لا بديل عن 2254 بالضبط لأنه «تصور عام»!

لا بديل عن 2254 بالضبط لأنه «تصور عام»!

في العدد السابق من «قاسيون»، وتحت عنوان «2254: وصفة إطلاق المارد»، كتبت مقالاً أناقش فيه الطروحات التي بدأت تخرج بعد الغوطة ناعية جنيف والقرار 2254، وفي خلفية التفكير كانت مادة للدكتور المحترم الأستاذ فؤاد شربجي بعنوان: «سورية (ما بعد خلوة السويد): الدولة–الغرب–المعارضة!». وبعد نشر مادتي المذكورة، نشر الأستاذ فؤاد مادةً جديدة يتفاعل فيها مع مقالي في موقع التجدد الإلكتروني بتاريخ 6 أيار بعنوان: «نقاش مع قطب معارض حول جنيف».

 

هنا، أتابع التفاعل مع أفكار الدكتور شربجي، وأبدأ بتسجيل اتفاقي التام معه في أنّ صيغة جنيف هي الآن «تصور عام» حول الحل. وأختلف معه حين يقول إنها «(تحولت) إلى تصور عام»؛ فالقرار 2254، ومنذ البداية، لم يكن إلا تصوراً عاماً عن الحل يتضمن خريطة طريق بملامح عامة تتضمن دستوراً وانتخاباتٍ وغيرها من الأمور. لأنّ الجوهري في القرار 2254، كان ولا يزال، أنّ على السوريين أن يجدوا الحل بأنفسهم، وأن يتفقوا عليه عبر الحوار فيما بينهم. وذلك على العكس تماماً من «لا ورقة تيلرسون» أو لا ورقة مجموعة الخمسة، التي دخلت في تفاصيل التفاصيل ضمن المنطق الاستعماري التقليدي الوصائي الذي يسلب الشعوب حقها في تقرير مصيرها ويفرض عليها ما يراه مناسباً لمصالحه.
إنّ عمومية القرار 2254، وإصراره على أن الحل سوري- سوري، هو ما يحفظه ضد التقادم، فالقرار الذي صدر نهاية 2015 لا يزال جديداً كل الجدة بهذا المعنى.
المتشددون من الموالاة، يريدون نسف 2254، لأنهم لا يريدون حواراً حقيقياً وجدياً يقود إلى تغيير حقيقي ومستحق، بل يريدون تغييرات شكلية تجميلية تضمن استمرار وضعهم على ما هو عليه، ولذا تراهم يتشبثون بقراءتهم الخاصة لمخرجات سوتشي، محاولين وضعه في تعارض وتناقض مع جنيف و2254، والحق أنّ مخرجات سوتشي تدعم جنيف فعلياً، ولذا تواجه صعوبات وتعقيدات ولم تجد طريقها للتذليل حتى اللحظة!
متشددو المعارضة، أيضاً يريدون نسف 2254، لأنهم أيضاً لا يريدون حواراً، بل يفكرون بعقلية انقلابية لا دور للسوريين ولا رأي لهم فيها، لأنهم يعرفون مسبقاً رأي السوريين بهم... المسألة بالنسبة لهم هي استلام وتسليم السلطة، على دبابة المحتل أو بغيرها، المهم هو السلطة.
وإصرار المتشددين من الجهتين على معاداة 2254، والذي (ومرة أخرى)، ليس إلا الخارطة الشديدة العمومية المتروكة تفاصيلها الكبيرة والصغيرة للسوريين ليقرروها بأنفسهم وعبر الحوار، إنّ هذا الإصرار لن يخرج متشددي المعارضة فقط من الخارطة السياسية السورية المستقبلية، بل وسيخرج متشددي الموالاة أيضاً، ليجلس المتشددون جنباً إلى جنب على مقاعد المتفرجين على التاريخ السوري الذي سيبدأ بداية جديدة مع تنفيذ 2254.
إلى ذلك، ينبغي طرح بعض الأسئلة التي من شأنها أن تزيد الأمور وضوحاً، ربما يكفي طرحها:
لماذا يضع البيت الأبيض شرطاً تعجيزياً على استئناف محادثات جنيف، هو «تصريح الحكومة السورية بمخزونها من الأسلحة الكيمائية»، والذي إنْ افترضنا وجوده، فإنّ التصريح به يعني الاعتراف بالمسؤولية عن الهجومات الكيميائية المزعومة، ويعني تالياً نسف إمكانية جنيف نفسه قانونياً، لأنّ «مجرمي الحرب» ومرتكبي «الجرائم ضد الإنسانية»، وجرائم «الإبادة الجماعية»، وجرائم «استخدام الأسلحة المحرمة دولياً» ممنوع عليهم أن يكونوا جزءاً من حل تعترف به الأمم المتحدة... أي أنّ البيت الأبيض يقول بشكل غير مباشر: «نعم سنذهب لجنيف لتطبيق 2254 ولكن سننسف إمكانية تطبيقه قبل ذلك»!
لماذا يسعى الغربيون لتقديم مشروع قرار جديد «شامل» بما يتعلق بسورية، أي قرار بديل عن 2254، وجرى العمل على ذلك في خلوة السويد التي أشار لها د. شربجي؟
لماذا قدمت مجموعة الخمسة ورقة مناقضة لـ2254 باعتبارها وصفة الحل؟