العد التنازلي لعودة الجولان... بدأ

العد التنازلي لعودة الجولان... بدأ

أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم السبت الفائت، قراراً يُعيد التأكيد على الهوية السورية للجولان المحتل، وذلك من بين تسعة قرارات جميعها تدين الكيان الصهيوني.

من المعروف أنّ قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، هي قرارات غير ملزمة، وليس جديداً شبه الإجماع الذي يدين الكيان الصهيوني سنوياً عبر الجمعية العامة بما يخص احتلال الجولان، ولكن الجديد هذه المرة هو أنّ الولايات المتحدة بدّلت سلوكها الذي التزمت به سنوات طويلة (الامتناع عن التصويت)، إلى التصويت برفض القرار، لتقف منفردة إلى جانب «إسرائيل»، في حين امتنعت 14 دولة عن التصويت، وصوتت لمصلحة القرار 151 دولة... فكيف يمكن تفسير هذا التبدل، خاصة وأن القرار ليس ملزماً ما دام صادراً عن الجمعية العامة وليس عن مجلس الأمن؟
إنّ قائمة الأزمات التي تمر بها الولايات المتحدة، بدءاً من دولارها، ومروراً بعلاقاتها مع خصومها، وليس انتهاءً بعلاقاتها مع حلفائها، باتت طويلة إلى ذلك الحد الذي لم يعد ممكناً معه جمعها وتفنيدها في مكان واحد. ولكن المجدي دائماً، هو الوقوف على المخطط الملموس الذي تسعى من خلاله للخروج من تلك الأزمات، وكلمة السر المفضوحة هي دائماً وأبداً: «الفوضى الخلاقة«.
وفي إطار هذه الفوضى، يمكن تسجيل المعالم الأساسية التالية:
منع حل الأزمة السورية عبر ضرب الجميع بالجميع، وعبر سلسلة من الخطوات المتزامنة (منع إنهاء النصرة في إدلب بذريعة الحفاظ على وقف إطلاق النار، محاولة ضرب العلاقة الروسية التركية، محاولة ضرب الكرد الممثلين في الإدارة الذاتية مع الكرد غير الممثلين فيها، ومحاولة ضرب الكرد جميعهم ببقية السوريين عبر نفخ الأوهام في رؤوس البعض، الإيحاء باحتمال صفقة مع الحكومة السورية لإخراج إيران مقابل تسهيلات لإعادة الإعمار، منع تشكيل اللجنة الدستورية أو تشكيلها ضمن تركيبة تشابه جنيف، حيث يسيطر من لا يريدون الحل وصولاً لنسف القرار 2254، وبالتأكيد إعادة إحياء داعش وتمديدها ما أمكن(...
محاولة إحداث توترات إضافية في عدة دول عربية كبرى، على رأسها السعودية ومصر، باستخدام الوسائل كافة، بما فيها داعش، والضغط للحد الأقصى لتسريع تشكيل (ناتو عربي)، مهمته الدفاع عن الكيان الصهيوني.
إنّ تصويت الجولان، وضمن هذا السياق، يعبر عن أمرين على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية:
أولاً: الولايات المتحدة لم تكن مصدر اطمئنان وثقة بالنسبة للجميع بما في ذلك حلفاؤها، ولكنها منذ بضعة سنوات بدأت بالعمل بطريقة شبه علنية على نقل أزمتها نحوهم، بما في ذلك تفجير بلدانهم وتفتيتها إن أمكن، ولم يعد أمام حكومات عديدة، أياً تكن درجة رجعيتها، وفي إطار الدفاع عن النفس، سوى أن تتمرد على الولايات المتحدة، التي لن يكون بعيداً اليوم الذي تعتمد فيه على أصوات دول مجهرية من طراز الدول التي امتنعت عن التصويت في قرار الجولان.
ثانياً: ولأن الحلفاء يتمردون، لم يبق للولايات المتحدة سوى التمركز على داعشيها الأساسيين: داعش، والكيان الصهيوني الذي يعاني ضعفاً مزمناً تعزز بعد هزيمته الأخيرة في غزة؛ فهؤلاء فقط هم الحليف الموثوق لواشنطن في عالم اليوم.
إنّ تصويت واشنطن المتهالكة ضد سورية الجولان، لا تعني في العمق سوى أنّ الجولان المحتل ليس سورياً فحسب، بل وأنّ العد التنازلي لعودته القريبة إلى الوطن الأم، قد بدأ!

آخر تعديل على الثلاثاء, 08 كانون2/يناير 2019 20:09