افتتاحية قاسيون 933: «صارِتْ»... رغم كره الكارهين!

افتتاحية قاسيون 933: «صارِتْ»... رغم كره الكارهين!

قلةٌ قليلة كانت تؤيد فكرة اللجنة الدستورية منذ البداية، أي قبل حوالي عامين خلال التحضيرات لمؤتمر سوتشي، ثم خلال انعقاده مطلع 2018، وذلك بمقابل كم كبير من الرافضين من جهات متعددة، عاد جزء منهم الآن ليؤيدها بعد أن غدت أمراً واقعاً.

في كل الأحوال، إنّ خمسة أنواع واضحة من التعامل مع اللجنة الدستورية قد طفت على السطح قبل وبعد إعلانها: الأول هم أناس صادقون جرى تضليلهم في حينه فرفضوا اللجنة، ثم عادوا للقبول بها حين تبينت لهم الوقائع بشكل أفضل. الثاني، هم أولئك الذين رفضوها وعملوا ضدها، ويؤيدونها الآن نفاقاً وكذباً، وفي نيتهم متابعة العمل ضدها بطرق مختلفة. الثالث هم من رفضوها واستمروا برفضها حتى اللحظة، وهؤلاء من غدا ممكناً القول إنهم باتوا خارج الخارطة السياسية لسورية المستقبل. الرابع هم الذين قبلوا بالفكرة وشجعوها في البداية، والآن يعملون ضدها علناً، وليس واضحاً أكانوا منافقين عند الرفض أم عند القبول... أما النوع الخامس فهم الذين شجعوا الفكرة منذ البداية ودافعوا عنها طويلاً وصولاً إلى تحقيقها.

أما وقد غدت اللجنة أمراً واقعاً، فإنّ تشكيلها يحمل عدداً من الدلالات لعل أهمها:
- الدور الريادي لثلاثي أستانا في حل المسألة السورية، بالتوازي مع الانحسار المتسارع لدور الغرب ممثلاً بالمجموعة المصغرة بقيادة واشنطن.
- «إنّ اللجنة مفتاح الحل وليست الحل كله، لأنّ تشكيلها هو الخطوة العملية الأولى في تنفيذ القرار 2254 كاملاً غير منقوص»، كما جاء في افتتاحية العدد 924 من قاسيون بعنوان (اللجنة الدستورية: مفتاحٌ فقط) بتاريخ 28 تموز الفائت.
- إنّ كون اللجنة خطوة أولى ومفتاحاً للتطبيق الكامل للقرار 2254، ليست فكرة تقدمها قاسيون فحسب؛ بل هي جزء رسمي من الاتفاق حول اللجنة، ومن إعلان رعاتها. جاء في البند الخامس من البيان الوزاري المشترك لروسيا وتركيا وإيران الموقع بتاريخ 24 من الجاري: «شددوا على أن هذه الخطوة الحاسمة ستمهد الطريق لعملية سياسية قابلة للحياة ودائمة بقيادة وملكية سورية وميسرة من الأمم المتحدة تماشياً مع قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي وقرار مجلس الأمن الدولي 2254».
- إنّ الدلالة الأكثر أهمية لتشكيل اللجنة الدستورية، هي أنّ قوى الإعاقة والتعطيل من كل الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية قد باتت أضعف بما لا يقاس من الماضي، وعدا عن كونها عاجزة منذ سنوات عن تقديم مشاريع وخطط للحلول، وعملها الدؤوب على إعاقة الحلول التي يقترحها الآخرون، فإنها اليوم باتت عاجزة عن منع السير في تلك الحلول.

إنّ الاصطفاف السوري اليوم، ومع تشكيل اللجنة الدستورية، قد بدأ بالخروج من الدائرة المفرغة والوهمية للانقسام بين مؤيد ومعارض، وأصبح الاصطفاف اليوم هو بين من يؤيد قولاً وفعلاً للعملية السياسية التي تسمح للشعب السوري بتقرير مصيره بنفسه والانتقال إلى سورية جديدة، وبين من يقف ضدها.

إنّ تشكيل اللجنة الدستورية، يعني أنّ العملية السياسية الحقيقية قد انطلقت وستمضي قدماً، ولو كره الكارهون!

معلومات إضافية

العدد رقم:
933
آخر تعديل على الأحد, 29 أيلول/سبتمبر 2019 19:52