بريطانيا: من حليفٍ إلى تابع أمريكي
ملاذ سعد ملاذ سعد

بريطانيا: من حليفٍ إلى تابع أمريكي

أُعلنت في يوم الثلاثاء الـ23 من الشهر الجاري نتائج المرحلة الثانية والأخيرة من انتخاب حزب المحافظين في المملكة المتحدة، وفوز بوريس جونسون، وزير الخارجية وعمدة لندن السابق، ليحصل تلقائياً على الحق بأن يكون رئيس الوزراء الجديد للبلاد في حالة تحدث لأول مرة بتاريخ بريطانيا، أن يتغير فيها رئيس حكومة من خلال انتخابات حزبية داخلية.

إن فوز جونسون برئاسة وزراء المملكة المتحدة يأتي محصلة «أزمة حُكم» جارية منذ حين داخل الحكومة البريطانية استفادت منها الولايات المتحدة بالتوافق مع شركائها البريطانيين لتمرير جونسون نفسه بالتحديد الذي تتلاقى فيه إمكانية وصوله للرئاسة عبر الحالة السابقة، والكاراكتر المطلوب لامتصاص كُل حالة التخبط وأزمة الحُكم باسمه، فالعديد يُشبه جونسون بترامب، وهم محقون بذلك لكن ليس بالشكليات، وإنما كحاملٍ يُعلق عليه ويرتبط به كُل مفرزات النزاع القادم داخل الإدارة البريطانية، الذي يحتاج كاراكتر من هذا النوع، كحالة الانقسام داخل الإدارة الأمريكية وترامب، فقّبيل تسلمه مراسم الرئاسة جرت عدة استقالات وزارية ضمن الحكومة.

النسخة البريطانية من ترامب؟

وبالإضافة لما سبق فإن جونسون يُمثل أيضاً النسخة البريطانية من صيغة «الانكفاء نحو الداخل»، ولكن ضمن الظروف والشروط البريطانية، حيث هدف جونسون الأوّل والرئيسي هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأيّ شكل كان، باتفاق أو بدون اتفاق، ليتوافق بهذا مع المصلحة الأمريكية بإضعاف الاتحاد الأوروبي والعمل على تفكيكه بوصفه نداً اقتصاديا بشكل رئيسي للولايات المتحدة، مع محاولة الحفاظ على الناتو للابتزاز من خلاله، خصوصاً بهذه الفترة وفي المستقبل ضمن التوازن الدولي الجديد الذي سوف يطيح بكل التحالفات والاتفاقيات السابقة له ولا تتوافق معه، لتكون «كيفية» الإطاحة بهذه التحالفات هو ما يُقلق الأمريكيين اليوم، فإما لمصلحتهم، كما هو حال تنفيذ «بريكست»، أو لمصلحة الغير كما يجري بتطورات انعطاف تركيا نحو الشرق مثالاً.

إلى جيبة واشنطن

وفضلاً عن الخروج من الاتحاد الأوروبي، يسعى جونسون إلى زيادة الإنفاق العسكري للمملكة، السلوك الذي يؤكد التوجه نحو سياسة «العُزلة والحمائية» عبر أشكال وتحركات ستتبين بالأيام القادمة، فضلاً عن أنّ زيادة الانفاق العسكري هذا، يعني زيادة الدفع لحلف الشمال الأطلسي، والذي يذكرنا بدوره بمطالب ترامب في السنة الماضية للدول الأعضاء برفع حصة الإنفاق العسكري من الناتج الوطني لديها ودفع ديونها، بمقابل «الحماية الأمريكية»، لتذهب إلى «جيب» واشنطن عبر «زيادة الإنفاق العسكري» ذاك.

جُندي أمريكي..

إنّ هذه التطورات داخل الحكومة البريطانية ونتائجها، بعلاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، تفسّر بأحد جوانبها أيضاً السلوك البريطاني الأخير والجديد بدخولها ساحة رفع التوتر علناً في العالم كما فعلت مع ناقلة النفط الإيرانية في مضيق جبل طارق، وسلوكها في مضيق هرمز، لذاك الحدّ الذي يمكن وصفها إياه بأنها تتحوّل تدريجياً لجُنديّ بإمرة واشنطن مباشرةً، أيّ: ليست حليفاً كما السابق يأخذ التوافق جزءاً مهماً من العلاقة بين البلدين، بل تابعاً بكل فظاظة... فهي حالة ترتبط بالأزمة الرأسمالية والأزمة الأمريكية بزيادة المَركزة الإمبريالية ليسقط تدريجياً قناع الديمقراطية ويظهر وجهها المُتسلط والوقح بمواقع أضيق أكثر فأكثر.

معلومات إضافية

العدد رقم:
924