«الدستورية»... لا مفرّ من التوافق

«الدستورية»... لا مفرّ من التوافق

تدور أحاديث وتكهنات مختلفة عن الكيفية التي يمكن للجنة الدستورية السورية أن تعمل وفقها، وبالذات حول إمكانية تحقيقها للنتائج المرجوة.

في السياق، فإنّ رأياً عاماً تجري تغذيته من اتجاهات مختلفة، يسود على كل الآراء؛ وهو ذلك القائل بأنّ اللجنة ستتحول إلى ساحة مبارزة طويلة الأمد، وإلى أداة لتضييع الوقت.
يستند أصحاب هذا الرأي ومروجوه والمقتنعون به، إلى مسألتين واضحتين، الأولى هي غياب الإرادة الوطنية الحقيقية لدى أطراف وجهات متشددة سورية من الطرفين، انعكست بشكل واضح في سلوكها ومواقفها وتصريحاتها طوال السنوات الماضية، وحتى اللحظة، (رغم الموافقة الشكلية «الاضطرارية» وما ترافق معها من تصريحات «إيجابية» يكاد لا يخلو أي منها من سلبية واضحة وتهديدات مبطنة تعكس النوايا). المسألة الثانية هي آلية عمل اللجنة المحكومة بالتوافق وبنسبة تصويت عالية هي 75% لتمرير أية مادة في حال عدم الوصول إلى التوافق؛ بما أنّ ثلث النظام يتكون من 50 عضواً، وثلث المعارضة أيضاً يتكون من 50 عضواً، وهذا يعني أن أياً منهما يستطيع لعب دور الثلث المعطل لأي اتفاق إذا جرى التصويت بشكل «منضبط».

الضغوط الدولية

ينحو بعض «المتفائلين» من أصحاب الرأي السابق، إلى «إبقاء طاقة فرج» عبر التعويل على الضغوطات الدولية كمفتاح للتوافق، أي أنهم ينطلقون من مسلَّمة في أذهانهم أنّ السوريين عاجزون عن التوافق فيما بينهم، وهذا الرأي نفسه يمكن سماعه من أعضاء في اللجنة نفسها ممن يمكن حسابهم دون صعوبة على المتشددين الذين طالما رفضوا اللجنة والحل السياسي ككل، والآن يعلنون موافقتهم مضطرين.
حقيقة الأمر، أنّ أولئك الذين يريدون تعطيل العمل، سواء من داخل اللجنة أو من خارجها، لن يطول بهم الأمر حتى يتم تحييد تأثيرهم المعطّل، بطريقة أو بأخرى، لأنّ اللجنة ستتابع عملها رغم كل محاولات العرقلة، هذا من جهة.
من الجهة الأخرى، فإنّ السوريين حين يجتمعون لنقاش مسألة وطنية بامتياز، وتخص مستقبل سورية لعقودٍ لاحقة، بحيث تعلو فوق أي اصطفاف سياسي آني، فإنهم سيجدون الطرق للوصول إلى التفاهم فيما بينهم، وما سيجري فعلياً هو أنّ الاصطفافات الحالية الحادة، ستتغير مرات ومرات على أساس كل قضية ملموسة سيجري طرحها خلال العمل الدستوري؛ فمثلاً حين الوقوف على مسائل من طراز هوية الدولة السورية بمعناها الواسع بما في ذلك مسائل المواطنة المتساوية والعلو فوق الانتماءات القومية والطائفية وإلخ، فإنّ خطوط الفصل الواضحة اليوم ستتغير بحدة ليجد أعضاء في اللجنة من الأثلاث الثلاثة أنفسهم في صفّ واحد في نقاش عميق مع صف ثانٍ عابر هو الآخر للأثلاث الثلاثة. كذلك الأمر مع مسائل اللامركزية الإدارية وطبيعة الصلاحيات المختلفة للشخوص والمؤسسات، وكيفية فصل السلطات، وإلخ من قضايا.
المهم في المسألة، أنّ أمام السوريين اليوم فرصة حقيقية لتولي زمام الأمور بأنفسهم، وعليهم أن يبذلوا الجهد الأقصى في محاولة الوصول إلى توافقات فيما بينهم، وهذا أمر ليس ممكناً فحسب، بل وضرورياً ولا مفر منه، وضمن توقيتات غير مفتوحة...

معلومات إضافية

العدد رقم:
935
آخر تعديل على الإثنين, 14 تشرين1/أكتوير 2019 14:04