حرب الناقلات وصلت ذروتها؟
يزن بوظو يزن بوظو

حرب الناقلات وصلت ذروتها؟

يبدو أن سيناريو «حرب الناقلات» التي أطلقها الأمريكيون والبريطانيون قد وصل أيضاً إلى «حافة الهاوية»، وأيضاً بلا أية نتائج لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.

لا تزال المفاوضات جارية حول ناقلات النفط المحتجزة لدى كلٌ من إيران وبريطانيا، حيث قدّمت لندن مؤخراً عرضاً بمبادلة الناقلات المحتجزة، الأمر الذي رفضته طهران بسبب اختلاف الأسباب المتعلقة خلف توقيفهم، فبالمعنى القانوني، أولاً: لا تملك لندن أيّ شيء سوى ذريعة «الوجهة إلى سورية» باحتجازها للناقلة الإيرانية في مضيق جبل طارق، بينما قامت طهران باحتجاز الناقلة «ستينا إمبرو» البريطانية لمخالفتها قوانين الملاحة البحرية، واصطدامها بقارب، بعد عدة تحذيرات وإنذارات في مضيق هرمز. أما على المستوى السياسي، فإن ما يجري بالنسبة للإيرانيين من عقوبات وضغط ليس بجديد، لكن بالنسبة للبريطانيين ومن خلفهم الأمريكيون فإن الموقف الإيراني المتصاعد وقوته هو أمر جديد، ويتعاظم مع مرور الوقت لتلك الدرجة التي يمكن القول بها: إن طهران مع دعم حلفائها قد جعلوا من الغرب أضحوكة في حداث «حرب الناقلات».
رفض للدعوة الأمريكية
الأمر الجديد المتعلق بالقضية، هو دعوة الولايات المتحدة الأمريكية لتشكيل تحالف بحري في الخليج، التي لم تلق أية استجابة جدية من أيّ من حلفائها الأوروبيين والآسيويين والخليجيين، سوى بريطانيا بطبيعة الحال... فمثلاً: أعلن وزير الخارجية الألماني أن بلاده لن تشارك في المبادرة الأمريكية لإطلاق عملية بحرية لتأمين الملاحة في مضيق هرمز، وأكّد على ضرورة التركيز على تفادي التصعيد في المنطقة، داعياً إلى الحلول الدبلوماسية، حيث قال: «لا يمكن أن يكون حل عسكري هنا، وألمانيا لن تشارك في المهمة المقترحة، والمخطط لها من قبل الولايات المتحدة». أما بالنسبة للفرنسيين، فلم يصرحوا لا بالقبول ولا بالرفض، لكنّ وبعد الدعوة تلك بأيام، قالت الرئاسة الفرنسية: إن الرئيس إيمانويل ماكرون أكد أن العقوبات الأمريكية على إيران أحادية وبلاده ترفضها، مضيفاً: أن باريس ستبذل جهودها لتأمين مصالح طهران في الاتفاق النووي وتطبيع العلاقات الاقتصادية معها. السلوك الذي يتلاقى مع دعوة روسيا بحل قضايا أمن الخليج عبر الحوار.
للبريطانيين حال خاصة
البريطانيون من جهتهم قاموا بإرسالة سفينة حربية ثانية إلى الخليج، وقدموا اقتراحاً مشابهاً لواشنطن بدعوتهم للقيام بمهمةٍ بحرية يقودها تحالف أوروبي لضمان أمن الشحن عبر مضيق هرمز حسب ما وصفوه... لكن على العكس من الدعوة الأمريكية، لاقى الاقتراح البريطاني بعضاً من الترحيب في الأوساط الأوروبية، وبصرف النظر عن ضعف إمكانية تنفيذه، إلا أن الموضوع هنا يفتح سؤالاً: لم رفضت دعوة واشنطن وقبلت دعوة لندن؟ ... يمكن الاختصار: إن التوازن الدولي الجديد، والأزمة الأمريكية التي تفرض على واشنطن التراجع والغرق، يفرض على حلفائها التقليديين الفكاك عنها، في محاولة للنجاة، حيث تسعى الدول الأوروبية لتثبيت موقعٍ جيدٍ في معادلة التوازن الدولي الجديد، الذي لا وجود للهيمنة الأمريكية فيه، ومن جهة أُخرى فإن مسألة «بريكست» عاملٌ إضافي في ذلك، حيث خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في هذا الوقت والظرف والشروط ليس من مصلحة الأوروبيين جميعهم، بذلك يدفعون الأمور نحو أكبر قدر من التقارب والتعاون مع بريطانيا، وفيما يخص «المهمة البحرية» تلك، فإن الترحيب الأوروبي ذاك لا يتجاوز الشكل الدبلوماسي له، حيث الرفض سيفاقم التناقض الحاصل، وهو ما لا يصب في مصلحة أحد سوى واشنطن، وإن جرت تلك المهمة البحرية فإن ذلك سيدفع بالتناقض الأوروبي- الأمريكي أكثر.
ما من حرب
أما حول قيام الغربيين بأنشطة عسكرية بحرية حقيقية في الخليج العربي، هو غايةٌ، إن لم يكونوا عاجزين عن تحقيقها تماماً اليوم، فسيصبحون كذلك غداً، حيث وأولاً المعنيون بالأمر في منطقة الخليج لا يريدون الحرب، وأولهم السعودية نفسها، فبالنسبة لها أي نزاع إيراني- غربي سوف يكون في المحصلة أولاً: على أرضها أي: على القواعد الأمريكية لديها. ومن جهة ثانية: فإن أزمة «الدولار» ومتغيّرات أسعار النفط والتجارة الدولية بفعل هذه الأحداث نفسها تسبب لدول الخليج «مرض الضغط» لتلك الدرجة التي قد يمتنعون فيها عن تسديد تكلفة أيّة عملية عسكرية بدواع أمنية اقتصادية أساساً. ويمكن رصد هذا السلوك الخليجي من تصريحاتهم المقتضبة حول ما يجري على حدودهم في الخليج.

معلومات إضافية

العدد رقم:
925