إدلب... نحو تنفيذ اتفاق سوتشي
ملاذ سعد ملاذ سعد

إدلب... نحو تنفيذ اتفاق سوتشي

لم يصمد وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه في اليوم الأول من أستانا بشكل فعلي سوى لساعات قليلة، وربما لم يكن ذلك مستغرباً.

بعد إعلان وقف إطلاق النار بساعات قليلة سارع زعيم النصرة، أبو محمد الجولاني، إلى إطلاق موقف رافض لوقف إطلاق النار، وشن تنظيمه عدداً من عمليات القصف باتجاهات مختلفة، بينها باتجاه قاعدة حميميم.
ما المقصود بوقف إطلاق النار؟
جرى التلاعب بشكل متكرر بمصطلح وقف إطلاق النار في إدلب، ابتداءً من الشهر التاسع عام 2018، حين جرى إقرار اتفاق سوتشي، ووصولاً إلى يومنا الراهن بعد أقل من عامٍ بقليل.
يمكن أن نتذكر في حينه، الاجتماع الرباعي في تركيا: (روسيا، تركيا، فرنسا، ألمانيا) والذي اشتغل على مسألتي إدلب واللجنة الدستورية، ولا يمكن بطبيعة الحال نسيان الإصرار الغربي على تحديد مفهوم إطلاق النار، بأنه تجميد لوضع إدلب على حالها إلى ما لا نهاية.
مذكرة سوتشي، واجتماعات أستانا المختلفة التي ناقشت موضوع إدلب، لم تسقط في أي بيان من بياناتها، البند المتعلق بعدم شمول أي وقف لإطلاق النار، التنظيمات المصنفة إرهابياً، وعلى رأسها النصرة وداعش.
رغم ذلك، فإنّ الغرب يشاء في كل مرة يسمع فيها وقف إطلاق النار، أن يفهم منه وقف إطلاق النار على العموم، واتجاه النصرة على الخصوص!
أستانا الأخير ونضوج الحل
الأمر الذي بات واضحاً بعد الانهيار السريع لوقف إطلاق النار الأخير، أنه كان الفرصة الأخيرة أمام النصرة، وأمام تركيا، لإنشاء المنطقة العازلة بعمق 20 كم المتفق عليها ضمن مذكرة سوتشي، والخالية من الإرهابيين ومن الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، دون استخدام مباشر للقوة. ومع التطورات التي جرت خلال نصف العام المنصرم، الذي سيطرت خلاله النصرة على القسم الأعظم من محافظة إدلب، ومع تعنتها ورفضها الامتثال لمذكرة سوتشي، وعجز أو عدم رغبة تركيا، في القيام بالقسط المترتب عليها في تنفيذ المذكرة، باتت الأمور قيد التنفيذ العملي...
أي: أنّ المهل المتتالية قد انتهت، وبات العمل الآن جارياً وبشكل واضح على تنفيذ اتفاق سوتشي حول إدلب، بالأدوات المتاحة.
لماذا انتهت المهل الزمنية؟
إنّ أحد جوانب فهم مسألة الطول الزمني لتنفيذ مذكرة سوتشي، يكمن بلا شك بدرجة تعقيد المنطقة بالمعنى العسكري، وبالكثافة السكانية العالية ضمنها. لكن هذا العامل ليس الوحيد؛ فإلى جانبه تكمن الحسابات المعقدة المتعلقة بالتموضع التركي المتذبذب بين واشنطن وموسكو، والذي يبقى سَمْتَهُ العام (الإستراتيجي) أقرب إلى الاصطفاف الشرقي، ليس قريباً من موسكو فحسب، بل ومن إيران والصين، والمشاريع الكبرى الواعدة وعلى رأسها الحزام والطريق، في مقابل خلوّ الوفاض الغربي من أية مشاريع جدية يمكن الركون إليها، اللهم إلا مشاريع التخريب والفوضى.
ولكن حتى هذه الحسابات المعقدة، لها في النهاية نتائجها، ولا تستمر إلى ما لا نهاية؛ إذ إنّ من الواضح أنّ عدم تحقيق تقدم ملموس في تنفيذ الاتفاق حول إدلب، لعب دوراً معيقاً في تقدم ملف اللجنة الدستورية، بل وخفض حجم الضغوط على الأمريكي باتجاه الانسحاب العاجل من سورية.
خطوة خطوة وبالتوازي؟
إنّ الإيحاء الذي ربما يعطيه القول: إنّ حل الأزمة السورية سيجري خطوة خطوة وبالتوازي، قد يوهم البعض بأنّ التقدم سيكون بطيئاً في كل الملفات، والحقيقة أنّ الأمر على العكس من ذلك؛ فالتباطؤ في التقدم العام، وهو الأمر الواقع، والظاهر على السطح على الأقل، هو نفسه ما يدفع إلى تعزيز الخطوات المتوازية وتقويتها، لتُبنى عليها خطوات جديدة في المسارات المختلفة... ضمن هذا المنطق العام، فإنّ مسألة إدلب، ومع الهذيان الأمريكي التركي حول المنطقة الآمنة، باتت أكثر نضجاً نحو قطع مسافات إضافية في حلها، وفي وقت غير طويل، وهو ما سينعكس سريعاً في ملف اللجنة الدستورية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
927
آخر تعديل على الإثنين, 19 آب/أغسطس 2019 11:36