خالد الرشد و«رحلة في تشويه الذاكرة»
هيئة تحرير قاسيون هيئة تحرير قاسيون

خالد الرشد و«رحلة في تشويه الذاكرة»

خلال الأسبوعين الماضيين، قدّم خالد الرشد، معدّ ومقدّم برنامج «رحلة في الذاكرة» الذي يعرض على فضائية «روسيا اليوم»، حلقتين جديدتين من برنامجه، حملت الأولى عنوان «البلاشفة ومسألة دعم الثورة السورية الكبرى» بينما تطرقت الثانية إلى العلاقة بين الكومنترن والحزب الشيوعي السوري.

في الحلقتين كلتيهما، قدّم الرشد دليلاً ملموساً جديداً على أن برنامجه هو أقرب ليكون تشويه للذاكرة من أن يكون رحلة فيها: بدءاً من الضيف الذي اختاره للحديث في هذا الموضوع، وهو الباحث غريغوري كوساتش، والذي اعتمد في الحلقتين على قراءاته وتفسيراته الخاصة لوثائق الكومنترن، إلى طريقة إعداد البرنامج التي تجاهلت مراجع ومصادر عدّة موثوقة لا تزال متاحة وليس من الصعب الحصول عليها، وصولاً إلى تدخل المقّدم ذاته في موضوع الحلقة طارحاً «رأيه الشخصي» في محاولة للتحكم بمسار الحديث للوصول إلى نتائج محدّدة.

وإن كان ليس في الوسع الرد في هذه المقالة على كل التفاصيل الواردة في البرنامج، وهو ما سيحدث لاحقاً، إلا أننا سنتوقف مبدئياً عند فكرتين منها:

الأولى هي وصول البرنامج في الحلقة الأولى منه إلى نتيجةٍ مفادها أن الكومنترن لم يدعم الثورة السورية الكبرى وأنه «لو أراد دعمها لكان بإمكانه ذلك». وهذا افتراء محض، ليس على الكومنترن ولا على الشيوعيين السوريين ولا حتى على كل المصادر والمراجع التي تؤكد عكس ذلك، بل حتى على الكتابات السابقة لضيف الحلقة ذاته والذي كتب في العام 1985: «لقد تلقت المقاومة البطولية للثوار السوريين التضامن والدعم الحار من قبل الكومنترن. فقد انتهج الكومنترن سياسة مبدئية وثابتة حيال النضال البطولي للثوار السوريين. إن الكومنترن لا يقف عند وصم أعمال الإمبريالية الفرنسية بانتهاك مبدأ الأمم في تقرير مصيرها، بل يدعو للنضال العنيف ضد الإمبريالية». (المصدر: دراسات اشتراكية - العدد 12 - 1985)

أما الفكرة الثانية، فهي ما حمله البرنامج من محاولات غير بريئة لتفسير بعض المسائل التنظيمية في الحزب الشيوعي السوري تفسيراً طائفياً ضيق الأفق، ومن يشاهد الحلقة الثانية لن يجد جهداً في الاستنتاج بأن الحلقة منذ إعدادها كان يُراد لها أن تكون كذلك، فمن وضع لها عنوان «لماذا انتشرت الأفكار الشيوعية بين الأقليات القومية والدينية تحديداً؟» يعي تماماً ما يفعله، ولا يمكنه القول إن مسار الحلقة قاد على نحوٍ عفوي إلى هذا التحليل الطائفي، متجاهلاً الأسباب الطبقية المرتبطة بالطابع الإقطاعي وتعقيداته الخاصة في المجتمع السوري آنذاك.

إن الوقوف عند محطات تاريخية بهذا الحجم من الأهمية الوطنية يتطلب مستوى عال من الإحساس بالمسؤولية وتوخي الدقة، وللأسف، لم يترك البرنامج ومقدّمه فرصة للقول إنهم قد سقطوا دون وعي منهم في تشويه التاريخ السوري، حيث من الواضح أن نتيجة البرنامج كانت معدّة ومحضّرٌ لها مسبقاً. وهذا ما يفتح الباب لأسئلةٍ عدّة تتعلق بتوقيت مثل هذا الطرح، والفائدة المرجوة منه، وربما بارتباطات بعض العاملين في المحطة.

هيئة تحرير قاسيون

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
000
آخر تعديل على الإثنين, 19 آب/أغسطس 2019 22:04