

تناقلت وسائل الإعلام المختلفة التقرير الذي نشره موقع WorldbyMap حول ترتيب دول العالم وفق نسب السكان الواقعين تحت خط الفقر. تصدرت سورية التصنيف بواقع 82.5 بالمئة من سكانها تحت خط الفقر، وهو رقم لا يختلف كثيراً عن أرقام الأمم المتحدة لعام 2019 التي قدرت أن النسبة هي 83%. وهذه النسبة وتلك لا تقلان كثيراً عن التقديرات المحلية بما فيها تقديرات «قاسيون».

في البلد نفسه الذي تعيش الغالبية المسحوقة من أسره على دخول لا تتجاوز 50 دولار شهرياً، تباع سيارة فارهة في أحد مزاداته بنصف مليون دولار؛ أي بما يوازي قيمة المعيشة الشهرية لعشرة آلاف أسرة!

البلد الذي بات فيه فجور الفاسدين الكبار وتجار الحرب، مشهداً يومياً يزيد من عمق الجراح التي لم يتوقف نزفها بعد، والتي لم تعد السياسات الحكومية «تمنّ» عليها حتى بالمسكنات التي لا جدوى منها. ومع ذلك فلا بد من تكرار الكلام الممجوج عن إصلاح إداري هنا وإصلاح إداري هناك، وعن وعود لم تتحقق يوماً بحلول اقتصادية، منها العاجل ومنها طويل الأمد.

إنّ أولئك الذين يتعاملون مع الأزمة الاقتصادية والإنسانية والمعيشية القائمة، من باب أن لها حلاً اقتصادياً، إما أنهم واهمون، أو أنهم يكذبون على الناس لإسكاتهم. واقع الأمور أنّ لا حلول اقتصادية للأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد؛ فلا مخرج من الأزمة بمركباتها الداخلية والخارجية دون حل سياسي حقيقي، حلٍ ينهي الحصار الغربي وذرائعه، أو يكسره عبر الاتجاه شرقاً بشكل فعلي وصادق لا في الشعارات فقط.

لا مخرج من الأزمة دون كسر البنية الاقتصادية التابعة التي يتحكم بمفاصلها سماسرة الغرب المحليون الذين يعطلون أي توجه فعلي نحو الشرق ونحو التخلي عن الدولار والدولرة. لا مخرج من الأزمة دون إعادة تركيب البنية السياسية للبلاد بما يسمح بضرب الفاسدين الكبار الذين يمتصون عرق الناس ودماءها.

ولا مخرج من الأزمة دون توفير البيئة المناسبة التي تسمح بضخ الكفاءات السورية المهاجرة والمهجرة في شرايين البلاد المتعبة لإعادة إحيائها.

إنّ التعامل المسؤول مع آلام الناس وآهاتها وعذاباتها اليومية المتراكمة والقابلة للانفجار بشتى الأشكال، لا يمر فقط عبر محاربة الإرهاب التي لا غنى عنها، بل يتطلب محاربة ناهبي قوت الشعب. حربٌ كهذه، ومرة أخرى، لا يمكنها أن تصل لأي نتائج ضمن البنية القائمة، بل على أساس تغيير وطني عميق وجذري وشامل على أساس القرار 2254، بيد السوريين ولمصلحتهم.

إنّ مختلف المهام الوطنية الكبرى المنتصبة أمام البلاد، الاقتصادية- الاجتماعية منها والسياسية، بما فيها محاربة الإرهاب وطرد الأمريكي وإنهاء كل تواجد أجنبي في البلاد، تمرّ كلّها عبر الطريق نفسه: التنفيذ الكامل للقرار 2254.   

معلومات إضافية

العدد رقم:
954