التوافق.. التوافق.. التوافق!

التوافق.. التوافق.. التوافق!

من جملة التجاذبات التي ترافق مسار العملية السياسية في سورية، هو الخلاف حول نسب تمثيل كل من المعارضة والنظام، أو تمثيل قوى المعارضة نفسها، في اللجان والهياكل المختلفة التي تتشكل، كأطر لتطبيق الحل، وآخرها الجدل الدائر حول النسب في لجنة الإصلاح الدستوري، التي تمخضت عن مؤتمر الحوار السوري _ السوري، في سوتشي.

من البدهي أن تظهر التباينات في سياق العملية السياسية، ومن الطبيعي أن يحتدّ الجدل والخلاف، كلما جرى التقدم في مسار الحل السياسي، وتحديداً في فهم آلياته، وماهيته، ومستواه، ومن المفهوم أن يسعى هذا الطرف أو ذاك إلى تعزيز مواقعه، ولكن ما هو غير مفهوم، وغير طبيعي، هو: أن تصبح أية محاولة في هذا السياق، عائقاً أمام استئناف العملية السياسية، وتنفيذ القرار 2254.. لماذا؟
ببساطة، لأن العملية السياسية كلها، مبنية ومرسومة على التوافق والتراضي، منذ جنيف 1 ومروراً بتفاهمات فيينا، والقرار 2254 وجنيف بجولاته الثمانية وأستانا، وسوتشي، فالناظم الأساس، لكل العملية السياسية في سورية هو التوافق بين الطرفين، بعد أن حددت القرارات الدولية سقف الحل المنشود، أي، أن وظيفة كل الهياكل المشكلة، هي تنفيذ القرارات الدولية، ولأن الأمر كذلك، فلا معنى لنسبة تمثيل هذا الطرف أو ذاك_ أغلبية أو أكثرية_ وبالتالي يصبح الصراع على هذه الجوانب الإجرائية ضرباً من العبث، أو مجرد حركات استعراضية أمام الأنصار للحفاظ على ماء الوجه، في حال افترضنا سلامة نوايا المتمترسين في هذا الموقف، أو هي أحد أشكال العرقلة التي ما زال البعض يسعى إليها، حيث لم يعد في جعبة قوى الإعاقة أدوات، سوى الشغب من خلال هذه التفاصيل الصغيرة، والجوانب الإجرائية، بعد فشل مشاريع «الضربة القاضية»، وإذا كانت هناك مشكلة في هذا السياق، فهي في مكان آخر، وتحديداً في مسألة تمثيل من لم يمثل، بسبب «الفيتوات» المعلنة والمستترة على بعض القوى، أو بسبب شراسة المعركة التي خاضتها قوى الحل السياسي، حتى استطاعت انتزاع هذا القرارات التاريخية بالنسبة للشعب السوري، من بين أنياب قوى الحرب الدولية والإقليمية.

المحرر السياسي لموقع قاسيون الالكتروني

آخر تعديل على الأحد, 11 شباط/فبراير 2018 19:44