محمد النحاس محمد النحاس

منبر النقاش حول: «ميثاق شرف الشيوعيين السوريين»

تتابع«قاسيون» النقاش حول «ميثاق شرف الشيوعيين السوريين». ويمكن للراغبين بالمشاركة إرسال آرائهم على عنوان الصحيفة، أو عبر البريد الالكتروني..

التابع المتحوِّل
إن الواجب الذي يقع على كاهلنا هو إنقاذ الرجاء، ولذا كصديق أكتب، هل يتحقق لنا إنقاذ الرجاء بالسكوت؟ لا بل بالوضوح.
يا أحزاب الجبهة، لا يمكنكم أن تعاملوا المناضلين في أحزابكم كأطفالٍ قاصرين يجب منع الحقيقة عنهم بغرض الاحتفاظ بهم. أنتم بحاجة إلى مناضلين راشدين لا يستمدون إيمانهم من مطامع في منصب أو جاه أو مال. بل من قضية ناضلوا أو يناضلون في سبيلها، وهل المطلوب هو التابع أم الرفيق؟
هل يمكن للتجربة التي مررنا بها أن توضح لنا معالم الطريق؟ أنحن قادرون؟ نعم أم لا.  هذه هي القضية، ولهذا كصديق أكتب فلست أملك لكائن من كان سوى النصيحة. إذا كنا نرغب في مستقبل أفضل فلنتذكر ما كتبه «إيزنهاور» بمذكراته «كنت أرى سورية بالمنام وأراها ستقود النضال ضد الولايات المتحدة وإسرائيل وتفتح الطريق لوحدة العرب بالتحالف مع الاتحاد السوفيتي»، فماذا جرى؟
ليست المسألة مجهولة الأسباب، فقد بدأت القصة مع ظهور الألعاب السحرية وتصفية الحسابات والخدع الأخلاقية التي انخرط فيها حفنات من الأشخاص والتزوير المدبر مما جعل اليأس يدب في قلوب الرفاق ويلقي بهم خارج المعترك السياسي. فكم من أخ ورفيق يرفض حتى مجرد النقاش أو الكلام، وكان شعلة تضيء الطريق.
ربما ليست لأحزابنا فلسفة وإيديولوجيا واستراتيجية عمل كاملة تشارك على أساسها ببناء الدولة والنضال لأهداف أمتنا. ولكننا نملك خميرة من القوى الراغبة بالتقدم وبناء المجتمع يقصد بها ما أعلن ونادى به تاريخ حركات وأحزاب ربما عاصرت الاستقلال.
غير أنه لن تكون لكل ذلك أدنى أهمية على الإطلاق إذا كانت المحاولات مستمرة باللعب على الحبال، وإلقاء الاتهامات كي يعلَّق هذا أو ذاك على الصليب، والإدعاء النضالي وقبول هذا الرأي ورفض أي رأي آخر هو المؤهل لاستلام الوظائف العليا أو منعها عن الآخر، في الدولة أو داخل المنظمات، ويمكن للمرء أن يتساءل ما إذا كانت بعض الوقائع وربما إبراز فلان ومؤتمره على التلفزيون ومنع الآخرين لا ترد إلى ما ذكرناه سابقاً من أسباب العلة.

أعرف أن رفاقاً آخرين وكثيرين سوف يتألمون حين يقرؤون هذه الأقوال فكل أحزاب جبهتنا تعاني نفس التمزق ونفس المأساة ولكننا لا نريد أن نيأس من المستقبل وأن نفاجأ كل يوم بانشطار جديد ومصلوب جديد وتقديم الابن والزوجة والتابع المتحول إلى الواجهة. وفلان مناضل بشرف وفلان بلا شرف.
إني أفهم المنعكس الطبيعي السليم لذلك الإنسان الذي يعرف جيداً معنى كلمة النضال وحمل العقيدة.إنه لا يستطيع أن يقاوم الأعداء إلا بقوة وتماسك منظمته ووضوح محتواها.
ولن نرفع رؤوسنا من جديد بغبطةٍ إلا في الوحدة المستعادة للمنظمات السياسية وديمقراطية المحتوى. فهل نجد هذه الوحدة إذا أغلقنا عيوننا عن تصرفات أولئك الذين يدمرونها، فهل نعترف بوجود الأزمة الوطنية وهذه الجراح التي تنزف في وحدة الحركات ومن المسؤول عنها وديمقراطية حل إشكالاتها.
ليس السكوت مساعدة. إن هذا السكوت ينتهي لأن يشابه اليأس، والخروج من مسألة مركزية في التوجه الوطني، أن تكون لدينا أحزاب وطنية وديمقراطية، عندها يمكن أن نتسلق طريق الرجاء ولن يكون هذا الطريق من يسوّد الوجوه أمام شعبنا بتشبثه بالكبرياء المجنون والانتهازية الشريرة.

ألا فلتفتح الأفواه، ولتمهد الطرق..
لقد افتتحت المناقشة من أجل تجديد عميق، ولن ندخل المستقبل ونحن نمشي القهقرى بشرط أن يعي كل واحد من المناضلين أنه مسؤول شخصياً عن هذا المستقبل، ويتوقف التابع عن لعق ذيل المتحول، إنها لحقيقة أليمة، أعرف أنها ستؤلم الكثيرين من المناضلين الحقيقيين، وإني لأفهمهم، ولذا يجب أن لا نهدهد أنفسنا بالأوهام أو الأكاذيب، يجب أن يفقأ الخرّاج ولا نستمر بالسكوت أمام الطعنات الرديئة المتكررة الموجهة إلى حركات تقدمية صنعت الكثير وتعلمنا من صواب توجهها وأخطائه  ليس السكوت مساعدة، هذا السكوت طريق اليأس وقد امتلأت مفاهيمنا  باليائسين، وقد كانوا شعل الطريق ومنارات الوطن.
ألا فلتفتح الأفواه على الحقيقة، وليبدأ النقد والنقد الذاتي أولاً. يعرف الجميع حقائق الخلاف، وأسباب الانقسامات وآثارها على بنية الوطن وقدرتهم على قيادة وطن تكاثرت عليه الذئاب، نحو القمة أو القاع؟
يصور لنا هذا المعنى الحوار الذي ينقله لنا القرآن الكريم، إذ يقول المستضعفون: «ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا، فأضلونا السبيلا، ربنا آتهم ضعفين من العذاب، والعنهم لعناً كبيراً»
وضرب رسول الله الأمثال في تقبل النقد والمعارضة والرأي الآخر فذات يوم وهو يوزع بعض الفيء على الناس، أخذ أعرابي نصيبه فاستصغره، وبسط يده بالسوء وجذب رسول الله من طوق ثوبه جذباً غير رقيق وقال: يا محمد زدني فليس هذا المال مالك ولا مال أبيك، واستل عمر سيفه صارخاً: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فابتسم الرسول في حنان رطيب وقال: «دعه يا عمر، إن لصاحب الحق مقالا!!»
ومن أجل ذلك، رأينا عمر بن الخطاب وهو الحصيف الأريب يبصر ابن مسعود سائراً ومن ورائه جماعة من مريديه، فيعدو وراءهم حتى يدركهم فيزجرهم عن ذلك قائلاً:
- إياكم أن تعودوا لمثلها أبداً، فإنها فتنة للمتبوع وذلة للتابع.
ومن أجل ذلك قال رسول الله (ص): «احثوا في وجوه المداحين التراب.»
«إذا عجزت أمتي أن تقول للظالم: يا ظالم، فقد تودع منها.»

فهل نقل أم نسكت، هدانا الله.

معلومات إضافية

العدد رقم:
174