افتتاحية قاسيون 924: اللجنة الدستورية: مفتاحٌ فقط

افتتاحية قاسيون 924: اللجنة الدستورية: مفتاحٌ فقط

توحي المؤشرات والمعطيات المختلفة أنّ إعلان تشكيل اللجنة الدستورية السورية بات قريباً، وربما يجري ذلك خلال بضعة أسابيع قادمة.

إنّ المسألة الدستورية هي جزء من المسائل التي ينبغي حلها تنفيذاً للقرار 2254، وصولاً إلى تنفيذه الكامل وإلى جوهره؛ أي ضمان حق السوريين في تقرير مصيرهم بأنفسهم. 

وهي بحد ذاتها مفتاح للحل وليست الحل كله... فالمطلوب تفعيل هذا المفتاح ليفتح باباً واسعاً للإصلاح الدستوري مما يضعه على الطريق الطويل لتنفيذه، وهذه كلها مراحل يجب اجتيازها. 

إن السجال والاشتراط المسبق على اللجنة أن يكون عملها تعديلاً للدستور أم صياغة لمسودة دستور جديد، هو أيضاً يستهدف الإعاقة. ومن الجيد أنّ هذه المسألة قد تم حسمها في بيان سوتشي الختامي باستخدام تعبير الإصلاح الدستوري، الذي يشكل مروحة واسعة تفتح الباب أمام الاحتمالين، والواضح الآن أن تجاوزها عملياً هو عبر ترك هذه المهمة، مهمة تحديد ما هو المطلوب، تعديل أم تغيير، للجنة نفسها، لكي تجيب على السؤال انطلاقاً من التفاهم بين السوريين أنفسهم على الضرورات التي يمليها الواقع، وتمليها ضرورات الخروج من الأزمة، وضرورات عدم العودة إليها، وضرورات تأسيس سورية الجديدة.

إنّ اللجنة الدستورية بذاتها هي شرط ضروري لحل الأزمة ولكنها ليست شرطاً كافياً، لذلك لن تكون حلاً لوحدها للأزمة السورية، فالحل كان ولا يزال بالتطبيق الكامل للقرار 2254، والذي يتضمن عدداً كبيراً من القضايا من بينها استكمال محاربة الإرهاب حتى إنهائه، وتشكيل جسم حكم انتقالي، والتحضير لانتخابات شفافة ونزيهة وحيادية، أي لا تتحكم بنتائجها مسبقاً لا قوى المال ولا قوى جهاز الدولة ولا القوى الخارجية، وهنالك أيضاً قضايا المعتقلين والمفقودين، وإعادة الإعمار ورفع العقوبات وعودة اللاجئين... ولكن هذا لا يقلل من أهمية تشكيل هذه اللجنة، والذي سيشكل مفتاحاً للحل السياسي الشامل.

إنّ انطلاق عمل اللجنة الدستورية، يعني بداية الخروج بشكل نهائي من الإحداثيات التي فرضها المتشددون طوال السنوات الثماني الماضية، والتي عملت على تجنيد السوريين ضد بعضهم البعض بين موالٍ ومعارض، وضمن أهداف سقفها القضاء على الآخر، ولا تعير أي اهتمام لبناء وطن لكل السوريين يضمن مصالحهم جميعاً، ويقفل الباب أمام الاستثمار بدمائهم وعذاباتهم من جانب الفاسدين الكبار وتجار الحروب، ومن خلفهم القوى الغربية، وواشنطن بشكل خاص، التي لم تكفّ يوماً عن محاولات إنفاذ مخططاتها التدميرية في سورية وفي المنطقة ككل، لتخفيض حدة تراجعها على المستوى العالمي.

إنّ تشكيل اللجنة يعني أيضاً أن ملفاً كان طوال سنة ونصف مضت، موضوعاً على الطاولة للحل من وجهة نظر من يسعون للحل حقاً، وللتعطيل ومنع ظهور الملفات الأخرى من وجهة نظر المعطلين الداخليين والخارجيين، قد أخذ طريقه العملي نحو التنفيذ، وهو ما يفتح الطريق أمام الملفات الأخرى بالتجاور معه، بهذا المعنى يمكن القول أيضاً إنّ اللجنة مفتاح الحل، لأنّ تشكيلها هو الخطوة العملية الأولى في تنفيذ القرار 2254 كاملاً غير منقوص.

معلومات إضافية

العدد رقم:
924
آخر تعديل على الأحد, 28 تموز/يوليو 2019 22:06