إدلب والنُقاط: متتالية فيبوناتشي
يزن بوظو يزن بوظو

إدلب والنُقاط: متتالية فيبوناتشي

لا تزال إدلب محطّ أنظار الجميع منتظرين حلّاً لها، لكن مستوى تعقيد الملف وأهميته قد فرض آلية مُحددة وحذرة في التعاطي معه مما جعل معالجته أبطأ، لتنفيذ اتفاق سوتشي، إلا أنّ هذه الآلية قد توحي خطأً بأنّ ملف إدلب «عالق»، غير أنّ الواقع على العكس من ذلك.

إنّ لإدلب أهميةً كبيرةً وهي نقطة ارتكاز أساسيّة وأخيرة «فعّالة» لإعاقة إطلاق الحلّ السياسي من مختلف المتشددين والأطراف الدولية خلفهم، مما جعلها أيضاّ نقطة أساسيّة وأخيرة في المواجهة مع تلك الأطراف المتشددة لسحب الذرائع ولإطلاق الحلّ السياسي. حيث تعتبر إدلب اليوم نقطة محورية تحتوي وزناً أمريكياً عبر أداتهم الإرهابية «جبهة النصرة/تحرير الشام»، وتكون عملياً آخر بقعة جغرافية ساخنة تحتوي إرهاباً متمرساً من خلالها، وهي بذلك الأمر أيضاً آخر ذريعة بأيدي مختلف الأطراف المتشددة في سورية.

تعقيدات الملف

بناء على ما سبق، وعلى اتفاق سوتشي نفسه، فإن الأولوية في إدلب هي القضاء على «جبهة النصرة» والذي يعني بدوره القضاء على الوزن الأمريكي بتدخله وتأثيراته في سورية، إلا أنّ للأمريكيين حُلفاء موجودون داخل مختلف الأطراف الأخرى أيضاً في تركيا وسورية، والذين يتخادمون فيما بينهم على الهدف ذاته: إعاقة الحلّ. وعلى الصعيد الميداني نفسه، فإنّ فكرة إطلاق عملية عسكرية واسعة هي أمرٌ مُستبعد حتى الآن، وتجري محاولة تفاديها حتى آخر لحظة نتيجة وجود أعداد هائلة من المدنيين الذين يشكلون أهمّ ذريعة للأمريكيين وحلفائهم للمتاجرة بمآسيهم ودمائهم سياسياً على حساب الحلّ لمصلحتهم.

النُقاط

ولهذه التعقيدات على المستوى السياسي والعسكري يجري التعامل مع إدلب على آلية «النُقاط» حيث ما من معركة عسكرية كُبرى، إلّا أنه يومياً تجري عمليات جزئية محددة ومُركّزة تستنزف بشكل أساسيّ المجموعات الإرهابية، ومن خلال كُل نقطة يجري ضغطٌ على مختلف الأطراف سواء العسكرية داخل إدلب، أو السياسية من خلفهم بغاية دفعهم وإلزامهم على التفاوض، وصولاً إلى تفكيك «جبهة النصرة» وإنهائها. وثانياً: تطبيق إتفاق سوتشي ببنوده.

اتفاق سوتشي

للتذكير، إن اتفاق سوتشي مكوّن من بنودٍ عشرة نذكر منها: 1- «الحفاظ على منطقة خفض التصعيد في أدلب» و«تعزيز مواقع المراقبة التركية». 3-«إنشاء منطقة منزوعة السلاح بعمق يتراوح بين 15-20 كم في عمق منطقة التصعيد». 5-«...إزالة كافة الجماعات الإرهابية المتطرفة من المنطقة المنزوعة السلاح». 7-«...ضمان حرية حركة السكان المحليين والبضائع واستعادة العلاقات التجارية والاقتصادية». 9-«اتخاذ التدابير الفعالة لضمان نظام مستدام لوقف إطلاق النار في منطقة حفض التصعيد في إدلب».

التسارع والبدء بالتفاوض

أخيراً، لا وجود حتى الآن، ولا في المستقبل، حسب المعطيات الحالية على آلية حلّ لإدلب بمنطق الحسم العسكري السريع، ما يجري عملياً هو حلّ مركّب وحذر بآلية النقاط السابقة، عبر تجميعها والضغط بها بما يتناسب مع مستوى تعقيد الملف بغاية حلحلته، الآلية التي قد لا تبدو واضحة تماماً للبعض، إلا أنها تسير قُدماً مُحققة انتصارات جزئية مُحددة متتالية ومتسارعة، فالمتوقع هو بدء عملية تفاوضية بأية لحظة بعد كُل ضغوط النُقاط تلك لتحقيق الأهداف السابقة، فتنسحب وتخرج «النصرة» من سورية ويُنفَّذ اتفاق سوتشي.

«متتالية فيبوناتشي هي واحدةٌ من أشهرِ المتتاليات العدديّةِ، حيث أنّ كلَّ حدٍّ من حدودِ المتتاليةِ (بدءاً من الحدِّ 2) ينتج عن جَمِعِ الحَدَّينِ السّابقَين له»

معلومات إضافية

العدد رقم:
919
آخر تعديل على الإثنين, 24 حزيران/يونيو 2019 15:06