افتتاحية قاسيون 915: تفكيك الألغام

افتتاحية قاسيون 915: تفكيك الألغام

تتهيأ الأجواء بشكل متسارع لخرق قريب ضمن عملية الحل السياسي. يتأسس ذلك على الضعف الأمريكي المتفاقم الذي يوصلهم إلى تنازلات تبدأ غير معلنة بوضوح، ولن يطول بها الوقت حتى تصبح علنية بالكامل. 

في الوقت نفسه، تتعاظم خطورة الدور الذي يلعبه المعيقون والمتشددون في الطرفين، ويتحولون في هذا السياق إلى ألغام جاهزة للتفجير، ويجب تفكيكها بأسرع وقت ممكن. 

أحد هذه المعيقات، وليس آخرها، هو سلوك رئيس هيئة التفاوض وأركانه، والذين لم يتركوا فرصة للعمل ضد الحل السياسي إلا وسارعوا إلى الانخراط بها: 

• ابتداءً من استجداء الدعم العسكري الخارجي أيام معركة الغوطة، ومن ثم الجنوب السوري، بل والمراهنة قصيرة النظر، إن لم نقل العمياء، على ذلك الدعم، وبناء الموقف السياسي على أساس حصوله. 

• رفض حضور مؤتمر سوتشي والعمل ضده حتى اللحظة الأخيرة، ثم التسليم الاضطراري بنتائجه للعمل اللاحق على تفخيخها، وهو ما ظهر بالتواطؤ مع دي مستورا لترويج القول بأن من حق هذا الأخير تعيين الثلث الثالث من اللجنة، والتخلي المقصود عن حق المعارضة في إبداء رأيها وملاحظاتها عليه.

• الانبطاح أمام المجموعة المصغرة الغربية، والتسليم لطروحاتها بما في ذلك (لا-أوراقها) التي كانت (قبل دفنها) تخالف القرار 2254 بحدة تفقأ الأعين. 

• العمل المستمر ضد أستانا في الأروقة الخلفية، والذي بدأ برفض سوتشي، ثم انتقل إلى العلن في الأشهر الأخيرة، وبنغمة مضبوطة بدقة على الإيقاع الأمريكي. 

• القراءة الحرفية من الصفحة الأمريكية نفسها في مسائل عودة اللاجئين وإعادة الإعمار والعقوبات، وفي هذه الأخيرة بشكل خاص لا يجري الاكتفاء بتأييد المواقف الغربية فحسب، بل والمزاودة عليها، كأن الغنائم التي يجنيها الفاسدون الكبار ضمن النظام من العقوبات لا تخصهم وحدهم! 

• الموقف الهزيل في قضايا القدس والجولان، والذي لم يتعدَّ الشجب والتنديد «المهذبين»، ولم يصلا حد الإدانة، ناهيك عن عدم اتخاذ مواقف جدية بمقاطعة للأمريكي ولو لشهر واحد، بل إنّ كل قرار أمريكي من هذا الطراز لم تمض عليه بضعة أيام حتى كان يحصل اجتماع جديد مع الأمريكي. 

• الإحجام شبه التام عن إدانة الاعتداءات الصهيونية المتكررة على سورية، وفي الأروقة يأتي التبرير على الطريقة الداعشية بأنْ اضرب الظالمين بالظالمين! 

• ولعل هذا المنطق في التبرير لم يعد مستغرباً نهائياً بعد المواقف المتعلقة بإدلب، حيث يجري إغماض العين نهائياً عن النصرة وعن جرائمها بل والتهليل لها حين «تتقدم» أو «تصمد» تحت الكذبة المفضوحة بأن التهليل هو لـ«الجيش الحر»، وذلك في محاولة لحمايتها والتستر عليها، تمثلاً بموقف أشد عتاة الفاشية الأمريكية والصهيونية، الأمر الذي يمثل إرهاباً سياسياً موصوفاً، يقف في الخندق نفسه مع النصرة وداعش. 

إنّ انتزاع وتفكيك الألغام المعيقة للحل، والمتوزعة في الطرفين، بات مهمة ملحة وناضجة للتحقيق خلال المدى المنظور القادم، وهو أمر لا حياد عنه في إطار استكمال تجهيز الأجواء للبدء بالتنفيذ الفعلي للقرار 2254، والذي بات تطبيقه أقرب وأكثر نضجاً من أي وقت مضى.

معلومات إضافية

العدد رقم:
915
آخر تعديل على الأحد, 26 أيار 2019 20:09