بيان من الشيوعيين السوريين لا عيد ولا مكاسب عمالية بدون نضال ومقاومة

منذ مأثرة شهداء عمال  شيكاغو في أواخر القرن التاسع عشر، مروراً بكل الانتصارات و الإخفاقات التي شهدتها الحركة العمالية العالمية في نضالها ضد قوى رأس المال، يحتدم النضال وتتعدد ساحاته في كل أرجاء المعمورة ضد الإمبريالية و الصهيونية و الرجعية العالمية، من سياتل إلى دافوس ومن دوربان وبورتو إليغري، وصولاً إلى الانتفاضة الفلسطينية البطلة، رأس حربة المواجهة مع العولمة الوحشية التي يقودها التحالف الامبريالي - الصهيوني، يبرز أكثر فأكثر دور الشعوب ونضالها المتنامي في مقاومة العولمة وأدواتها.

إن نهاية المد الإمبريالي قد بدأ، وإن مرحلة الجذر التي عاشتها حركة التحرر العالمي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي انتهت. فعندما بدأت المظاهرات في السعودية ودول الخليج والمغرب العربي، مرورا بكل العواصم العربية، وتتلاقى معها بشكل أوسع مظاهرات الاحتجاج في العواصم الرأسمالية ضد المجازر الصهيونية التي يتعرض لها شعب فلسطين المكافح ومقاومته الباسلة، وضد الولايات المتحدة الأمريكية رأس الإرهاب في العالم، فهذا لايعني فقط بداية نهوض حقيقي لحركة التحرر العالمية، وعلى صعيد كل بلد من بلدان العالم بل يعني أيضاً عودة شعار: «يا عمال العالم ويا أيتها الشعوب المُضطَهَدة اتحدوا»!، في مواجهة التحالف الإمبريالي - الصهيوني الذي يهدد البشرية بالفناء.

لقد صمد أبطال مخيم جنين حتى الاستشهاد، وهاهم أبناء الشهداء يصفعون الإدارة الأمريكية المجرمة ويعلنون من فوق الركام وبين أشلاء آبائهم المتناثرة في أرجاء المخيم:

«نموت جوعا كالشجر واقفين ولا نقبل المساعدات الغذائية من أمريكا»!.

وردّوها فعلا من حيث أتت، بعد أن داستها أقدام الأطفال الذين حملوا راية صمود آبائهم الأسطورية في الدفاع عن الوطن. فأطفال مخيم جنين، رغم جوعهم، كانوا الأوائل في مقاطعة البضائع الأمريكية، فمن العار على أي عربي أن لا يحذو حذو هؤلاء الأبطال.

لقد كانت الطبقة العاملة العربية دائماً في طليعة القوى المناضلة ضد الامبريالية ومخططاتها في المنطقة، وهي اليوم مدعوة أن تطور شعار مقاطعة البضائع الأمريكية ليتحول إلى اضراب عن تحميل أو تفريغ البضائع الأمريكية في الموانئ والمطارات ونقاط الحدود العربية. كما أن مقاطعة جميع الشركات الأمريكية ووكلائها سيكون أحد الأسلحة الفعالة للوقوف بوجه التحالف الاستراتيجي بين اسرائيل الصهيونية والامبريالية الأمريكية.

إن عيد الأول من أيار يأتي في هذا العام في ظروف تتأكد فيها فكرة أن لااستقلال للوطن دون مقاومة العولمة الامبريالية المتوحشة المنفلتة من عقالها، والتي تريد أن تتحكم بشكل نهائي في موارد الكرة الأرضية وبشرها.

إن مقاومة تجليات العولمة داخلياً تصبح من المهمات الكبرى للطبقة العاملة. فالبرجوازية الطفيلية المتواطئة مع برجوازيين بيروقراطيين تريد تصفية الاستقلال الوطني عبر تصفية قطاع الدولة الذي عملت على نهبه خلال السنوات الطويلة الماضية، مما أدى إلى إضعافه وتراجع دوره، وهي تريد عبر تصفية هذا القطاع ضرب جميع المكتسبات التي حققتها الطبقة العاملة في خلال عشرات السنين الماضية. إن الإصلاح الاقتصادي المطلوب الذي يستجيب لمقتضيات المصلحة الوطنية، هو الاصلاح الذي يلبي مصلحة الجماهير الواسعة وينعكس ايجابياً على مستوى معيشتها، ولذلك فإن  عمليات إنشاء البنوك الخاصة والأسواق المالية لايمكن أن تُحسب على الاصلاح الاقتصادي الذي تريده الطبقة العاملة، لأن إجراءات كهذه ستخرب في نهاية المطاف، الاقتصاد الوطني وتلحق الضرر بالسيادة الوطنية، وستنعكس سلباً على مستوى معيشة الجماهير الشعبية المتدهور أصلاً.

إن الاصلاح الذي تريده الطبقة العاملة يتطلب أولاً التجاوب مع مطالبها في التخفيف من حدة التفاوت بين الأجور والأسعار عن طريق إعادة النظر بالسياسة الأجرية جذرياً. ويتطلب إيقاف النهب البرجوازي الطفيلي للاقتصاد الوطني، مما يستوجب توسيع اطلاق الحريات الديمقراطية. كما يتطلب التجاوب مع مقترحات وبرنامج الحركة النقابية المتضمن تصوراتها الأساسية حول الاصلاح بما فيها السماح للطبقة العاملة باستخدام كافة أسلحتها القادرة على تحقيق مطالبها المشروعة والملحة بما فيها حق الاضراب.

وبكلمة، فإن الاصلاح المطلوب والفعال هو اصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي وإداري، أي ديمقراطي شامل، يكون قادراً على تجاوز أشكال الإدارة الحالية المعيقة والتي ساهمت في تكوّن وانتعاش البرجوازية الطفيلية والبرجوازية البيروقراطية اللتين أنتجتا الفساد مما سبب خللاً حاداً في توزيع الدخل الوطني.  

فلا عيد ولا مكاسب ولا استقلال بدون نضال ومقاومة. فالوطن في خطر والعمال هم كما كانوا دائماً، حماة الوطن وسياجه في وجه الغزاة فيا عمال سورية ودنيا العرب اتحدوا في مواجهة المخططات الصهيونية في المنطقة وكونوا الأداة التي ستعمل من أجل الحفاظ على كرامتنا الوطنية.

التحموا مع شارعكم الوطني ولا تنسوا ما قمتم به إبا ن العدوان الثلاثي على مصر الشقيقة عام / 1956 /.
تتغير وجوه الغزاة ويبقى الإرهاب صهيونياً والسلاح أمريكياً ولا انتصار إلا بخيار المقاومة الشاملة.

دمشق 1 أيار 2002
لجنة متابعة تنفيذ ميثاق شرف الشيوعيين السوريين

معلومات إضافية

العدد رقم:
174