د. حسام علي د. حسام علي

أمنيات.. بانتظار التطبيق

أنا شاب ماركسي وأفتخر بذلك.. واحزن كثيراً لأنه لا يوجد تنظيم ماركسي على مستوى الوطن يوحد الصفوف ويكون ملتحما ًبالجماهير ومعبراً عن قضاياه الوطنية والمعاشية، أحزن كثيراً أن أرى هذا الابتعاد عن النفس الماركسي الخلاق والإنساني والعميق والعلمي والديناميكي. هذا النفس الذي قضيته المفترضة هي الإنسان، وتطوير وتفتح شخصيته باتجاه الذات والآخرين، ضمن مجتمع تسوده العدالة والمساواة.. «الاشتراكية».

ـ عذراً على هذه المقدمة، مع العلم أني تقصدت الابتعاد عن المصطلحات «الضخمة» لكن قلت ذلك للتأكيد أن هناك الكثير من الشبان الوطنيين العلمانيين الماركسيين الذين لم يجدوا تنظيماً يعبر عن مشاعرهم وهم مستعدون للمشاركة في أي شكل بحثي معرفي تنقيبي، لكن جاد ومسؤول وواضح للوصول إلى نواة تعيد للماركسيين فاعليتهم الاجتماعية واحترامهم بين الجماهير، ومصداقيتهم، وتفتح آذان الناس لما يقولون.

لذلك لا أخفي عنكم أنه لا يهمني كثيراً الشعارات والمصطلحات الفكرية أو الفلسفية. أكثر ما يهمني أن أشعر أن هناك جدية في البحث.نشر الثقافة والفلسفة الماركسية بشكل عميق وجدلي وليس من خلال الكراسات الماركسية المدرسية المسطحة التي تفيد تأسيس جيل يصفق لزعامته فقط ويبكي إن قلنا «عاشت الماركسية» لكنه ليس نداً لزعامته، ليس ناقداً ومفكراً ومدققاً لمواقف زعامته.

يهمني ان أشعر أن هناك وضوحاً في الممارسات العملية بين الناس وكل رفيق في عمله، نظافة اليد، السمعة الحسنة، أصبح هناك شك كبير بكل القيادات الشيوعية في بلدنا.. مصداقيتها. هل هي تبحث عن مركز زعامة لها بين الزعامات التقليدية أم أن هاجسها الوطن، ولقمة الناس.

اعذروني لأنني لم أدخل في نقاش «مشروع ميثاقكم» بشكل تدقيقي وإنما أتحدث بالإجمال.. معتبراً أنه قريب اليوم الذي سنتناقش فيه بشكل مفصل.. وما أكثرها القضايا التي هي بحاجة إلى نقاش موضوعي وهادئ، مثلاً:

1. موقفنا من زعامات الأحزاب الشيوعية. هل تقبلون النقد والتقييم للرفيق خالد وعن دوره في الأخطاء التي تتحدثون عنها تنظيمياً إلى أي مدى له يد في تكريس الزعامة العائلية..
2. تقييم الموقف من قرار تقسيم فلسطين وأثره على جماهيرية الحزب، ودقته التاريخية، وهل من الممكن إعلان موقف نقدي «إذا تم الاتفاق على نقد» أمام الجماهير. وضرب المثل على الجدية والجرأة في النقد الذاتي والرغبة الحقيقية في تطوير وتصويب مواقف الحزب للعودة إلى الجماهير.

ـ وهناك الكثير الكثير من القضايا الأخرى.
جل ما أخاف منه هو أن تكون هذه الحركة رد فعل على مواقف قياداتكم، رد فعل من أجل المحافظة على المواقع «وإن كان رمزية» دون تطوير المنهجية من جذورها وهنا يأتي سؤال: أرجو تناوله بشكل بسيط دون أبعاد تشكيكية استفزازية هل كان للقائمين على هذا التيار الجدي مواقف نقدية جادة في السبعينات والثمانينات على مواقف الحزب تؤكد استقلاليتهم وابتعادهم عن السكوت عن الأخطاء للمحافظة على مواقعهم ونفوذهم حتى وإن كانت رمزية؟

كلنا بحاجة للبعد الثقافي العميق الجدلي، بحاجة للنقد الذاتي لكل المراحل والشخصيات والمواقف، بحاجة للوضوح والجرأة وتسمية الأمور بمسمياتها بحاجة للنقد البناء والهادئ ولكن الدقيق غير المجامل.
أتمنى أن أقرأ عن شيوعي قيادي ينقد مواقفه السابقة بشكل علمي ماركسي موضحا ًدوره الشخصي في الفترات السابقة «قبل أن يفصل من موقعه القيادي أو تحجب عنه الثقة من القيادة التي عينته» في المساهمة بتكريس الأخطاء سواء بالمشاركة أو بالسكوت خوفاً من زعامته عن الأخطاء.
أتمنى أن أرى قيادياً لا يتمسك بمنصبه ويتنازل عن موقعه رغم عمره الحزبي معطياً فرصة للأجيال الشابة ترسيخاً للحراك الديمقراطي التنظيمي  كي نكون قدوة لبقية الأحزاب والقوى الوطنية والشعبية في ابتداع وتطبيق الأفكار الديمقراطية.
أتمنى أن يكون هناك تشديد على انسجام الرفاق مع قناعاتهم ومبادئهم من خلال سلوكهم الاجتماعي الأخلاقي بين الناس كي يكونوا قدوة مؤثرة وفاعلة فالمهم هو حامل الشعار وليس الشعار بذاته.

نهاية، أشد على أيديكم وأقول لكم:
في زمن العولمة والتجويع هناك حاجة ماسة لحزب ماركسي جماهيري سباق بأخلاقه وديمقراطيته ومواقفه القومية والوطنية المبدئية مشكلاً ضغطاً على القوى المتحكمة بلقمة الناس وجذباً للقوى الوطنية والشعبية الشريفة قائدا ًنضالها لنشر العدل والجمال والحرية وتحقيق الاشتراكية.

طرطوس ـ د. حسام علي

معلومات إضافية

العدد رقم:
178