الجولان والحل السياسي السوري
عماد الخالد عماد الخالد

الجولان والحل السياسي السوري

احتلال الجولان السوري عام 1967 هو أحد الجذور العميقة لأزمة 2011! تلك حقيقة لا بد من فهمها واستيعابها بشكل كامل...

إنّ بين الأشياء الأكثر تأثيراً على مجمل التاريخ السوري الحديث، هو: احتلال واستمرار احتلال الجولان السوري، ويمكن أن نضع هنا بضع نقاط أساسية في تفسير هذا القول، والنقاط للحقيقة كثيرة وعديدة:
أولاً: احتلال الجولان يعني إبقاء سورية في حالة حرب دائمة، معلنة أو غير معلنة، ويعني تالياً: استنزافاً مستمراً للاقتصاد الوطني باتجاه العسكرة.
ثانياً: احتلال الجولان سمح للسلطات السورية بإبقاء حالة طوارئ دائمة في كل الأوضاع السياسية السورية، سمح بتضخيم أجهزة الأمن إلى حدود خرافية، وسمح بإطالة يد الفاسدين المتنفذين على القوى الوطنية التي ناضلت ضد نهبهم وضد فسادهم، ودائماً وأبداً كان يجري ذلك تحت الحجة الحاضرة دائماً: أن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.
ثالثاً: سمح منطق المعركة بشكلها الاستنزافي طويل الأمد أيضاً للاختراقات الكبرى ضمن جهاز الدولة، بأن تمنع حل العديد من القضايا الإشكالية بل والسماح بتنميتها وتحضيرها لكي تكون فالقاً متفجراً لاحقاً؛ ربما أهم الأمثلة على ذلك، هي: المسألة الكردية في سورية، إذ كيف يمكن تفسير محافظة السلطات على نتائج استفتاء لم تقم هي به، بل حكومة تسميها هي نفسها بأنها حكومة انفصالية ورجعية؟! لماذا يستمر حرمان أكراد سوريين خمسين سنة متتالية من جنسيتهم السورية؟ ولفائدة من كان ذلك؟ أليس هذا عاملاً أساسياً في تفجير المسألة الكردية بالشكل المتأزم الذي نعيشه اليوم؟
هذه النقاط ليست سوى غيض من فيض، لكنها تشير جميعاً إلى حقيقة واحدة أساسية: إنّ استمرار احتلال الجولان السوري يعني الإبقاء على جذور الأزمة السورية حيّة، بل وتفعيلها لتنبت سمومها بشكل مستمر، ولذا فإنّ تحرير الجولان جزء لا يتجزأ من حل الأزمة السورية، ولذلك بالضبط رأينا قرار ترامب الأخير، على الأقل من وجهة النظر السورية، لأن القرار له أبعاده الإقليمية والدولية أيضاً.
إنّ وصول واشنطن إلى أفقٍ مسدودٍ- بما يخص التعامل مع تفجير سورية وإنهائها من باب التناقضات الثانوية والصراعات ذات الطابع الطائفي أو الديني أو القومي أو العشائري- أخذها باتجاه التمسك بقلعتها الأخيرة (الكيان الصهيوني).
بكلام آخر فإنّ الولايات المتحدة تعترف عبر هذا القرار بأنها لم تعد قادرة على اللعب من الداخل بالطريقة السابقة، باستخدام أقسام من المعارضة العميلة لها، وأقسام من الفاسدين الكبار والمتنفذين المتيمين بالهوى الغربي، وبات ضرورياً اليوم إعلان إمساكها برقبة الحل السوري من جهة الجولان، وصولاً إمّا لاستمرار التخريب والفوضى، أو لاحتمالات تسويات ما تبقيها في المنطقة وتمنع طردها منها نهائياً.
جانب آخر لا بد من الوقوف عنده في هذه المسألة، وهو أنّ تمركز واشنطن على الكيان الصهيوني، والذي أسميناه تمركزاً على (القلعة الأخيرة)، يأتي بالضبط في إطار حماية تلك القلعة بالذات، والتي بات مصيرها في خطر محدق مع اقتراب حل الأزمة السورية، ومع تعزز التوازن الدولي الجديد في منطقتنا بأسرها، عبر ثلاثي أستانا بشكل أساسي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
907
آخر تعديل على الإثنين, 01 نيسان/أبريل 2019 05:07