رسائل إيران البالستية
عادل ياسين عادل ياسين

رسائل إيران البالستية

الكثيرون قوى سياسية ودولاً مازالوا يعتبرون الولايات المتحدة كليّة القدرة في تقرير شؤون العالم ومصالحه من خلال الإشارات والرسائل المرسلة عبر الإعلام وغيره، لتوحي بأن العدو الأكبر للشعوب لم يتغير، وهذا بخلاف ما يقوله الواقع الذي يتغير بسرعة كبيرة لغير صالح الأمريكان وحلفائهم الغربيين ومن لفّ لفّهم من الدول الهامشيه بحساب ميزان القوى الدولي.


ولكن هذا لا يعني أنّ الأمريكان كدولة عظمى أصبحوا صِفراً بل لا زال لهم دور يقومون به في منع أو عرقلة ما يجري من تغيرات سياسية واقتصادية وعسكرية، وهذا الدور هو في سياق تنظيم تراجعهم المؤكد وانكفائهم نحو مواقعهم المتناسبة مع حصتهم في التقسيم الدولي الجديد، الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية.
في المقابل يتقدم إلى الأمام توازن جديد من ضمنه إيران عبر عن نفسه بأشكال ملموسة وواضحة سواءً بالسياسة عبر إطفائه لبؤر التوتر التي أشعلها سابقاً الأمريكان في مناطق مختلفة من العالم كتعبير عن إستراتيجيتهم للخروج من الأزمة العميقة التي أصابتهم مثل: كوريا والنووي الإيراني والآن في بلادنا سورية، أو بالاقتصاد عبر محاصرة الدولار وإخراجه من مناطق التداول، أو في المجال العسكري الذي يسير فيه العملاقان الصين وروسيا اقتصادياً وعسكرياً بخطوات متسارعة.
الضربة الصاروخية البالستية التي وجهتها إيران إلى مواقع داعش في شرق الفرات جاءت في سياق الرد على الهجوم الذي قامت به داعش على العرض العسكري في منطقة الأهواز، وهو شكله عسكري ولكن مضمونه الحقيقي سياسي يعبر عن الواقع الجديد في ميزان القوى الذي تحدثنا عنه، ويحمل الكثير من الرسائل المحلية الإيرانية والإقليمية والدولية، خاصةً وأن القصف الصاروخي جاء على مقربة من تواجد القوات الأمريكية في شرق الفرات وهذا ما جعل وزارة الدفاع الأمريكية تقول: أن (ضربة إيران الصاروخية على شرق الفرات تصرف غير مسؤول وتهديد للطيران المدني والعسكري.
روبنسون المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية: الضربة جاءت دون تنسيق مع التحالف.
ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية قال: إن هذه الخطوة تصب في خانة جهود محاربة الارهاب.
ماذا يريد الأمريكان من تحريك داعش؟
يعلم الأمريكان أن هجوماً عسكرياً مثل الذي قامت به داعش على العرض العسكري لن يغير من واقع الحال الإيراني من حيث تأثيره العسكري، ولكن الغاية الأساسية هي تحريك الوضع الداخلي عبر العمل العسكري، حيث يعلم الأمريكان أن الوضع الداخلي الإيراني مليء بالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية ويمكن التأثير عليه من الخارج بعد أن فشل تحريك الوضع من الداخل، عبر التأثير على بعض القوى التي استغلت التحركات المشروعة للشعب الإيراني بالمطالبة بتحسين أوضاعه، وهذه التحركات سواء منها عبر الداخل أو عبر تحريك عملائهم من الخارج تأتي مكملة للعقوبات المفروضة على إيران اقتصادياً وسياسياً، وهذا كله من أجل إسقاط إيران كدولة تنمو قواها وقدراتها الاقتصادية والعسكرية وينمو دورها السياسي الإقليمي والدولي، وهذا النمو يأتي في سياق التغير الحاصل في ميزان القوى الجديد، الذي إيران هي جزء مهم منه ليس إقليمياً فقط، بل على النطاق الدولي، كما عبر عنه اجتماع الترويكا والنتائج التي صدرت عن هذا الاجتماع من رسائل وتوجهات.