افتتاحية قاسيون 908: تحرير الجولان اليوم وليس غداً

افتتاحية قاسيون 908: تحرير الجولان اليوم وليس غداً

لقد مضى أكثر من 50 عاماً على احتلال أراضينا في الجولان، وخلال نصف القرن هذا... لم يكن الجولان فقط الضحية، بل انسحبت آثار هذا الاحتلال على كل البنية الاقتصادية الاجتماعية والسياسية السورية، فارتبط وجود المحتل باستنزاف الموارد، وخلق الظروف لاستخدامه ذريعة  لممارسة «صفر ديمقراطية».

لقد أثّر فقدان الجولان ووجود المحتل، على شكل  البنية السياسية السورية، التي وإن لم تكن تسمح للسوريين بالتحرر من الظلم الاجتماعي، فإنها أيضاً لم تستطع  تحرير الأراضي المحتلة.

إن الأزمة الوطنية السورية في مرحلتها التي سبقت عام 2011، لم تتجلّ فقط بالاحتلال، بل كانت أزمة وطنية- اقتصادية اجتماعية- سياسية. وقد انتهت تلك المرحلة من الأزمة بالانفجار السياسي الاجتماعي في عام 2011، لندخل المرحلة الثانية الأعمق من الأزمة الوطنية.

اليوم، نقف على عتبات المرحلة الثالثة من الأزمة، وفيها تنقشع كل الغمامات، وتظهر المخاطر والاصطفافات واضحة كعين الشمس.
فالبلاد مهددة وطنياً، ليس فقط بالاعتراف الأمريكي «بسيادة إسرائيل» على الجولان، بل بوجودها، واستقلالها. إن سورية مهددة اليوم بالتحول إلى «دولة فاشلة»، الأمر الذي يعني إتاحة الوصاية عليها. ومنبع هذا التهديد هو الفوضى السياسية المتوقعة من تعمّق التدهور الاقتصادي- الاجتماعي.

الخطر على البلاد اليوم لا يتجلى فقط، بالعدو الخارجي الأمريكي -«الإسرائيلي»، عبر الحصار والاحتلال، بل أيضاً بالعدو الداخلي... تلك القوى التي ولمصالح ضيقة، تودي بالبلاد إلى الفشل. فتضيّق الخناق على الناس حتى الانفجار، وتجرّد جهاز الدولة من كل وزن وقدرة ودور، وتسمح لتوابعها بأخذ دوره الاقتصادي والاجتماعي الخدمي بل حتى العسكري... تلك القوى ذاتها التي ترتبط مصالحها عميقاً بالغرب، بحيث لا تستطيع ولا تريد الفكاك منه، لأنها تستفيد من حصاره على السوريين وتقتات من جوعهم، وهي ذاتها التي تمانع سراً وعلناً أي مسار جدي نحو الحلول السياسية الشاملة، التي تفتح باب التغيير.

يظهر اليوم تماماً، أنه لا يمكن أداء المهمة الوطنية لإنقاذ سورية من مخاطر تفاقم الوضع الاقتصادي الاجتماعي، ومن الفوضى التي يمكن أن تودي إلى فشل البلاد، إلا بتغيير البنية السياسية... تغييراَ جذرياً وشاملاً وطنياً وديموقراطياً، يسمح للسوريين بتحييد القوى التي تتقاطع مصالحها مع العدو الخارجي. الأمر الذي يتيحه الظرف الدولي، عبر الحل السياسي وخارطة الطريق المتوافق عليها دولياً في القرار 2254. لأنه دون ذلك لن يُستعاد الجولان، ولن نستطيع أن نضمن وجود بلاد واحدة وكريمة يبنيها السوريون، ويحصدون خيراتها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
908