افتتاحية قاسيون 950: اليوم وليس غداً!

افتتاحية قاسيون 950: اليوم وليس غداً!

تتراكم مؤشرات الخطر الجسيم المحدق بسورية بلداً وشعباً بشكل متسارع. مؤشرات الخطر على وحدتها الجغرافية السياسية التي لا تأتي من جهة المحاولات الأمريكية للدفع باتجاه التقسيم فحسب، بل ومن واقع تضافر هذا الخطر مع الأخطار الأخرى، الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.

مجرد الحديث عن مؤشرات سعر الصرف ومستوى المعيشة، ورغم أهميته، هو شيء، وما يعيشه السوريون من كوارث مباشرة جراء ذلك هو شيء آخر أكثر إيلاماً وعسفاً وظلماً مما يمكن أن تحمله أية مؤشرات أو أي كلام.

كذلك الأمر مع الأزمات الإنسانية العميقة المتراكمة بعضها فوق بعض، والتي يعانيها السوريون على امتداد أماكن تواجدهم، داخل سورية وخارجها.

وهذه كلها تجد ترجمتها في التوتر الاجتماعي العالي، وما ينتجه بشكل طبيعي من توتر سياسي وأمني، ناهيك عمن يسعون عامدين إلى استثماره في مزيد من الفوضى، وفي تفجير نهائي، لن تكون مهمته هذه المرة تأخير الحل، بل إنهاء أية إمكانية له من الأساس، عبر إنهاء وجود موضوعه؛ أي عبر إنهاء وجود سورية نفسها!

هو ناقوس خطر وجودي إذاً الذي يقرع الآن عبر المؤشرات المختلفة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، ويمكن حتى لأضعف الناس سمعاً ونظراً أن يسمع ويرى أصداءه.

ضمن هذه الإحداثيات، فإنّ المعيار الوطني اليوم، لم يعد مقتصراً على إرادة الحل السياسي بما تعنيه من تجاوب مع الخطوات اللازمة لتحقيقه عبر تطبيق كامل للقرار 2254 فحسب، بل بات مرتبطاً بسرعة ذلك التجاوب، وبسرعة ذلك الحل بالذات.

الحل كان مطلوباً ومستحقاً أمس، واليوم بات ضرورة وجودية لا يمكن لسورية نفسها أن تستمر دونه، وغداً سيكون بلا معنى وبلا جدوى، لأنّ سورية نفسها قد لا تكون موجودة.

إنّ مختلف التفاصيل والعراقيل التي أعاقت الحل فيما مضى، والتي تعمّد تعظيمها المتشددون في الأطراف المختلفة، والذين لم يعد من معنى عملي للتفريق بينهم على أساس معارضٍ وموالٍ، لأنهم بالممارسة حليفان لبعضهما البعض، وعدوان للشعب السوري ككل، إنّ هذه التفاصيل والعراقيل كلها باتت اليوم، وفي ظل الوضع القائم، ترفاً وبطراً لا مكان له وليس مسموحاً أن يبقى له أي مكان.

يشمل ذلك ما يتعلق باللجنة الدستورية والمبارزات عديمة المعنى، بل وقصيرة النظر (بأحسن الأحوال). يشمل أيضاً التموضع الدولي لسورية بالمعنى الاقتصادي، والذي ما يزال حتى اللحظة محكوماً لنمط تابع يمكن للغرب أن يخنقه في أية لحظة يشاء، وأكثر من ذلك محكوم لقوى فساد كبير وبنية فاسدة ليست عاجزة عن تقديم الحلول فحسب، بل وعاجزة حتى عن التوقف عن خلق الكوارث والمصائب للشعب السوري.

يشمل ذلك أيضاً، البنية السياسية التي تفتقد للحدود الدنيا من الحريات السياسية الضرورية للمجتمع، والتي ما تزال تصر على أنّ أفضل حالٍ للشعب السوري هي حاله حين يصمت ويئنّ في بطنه دون أن يسمع أنينه أحد.

إنّ تغييراً عميقاً وجذرياً عبر تطبيق كامل وسريع للقرار 2254، بات معياراً للوطنية السورية، وأهم من ذلك، فقد بات شرطاً لازماً لبقاء سورية نفسها... المعيار اليوم ليس الحل فحسب، بل سرعته.

معلومات إضافية

العدد رقم:
950